وثائق العراق أكبر عملية تسريب عسكرية في تاريخ البنتاغون

«الجزيرة» استبقت الموعد.. ولا إشارة إلى دور للمالكي في الوثائق

TT

فيما يعد أكبر عملية تسريب أسرار في تاريخ المؤسسة العسكرية الأميركية أتاح أمس موقع «ويكيليكس» المتخصص بنشر الوثائق السرية نحو 400 ألف وثيقة عسكرية خام عن حرب العراق خلال 6 سنوات وبعضها يعود تاريخه إلى عام 2009 أبرز ما فيها إحصاء 15 ألف مدني عراقي قتلوا ولم يتم إحصاؤهم بما يرفع عدد القتلى العراقيين فوق الـ100 ألف، كما تقدم الوثائق الخام حالات مفزعة لعنف في ذروة العنف عندما قتل مئات على نقاط التفتيش، ودور المتعاقدين الأميركيين في عمليات العنف. كما تشير الوثائق إلى فشل القوات الأميركية في التدخل في حالات تعذيب على أيدي القوات العراقية. وقدم موقع «ويكيليكس» 391 ألفا و832 وثيقة تغطي الفترة من 2004 إلى 2009، وهي أرقام مضاعفة عن الوثائق التي أتاحها سابقا وأثارت ضجة عن حرب أفغانستان.

ورغم أن الوثائق تبدو أصلية كما علقت «أسوشييتد برس» فإن مصدرها غير معروف ورفض الموقع تقديم أي معلومات حولها وتبدأ الوثائق من بداية 2004 حتى يناير (كانون الثاني) 2010 لتقدم رؤية ضابط أميركيين صغار في الميدان. ورفض البنتاغون تأكيد أصلية هذه الوثائق لكنه خصص 100 محلل لدراسة الوثائق المسربة. وأدان متحدث باسم البنتاغون نشر هذه الوثائق باعتباره عملا مخجلا يهدد الأمن القومي الأميركي ويضع القوات الأميركية في خطر، وقال إن هناك 300 عراقي تشير إليهم الوثائق قد يتعرضون لاعتداءات وتحاول القوات الأميركية حمايتهم. وقالت «أسوشييتد برس» إن «ويكيليكس» قدمت لها نسخة مراقبة من الوثائق شطبت منها الأسماء والدول والجماعات.

وكانت «ويكيليكس» قد أتاحت نسخا أكثر شمولا إلى مؤسسات صحافية أخرى بشكل مسبق، وقالت «أسوشييتد برس» إنها عندما طلبت من «ويكيليكس» نسخة أكثر شمولا ردت بأن عليها أن تتقدم بطلب بذلك وهي سترد خلال يومين وعندما سألت لماذا؟ أغلق الهاتف، وعندما ظهر المسؤول في نادي فرونت لاين كلوب لاحقا وسئل مجددا رد قائلا لن آخذ أسئلة أخرى. ولم يعرف ماذا كان «ويكيليكس» التي تعهدت بنشر وثائق إضافية عن أفغانستان لديها المزيد من الوثائق عن حرب العراق. كما لم يكن واضحا ماذا كان قد أزالت الأسماء من الوثائق استجابة لقلق البنتاغون.

وقد أتيحت الوثائق بشكل مسبق لـ«الغارديان» البريطانية و«الجزيرة» القطرية و«نيويورك تايمز» و«دير شبيغل» الألمانية و«لوموند» الفرنسية والقناة التلفزيونية الرابعة في بريطانيا.

وبينما كان هناك اتفاق على موعد الساعة العاشرة مساء أمس بتوقيت لندن لتبدأ هذه المؤسسات في بث الوثائق كانت قناة «الجزيرة» أول من بدأ بث الوثائق، وأكد متحدث في «الغارديان» لـ «الشرق الأوسط» أن القناة خرقت الاتفاق وبثت مبكرا عن الآخرين. من جهة أخرى تباين اهتمام المؤسسات الصحافية التي حصلت على الوثائق مبكرا في تغطياتها التي أفردت لها صفحات ولم يكن هناك أي إشارة في «الغارديان» أو «نيويورك تايمز» إلى نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي بالاسم في قضايا فرق الرعب التي أشارت إليها الوثائق التي حصلت عليها «الجزيرة».

ورغم أن رئيس وزراء العراق نوري المالكي انتقد موقع «ويكيليكس» لنشره وثائق عسكرية أميركية عن حرب العراق، وفيها وثائق عن تعذيب جنود وشرطين عراقيين لمعتقلين عراقيين، وقال إن توقيت نشر الوثائق متعمد لإحراج حكومته، وإن التعذيب لم يحدث في عهده، توضح تواريخ بعض الوثائق أن التعذيب ارتكب بعد أن صار المالكي رئيسا للوزراء في مايو (أيار) سنة 2006.

وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» التي نشرت بعض وثائق التعذيب: «من أسوأ الأمثلة على إساءات لحقت بعراقيين على أيدي الحكومة العراقية بعد سنوات من بداية الحرب في سنة 2003، حدثت في وقت لاحق، في أغسطس (آب) 2009». وقالت وثيقة، في ذلك التاريخ، إن الشرطة العراقية كتبت تقريرا عن انتحار معتقل. ولكن، أجريت عملية تشريح الجثة بحضور عسكري أميركي، و«وجدت كدمات وحروق على جسد المعتقل، فضلا عن إصابات واضحة على الذراع والرأس والجذع والساقين والرقبة». ونقلت الوثيقة على لسان الشرطة العراقية أنها «بدأت التحقيق في الموضوع». وهناك وثيقة أخرى، في ديسمبر )كانون الأول) سنة 2009 عن شريط فيديو فيه 12 جنديا عراقيا، بينهم ضابط استخبارات، في تل العفر، «يطلقون النار حتى الموت على سجين كانت يداه مقيدتين». وذكرت الوثيقة أن المعلومات أولية، ولم يكن واضحا إذا كان تحقيقا سوف يجرى عن الموضوع.

وهناك وثيقة من أغسطس سنة 2006، بعد ثلاثة شهور من تولى المالكي رئاسة الوزارة، فيها أن «عسكريا أميركيا في الرمادي سمع صوت الجلد في مركز للشرطة العراقية العسكرية، وشاهد ضابطا عراقيا يستخدم كابلات كهربائية لضرب قدم معتقل. أوقفه الأميركي، ولكن في وقت لاحق شاهد الأميركي الضابط نفسه يجلد نفس الشخص على ظهره». ومن الوثائق التي سجلت عمليات التعذيب قبل أن يصبح المالكي رئيسا للوزراء، وثيقة من سنة 2005، فيها: «قال معتقل عراقي كان عذب لجنود من مشاة البحرية الأميركية إن معاملتهم مختلفة عن معاملة العراقيين، وإنهم عاملوه بشكل جيد جدا، وإنه ممتن وسعيد لرؤيتهم».

وقالت «وول ستريت جورنال» إنه لا يوجد حتى الآن في الوثائق التي تم الاطلاع عليها ما يشير إلى أن المالكي لديه علم مباشر بما كان يحدث من حالات تعذيب.

وقالت وثيقة من سنة 2005: «منذ وقت مبكر، صار واضحا أن المساحة في المعتقلات محدودة للمحتجزين. لهذا، كانت الشرطة العراقية تخزن المعتقلين في سجون مؤقتة. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) وجد الجنود الأميركيين 95 محتجزا، وكان كل واحد معصوب العينين، مع قروح وكسور في العظام. وكانوا كلهم محشورين في مركز الشرطة».