أحكام بالإعدام على طارق عزيز واثنين من المسؤولين السابقين في قضية «تصفية الأحزاب الدينية»

نجل نائب صدام لـ«الشرق الأوسط»: كان يجب محاكمة المالكي الذي حاول حزبه قتل والدي عام 1980

صورة لطارق عزيز خلال مقابلة صحافية أُجريت معه في 5 سبتمبر الماضي في السجن (أ.ب)
TT

وصف زياد، النجل الأكبر لطارق عزيز، نائب الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، حكم إعدام والده بـ«القاسي وغير المتوقع»، معتبرا هذا الحكم «عملية انتقام من النظام السابق ومن والده الذي أراد حزب الدعوة الإسلامية قتله عام 1980 عند مدخل الجامعة المستنصرية»، في جانب الرصافة من بغداد.

كانت المحكمة الجنائية العليا ببغداد قد أصدرت، أمس، أحكاما بالإعدام «شنقا حتى الموت» على المسؤولين العراقيين السابقين الثلاثة: طارق عزيز وسعدون شاكر وعبد حميد حمود، بعد إدانتهم في قضية «تصفية الأحزاب الدينية». وأوضحت المحكمة أن الأحكام صدرت عليهم لملاحقتهم الشيعة بعد محاولة الاغتيال التي نجا منها الرئيس الأسبق صدام حسين في 1982 في الدجيل.

وقال القاضي محمود صالح الحسن خلال الجلسة إن «المحكمة حكمت على طارق عزيز عيسى بالإعدام شنقا حتى الموت ومصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة لكفاية الأدلة المتحصلة بحقه». وأضاف أن الحكم على عزيز جاء «لارتكابه واشتراكه بالقتل العمد ضد الإنسانية ولارتكابه والاشتراك بجرائم ضد الإنسانية»، مشيرا إلى أن المحكمة حكمت على عزيز أيضا «بالسجن 15 سنة لارتكابه التعذيب كجريمة ضد الإنسانية والسجن 10 سنوات لاشتراكه في جرائم ضد الإنسانية». وأعلن الحسن أن «المحكمة قررت تنفيذ العقوبة الأشد بحق المدان».

من جهته، قال محمد عبد الصاحب، المتحدث باسم المحكمة الجنائية، لوكالة الصحافة الفرنسية: إن الأحكام صدرت على القياديين الثلاثة السابقين «لملاحقتهم الأحزاب الدينية التي جرت في ثمانينات القرن الماضي».

وفي أول رد فعل لزياد طارق عزيز، قال لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من عمان: «لم نكن نتوقع مثل هذا الحكم القاسي وقد فوجئنا به، لا سيما أن والدي لا علاقة له بقضية الأحزاب الدينية أو ملاحقتها، والمحكمة تعرف ذلك جيدا؛ إذ لم يتدخل والدي في الشؤون الدينية في العراق على الإطلاق»، في إشارة إلى ديانتهم الأصلية (المسيحية). وأضاف: «إن هذا الحكم جاء انتقاما من نظام الرئيس (العراقي الأسبق) صدام حسين ومن والدي، الذي أراد حزب الدعوة الإسلامية الحاكم في العراق اليوم أن ينتقم منه؛ لأن هذا الحزب فشل في اغتيال والدي عام 1980، وإن والدي كان ضحية الأحزاب الدينية»، منوها بأنه «كان الأولى للمحكمة التي يفترض بها أن تكون عادلة ونزيهة أن تحاكم من حاول اغتيال والدي عام 1980 ورئيس حزب الدعوة، وهو رئيس الوزراء نوري المالكي، لا أن تحكم على إنسان بريء وكان ضحية الأحزاب الدينية بالإعدام».

واتهم نجل طارق عزيز محكمة الجنايات الخاصة بأنها «مسيسة وتأخذ أوامرها من رئيس الوزراء العراقي، كما فعلت بإعدام الرئيس صدام حسين وغيره»، مشددا على أن «الأحداث اليومية ووثائق وزارة الدفاع الأميركية التي كشف عنها موقع (ويكيليكس) أثبتت بما لا يقبل الشك أن الحكومة العراقية الحالية ورئيسها قد اقترفوا جرائم ضد العراقيين وأنهم يجب أن يخضعوا للمحاكمة وليست محاكمة رجل بريء عُرف عنه اهتمامه بالثقافة والإعلام ومثل العراق دبلوماسيا في المحافل الدولية». وقال: «والدي لم يحظ بدفاع حقيقي، بل تم تعيين محام عنه من قبل المحكمة؛ لهذا نحن لا نتوقع أي تغيير في قرار المحكمة التمييزية، إن الحكومة سوف تقتل والدي بالفعل».

يذكر أن قرارات المحكمة الخاصة تحال إلى محكمة تمييزية تابعة لها، وبعد صدور القرار التمييزي ينفذ حكم الإعدام من غير الحاجة حتى إلى مصادقة رئاسة الجمهورية، حسبما يقضي قانون المحكمة.

من جهته، أكد بوشو دزه ئي، وكيل وزارة العدل لشؤون السجون العراقية قرار الحكم، وقال لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، أمس: «نحن جهة تنفيذية لا علاقة لنا بقرار الحكم»، مشيرا إلى أن «قرارات المحكمة الخاصة القاضية بإعدام أي مدان لا تخضع إلى مصادقة رئاسة الجمهورية».

ويُحتجز عزيز في سجن الكاظمية، بجانب الكرخ من بغداد، الذي كان مقرا لدائرة الاستخبارات العسكرية في عهد النظام الأسبق، وتم في هذا السجن تنفيذ حكم الإعدام شنقا بحق الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وأخيه غير الشقيق برزان التكريتي وعواد البندر وطه ياسين رمضان وعلي حسن المجيد.

من جهته، انتقد بديع عارف عزت، محامي طارق عزيز، المقيم في عمان، الحكم، معتبرا أنه «جائر»، لكنه كان «متوقعا». وقال: «إن الحكم على الرغم من أنه جائر فإنه كان متوقعا»! مشيرا إلى أن «طارق عزيز سبق أن أبلغني شخصيا أنه سيُقتل ولن يطلق سراحه». وأوضح بديع أنه لم يتمكن من حضور جلسات المحاكمة للدفاع عن موكله منذ حضوره آخر جلسة في 15 مارس (آذار) 2007 عندما «اعتُقلت بتهمة إهانة المحكمة ثم أطلق سراحي من الجانب الأميركي في 7 أبريل (نيسان) الذي أعادني بطائرة إلى عمان».

كان طارق عزيز (74 عاما) وزيرا للإعلام ونائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للخارجية. وقد حكم عليه في مارس (آذار) 2009 بالسجن 15 عاما لإدانته بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية» في قضية إعدام 42 تاجرا عام 1992.

وفي أغسطس (آب) حكمت عليه المحكمة الجنائية العليا في العراق بالسجن 7 سنوات بسبب دوره في الارتكابات التي حصلت بحق الأكراد الفيليين الشيعة في ثمانينات القرن الماضي.

أما سعدون شاكر فقد كان رئيسا للمخابرات العراقية حتى 1982 وأصبح وزيرا للداخلية، بينما شغل عبد حمود، واسمه الكامل عبد الحميد محمود التكريتي، منصب مدير مكتب الرئيس صدام حسين الذي تربطه به صلة قرابة، وقد تمكنت القوات الأميركية من اعتقاله في 19 يونيو (حزيران) 2003.