معلومات متضاربة حول ملف «شهود الزور» وخيارات حسمه أو تأجيله بمبادرة من الرئيس اللبناني

وزير من «14 آذار» لـ «الشرق الأوسط»: جنبلاط بات في الجبهة الأخرى

TT

تضاربت المعلومات حول الخلاصة التي ستنتهي إليها جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد غدا في القصر الجمهوري في بعبدا، خصوصا لجهة بحث البند المتعلق بما يسمى ملف «شهود الزور»، والبت بمسألة إحالته إلى المجلس العدلي بحسب رغبة المعارضة أو إلى القضاء العادي وفقا لما أوصى به تقرير وزير العدل إبراهيم نجار ورغبة فريق «14 آذار» داخل الحكومة. ويصعب التكهن بما ستكون عليه أجواء الجلسة، لكن رغم التطمينات التي تؤشر إلى أن الملف ذاهب إلى تأجيل إضافي توفيرا لمزيد من فرص التوافق حوله، لا تستبعد بعض المصادر أن تكون الجلسة الحكومية عاصفة، في ظل ما نقل عن رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط إثر عودته من دمشق، بأنه نصح رئيس الحكومة سعد الحريري بإحالة الملف إلى المجلس العدلي وإلا فإن الأمور متجهة إلى التصويت، سيما أن هذه المعلومات تتقاطع مع معلومات مماثلة سربت خلال وجود رئيس مجلس النواب نبيه بري في دمشق ولقائه الرئيس بشار الأسد، مفادها أن القيادة السورية نصحت بري بالإسراع في البت في ملف «شهود الزور» في مجلس الوزراء حتى لو اقتضى الأمر اللجوء إلى التصويت.

وفي هذا الإطار علق وزير من فريق «14 آذار» على موقف جنبلاط من هذا الملف وغيره، فقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن هناك الكثير من علامات الاستفهام حول مواقف (النائب) وليد جنبلاط الأخيرة، والتي تظهر أنه لم يعد في الوسط؛ لأنه التحق بجماعة (8 آذار)». وقال الوزير، الذي رفض ذكر اسمه: «لم نعد نفهم على وليد جنبلاط الازدواجية التي يعتمدها، فهو يقول إنه ملتزم بالحكومة وبالبيان الوزاري وبالمحكمة الدولية والعدالة، ثم يطالب رئيس الحكومة بالتخلي عن المحكمة وإسقاطها، ويتبنى مواقف سورية وحلفائها في ملف شهود الزور، مخيرا رئيس الحكومة بين إحالته إلى المجلس العدلي أو الذهاب إلى التصويت استجابة لرغبة (حزب الله) ودمشق»، معتبرا أن «خطاب جنبلاط لم يعد يفاجئنا؛ لأنه بات في جبهة (8 آذار) ومنسجما مع توجهاتها وخياراتها». وأضاف الوزير: «معلوماتنا تفيد بأن الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية لن يصوتوا على إحالة قضية شهود الزور إلى المجلس العدلي باستثناء الوزير عدنان السيد حسين، لكن لم ننتظر مفاجأة من وزراء جنبلاط إلا إذا تغيرت المعطيات لديه». ولم يستبعد أن «يسارع وزراء المعارضة إلى طرح هذا الملف على النقاش والحسم، على الرغم من أن الرئيس سليمان أرجأه إلى وقت غير محدد، إفساحا في المجال أمام مزيد من المشاورات وإعطاء الفرصة للتوافق عليه»، معتبرا أنه «إذا ثبتت المعلومات التي تحدثت عن تأخر صدور القرار الاتهامي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري حتى مارس (آذار) المقبل، فإن وزراء المعارضة سيسيرون في تأجيل قضية شهود الزور، أما إذا تبين أن القرار سيصدر قبل نهاية هذا العام فإنهم سيستعجلون البت فيه بأسرع وقت؛ لأن هدفهم حسم إحالته إلى المجلس العدلي قبل القرار الاتهامي»، مؤكدا أن «هناك مواقف عربية وإقليمية ودولية تشدد على تحصين المؤسسات اللبنانية، بينها موقف الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي أطلقه في قصر بعبدا، أما إذا كان ثمة اتجاه لهز الاستقرار لضرب الحكومة من خلال بدعة شهود الزور فإن هذا يكون مقررا من الخارج وتحديدا من طهران».

ولفت وزير الدولة ميشال فرعون إلى أن «ملف شهود الزور ما زال عالقا في مجلس الوزراء وإذا كان هناك إجماع حول هذا الملف فلا يجب أن تنقسم الحكومة وتجب إحالته إلى القضاء واحترام مبدأ فصل السلطات»، مؤكدا أن «الإحالة إلى المجلس العدلي غير مبررة بأي شكل». وتابع: «لدينا قلق من إحالة ملف الشهود الزور إلى المجلس العدلي، أولا: لأنه ليس مبررا، وثانيا: خشية أن يكون هناك هدف من خلاله لضرب المحكمة الدولية، وكل ما نطلبه ألا يكون هناك تصويت بل أن يسود المنطق». وعن إمكانية حصول الفتنة، رأى فرعون أن «المبرر الأساسي لموضوع الفتنة غير موجود، وبالنسبة لملف شهود الزور فهذا الأمر لن يوصل إلى الفتنة؛ إذ إن تصريحات الفرقاء في الداخل والفرقاء الإقليميين لا تريد الفتنة».

