حملة عسكرية لملاحقة العولقي و«القاعدة» في مديرية الصعيد بشبوة

اليمن: إحباط هجمات مسلحة في عدن.. وبدء محاكمة متهمين بتفجيرات فيها

TT

كشفت السلطات اليمنية، أمس، عن إحباط مخطط لهجمات إرهابية وعن اعتقال أفراد عصابة كانت تخطط لتنفيذ سلسلة تفجيرات وأعمال تخريبية في مدينة عدن، كبرى مدن جنوب البلاد التي بدأت فيها، أمس، محاكمة 5 أشخاص بتهمة التورط في التفجيرات التي جرت في مبنى نادي الوحدة الرياضي في المدينة الأسبوع الماضي، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، وتزامنت هذه التطورات مع حملة أمنية واسعة النطاق لملاحقة عناصر تنظيم القاعدة في محافظة شبوة ويعتقد أنها تهدف إلى اعتقال المتشدد الأميركي من أصل يمني أنور العولقي.

وأعلنت وزارة الداخلية اليمنية أن أجهزتها الأمنية في مدينة عدن اعتقلت يوم 6 من الشهر الجاري 6 أشخاص متورطين في شبكة كانت تخطط للقيام بـ«أعمال تخريبية في المحافظة، والقيام بأعمال تستهدف الأمن والاستقرار»، وقال مركز الإعلام الأمني إن أجهزة الأمن اعتقلت في البداية شخصا يدعى صالح البريكي الذي يبلغ من العمر 30 عاما، وذلك أثناء محاولته وضع متفجرات في إحدى المنشآت الحيوية، وأشارت إلى أن الموقوف كان بحوزته كيس بلاستيكي يحتوي على «عبوة ناسفة تي إن تي قوتها 1800 غرام مع صاعق وساعة توقيت وحبل قابل للاشتعال»، وإلى أنه اعترف في التحقيقات التي أجريت معه بوجود 7 شركاء آخرين معه لتنفيذ «العمل التخريبي»، والتخطيط معا من أجل تنفيذ «أعمال تخريبية أخرى في المحافظة بهدف تكدير السلم الاجتماعي والإضرار بالمصلحة الوطنية العليا للبلاد». وقالت الداخلية إن أجهزتها تمكنت من اعتقال 5 متهمين إلى جانب البريكي، بينما ما زال المتهمان الآخران فارين من وجه العدالة.

وتحتضن مدينة عدن ومحافظة أبين بعد نحو 27 يوما بطولة «خليجي 20» التي ستقام للمرة الأولى في اليمن، وقد شرعت السلطات اليمنية، منذ عدة أيام، في تطبيق الخطة الأمنية الخاصة بحماية وتأمين البطولة مع تزايد الحوادث الأمنية في جنوب البلاد، وتحشد السلطات اليمنية جل طاقاتها البشرية والأمنية والعسكرية والتقنية لتأمين هذه البطولة التي يعتبر المسؤولون اليمنيون إقامتها ونجاحها من أكبر التحديات التي تواجههم. وقال وزير الداخلية اليمنية، اللواء الركن مطهر رشاد المصري، إن «خليجي 20» بالنسبة للأجهزة الأمنية «بدأت من اليوم»، وكان المصري يتحدث، أمس، أمام القيادات الأمنية في محافظة لحج، لذلك أكد أن يتحلى منتسبو الأجهزة الأمنية بـ«اليقظة ومتابعة كل المخلين وملاحقتهم لأن الإجراءات الأمنية هي دائما السباقة للحد من الجريمة». وأكد الوزير اليمني أن إقامة البطولة يعد «تحديا، ليس للأجهزة الأمنية فقط، بل لكل المخلصين والوطنيين والشرفاء، وهو ما يتطلب من الجميع الاستعداد الجيد لإنجاح هذا الحدث الكبير».

وذكر وزير الداخلية اليمني أن هناك من يسعى إلى إفشال البطولة وإقلاق السكينة العامة، مشيرا إلى أن «الأجهزة الأمنية تمكنت في زمن قياسي لا يتجاوز 12 ساعة من إلقاء القبض على بعض الأشخاص الذين حاولوا أن يعملوا على إقلاق السكينة العامة وإفشال خليجي 20»، والذين يمثلون حاليا أمام القضاء، واعتبر المصري ذلك «إنجازا أمنيا»، وأرجعه إلى «التعاون والتنسيق المباشر بين الأجهزة الأمنية والسلطات المحلية في المحافظات الثلاث أبين - لحج - الضالع، وكذا في محافظة عدن».

واعتبر وزير الداخلية اليمني محافظة لحج، التي يزورها حاليا، بمثابة «الحزام الأمني لمحافظة عدن باعتبارها المدخل الرئيسي للمحافظة»، وقال إن الوزارة قامت برفد المحافظة بعدد من الوحدات الأمنية والعسكرية، وفقا لخطة الانتشار الأمني الخاصة بتأمين البطولة، داعيا الجميع إلى أن «يتحلوا بروح المسؤولية وأن يشعر كل فرد من الأجهزة الأمنية وخارجها بأنه المسؤول الأول عن تحقيق الأمن وإنجاح هذه الفعالية الهامة»، وعبر عن حرص الوزارة على «ملامسة تفعيل الإجراءات الأمنية في المحافظة»، مشددا على أن «يكون أداء الأفراد ووضعهم جيدا مع الالتزام بالزي العسكري أثناء تأدية الواجبات والمهام ومعاملة المواطنين بعيدا عن أي استفزاز لمشاعرهم، وأن تكون هناك جاهزية أمنية تعزز من ثقة المجتمع بأبنائه في الأجهزة الأمنية».

في هذه الأثناء، بدأت محكمة أمن الدولة والإرهاب الجزائية المتخصصة في عدن، أمس، محاكمة 5 أشخاص وجهت إليهم التهم بالتورط في تفجيرين وقعا في مبنى نادي الوحدة الرياضي في مديرية الشيخ عثمان مساء يوم 12 من الشهر الجاري، أسفرا عن مقتل 4 أشخاص وإصابة ما لا يقل عن 20 آخرين. ووجهت نيابة أمن الدولة إلى المتهم الأول فارس عبد الله صالح (25 عاما) تهمة «القيام بتفجير عبوتين ناسفتين من نوع تي إن تي بواسطة ريموت كنترول داخل نادي الوحدة الرياضي بالشيخ عثمان وعند بوابته»، بالإضافة إلى «شروعه في تفجير محطة الهاشمي للمشتقات البترولية وحيازة سلاح ناري دون ترخيص».

ووجه الادعاء العام اليمني إلى المتهمين الأربعة الآخرين تهمة «التستر على المتهم الأول بإخفائه في أحد الفنادق وإخفاء أدوات التفجير»، ورفعت المحكمة جلساتها إلى الأربعاء المقبل.

على صعيد متصل بالحرب على الإرهاب في اليمن، قالت مصادر محلية وشهود عيان في محافظة شبوة لـ«الشرق الأوسط» إن حملة عسكرية بدأت، أمس، قوامها أكثر من 2000 جندي معززة بمئات المسلحين من رجال القبائل الموالية للحكومة، وذلك لملاحقة عناصر يعتقد بانتمائهم لتنظيم القاعدة، وفي المقام الأول المتشدد الأميركي من أصل يمني أنور العولقي. وتوجهت الحملة العسكرية إلى مديرية الصعيد، معقل العولقي وقبائله التي يعتقد أنه يختبئ لديها.

وذكرت المصادر المطلعة أن اللواء سالم قطن، نائب رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش اليمني ومعه محافظ المحافظة، الدكتور علي حسن الأحمدي، يشرفان على الحملة الأمنية التي وزع أفرادها على فرق قتالية، قامت بتطويق المديرية الجبلية وذات التضاريس الوعرة. وقال شهود العيان إن المسؤولين المذكورين ظهرا يحملان أسلحتهما الشخصية، خاصة أنهما تعرضا، الشهر الماضي، لمحاولة اغتيال، نجيا منها، قبل أن توجه أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة بالتورط في تلك المحاولة.

ووقعت السلطات المحلية وقبائل العولقي في شبوة، مؤخرا، اتفاقا قضى بتجهيز مئات المسلحين كميليشيا محلية - قبلية للقيام بملاحقة عناصر تنظيم القاعدة في المنطقة، بعد تزايد أنشطتهم هناك، وتعد هذه هي الحملة الثانية من نوعها، بعد الحملة المماثلة التي جرت، الشهر الماضي، على مدينة الحوطة، في مديرية ميفعة، والتي دارت فيها مواجهات عنيفة دامت أكثر من أسبوعين، قبل أن تعلن السلطات تطهير المدينة من عناصر «القاعدة». غير أنه، وحتى اللحظة، لم يعلن عن وقوع أي مواجهات عسكرية مسلحة في صعيد شبوة، على غرار تلك التي دارت في الحوطة بشبوة ولودر ومودية في محافظة أبين المجاورة.

وعلى الرغم من أن السلطات اليمنية أعلنت، في السابق، أنها لن تسلم أنور العولقي إلى الولايات المتحدة التي تطالب به، فإنها بدأت هذه الحملة المتوقعة، منذ فترة، والتي تزامنت مع ظهور الداعية المتشدد في شريط مصور على شبكة الإنترنت وهو يتحدث عن قضايا تتعلق بـ«القاعدة» والجهاد وغيرهما من القضايا ذات الصلة بالتشدد الديني. وتطالب واشنطن برأس العولقي حيا أو ميتا، بعد توجيه الاتهام إليه بالتورط في التحريض والتأييد على تنفيذ عمليات إرهابية في الولايات المتحدة، منها: اتضاح علاقته بالنيجيري الشاب عمر الفاروق عبد المطلب الذي حاول عشية عيد الميلاد الماضي تفجير طائرة أميركية في سماء مدينة ديترويت، وأيضا علاقته بالضابط الأميركي من أصل فلسطيني نضال مالك حسن الذي قتل قرابة 13 من زملائه في قاعدة عسكرية بالولايات المتحدة.