وقد أكدت وزيرة الدولة منى عفيش أن الرئيس ميشال سليمان «لم يتوقف عن إجراء المشاورات والحوار للوصول إلى حل، في ملف شهود الزور، وهذا الحوار لم ينقطع وهو يشمل كل الفرقاء داخليا وخارجيا». وقالت: «تعودنا داخل مجلس الوزراء أن نأخذ جميع الأمور بالتوافق، فيجب أن نحل هذا الملف بالتوافق وأن نصل إلى وفاق، وفخامة الرئيس يسعى بكل جهده من أجل الوصول إلى حل وفاقي، ويجب ألا نصل إلى التصويت في هذا الملف». وردا على سؤال قالت عفيش: «لا أعرف بالضبط إذا كان الملف سيطرح في جلسة الأربعاء (غدا)، ولكنْ لدينا وقت من هنا إلى الأربعاء لنصل إلى حل، وإذا لم نصل سنواصل الجهود للوصول إلى توافق حول هذا الأمر».

ورأى عضو كتلة «المستقبل»، النائب عمار حوري، أن «كلام الفريق الآخر عن شهود الزور يجب أن يترجم إلى ملفات قانونية، لكن حتى هذه اللحظة لا يوجد ملف قانوني اسمه شهود الزور». وأشار إلى أن «ما يعرض اليوم على طاولة مجلس الوزراء في موضوع شهود الزور هو عنوان بلا ملف»، وسأل: «لنفترض أن مجلس الوزراء قرر إحالة هذا الموضوع فما هذا الموضوع الذي سيحيله؟».

واعتبر عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب قاسم هاشم أن «الفرصة ما زالت مواتية لإخراج لبنان من دائرة الفتن والمؤامرات الدولية، ومفتاح ذلك يكمن في تحويل ملف شهود الزور إلى المجلس العدلي من دون أي تباطؤ أو تلكؤ والأخذ بالمعطيات والقرائن التي غض الطرف عنها التحقيق الدولي ولم يتم التعاطي معها بجدية كي لا يتحول الاتهام إلى العدو الإسرائيلي ودوره، خصوصا بعد كشف شبكات التجسس ودورها في اختراق الاتصالات وشبكاتها ومدى قدرته على التلاعب بالمعطيات وأدلتها».

وشدد عضو كتلة «حزب الله»، النائب نوار الساحلي، على أن «الحل الوحيد في هذا البلد هو أن نجلس ونتفق، والمدخل لذلك هو محاكمة شهود الزور بعد إحالتهم إلى المجلس العدلي لمعرفة من وراء الشهود ومن لقنهم الأقوال التي أدلوا بها أمام المحقق العدلي اللبناني أو ما يسمى بالتحقيق الدولي». وأكد أن «الحل لمصلحة كل لبنان وليس لمصلحة فريق سياسي أو طائفة أو مذهب؛ لأنه إذا عرفنا من كان وراء هؤلاء، ربما نصل إلى معرفة من اغتال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، وربما هناك رابط بين القرائن التي قدمها الأمين العام لـ(حزب الله) السيد حسن نصر الله وبين مفبركي شهود الزور، وربما وصلنا إلى العدو، وربما من خلال التحقيقات نجد دورا للعملاء، فليؤتَ بهؤلاء ولنضبط أقوالهم في محاضر وليعرف الشعب اللبناني ماذا حصل».

ولفتت عضو المكتب السياسي في تيار «المردة»، فيرا يمين، إلى أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان «يسعى لإيجاد المخرج الملائم لملف شهود الزور»، مشيرة إلى أن «التوجه بالمخرج الملائم يجب أن يكون باتجاه المجلس العدلي؛ لأنه، قانونيا، هذا المنطق الصحيح». ورأت أن رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط «بات خارج المنطقة الرمادية قبل توجهه إلى سورية». واعتبرت أن «مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفيري فيلتمان بزيارته الخاطفة إلى لبنان أوصل الإشارات التي يريد، وهناك على ما يبدو اليوم لعبة وقت من الفريق الآخر بانتظار تطورات معينة». ولفتت إلى أنه «لم يعد هناك من محكمة دولية، وقد ألغت نفسها بنفسها، وبعد التجارب التي حصلت يجب أن نتخذ موقفا واضحا وصريحا مما يسمى المحكمة الدولية». وأشارت إلى أن «ما يقوم به رئيس الحكومة سعد الحريري لا يعتبر تنازلا بل هو قراءة سياسية موضوعية، فاعترافه بشهود الزور هو اعتراف بأمر واقع».