جهاز اللاسلكي يستغل كوسيلة لتمرير أخبار أمنية ساخنة للإعلام

منظومات اتصال لاسلكية تباع في أسواق بغداد بشكل طبيعي

TT

بسبب عدم مقدرتهم على تأمين مصادر أمنية للمعلومات على مدار الساعة، اضطر بعض مراسلي وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية في العراق مؤخرا إلى وسيلة غريبة لكنها أكثر سرعة، تتمثل في الاستعانة بشرطي يعمل في إحدى نقاط التفتيش المركزية التابعة لوزارة الداخلية، وبموجب اتفاق مسبق يقوم الأخير بتسريب «رأس الخيط»، كما يحب البعض تسميته، أو بداية المعلومة التي تعمم على الأجهزة الأمنية، إلى بعض الصحافيين الذين يقومون في المقابل بتأمين مصدر رزق إضافي له كل شهر.

مراسل قناة عالمية أكد لـ«الشرق الأوسط» أن مشكلتهم في إعداد التقارير الأمنية «تكمن في المعلومات الأمنية، فنجد صعوبة في تأمين تصريح رسمي يشير إلى وجود حادثة ما في منطقة ما، ونحن نعلم أن لكل مؤسسة أسبابها في حجب معلومة أو إعلانها، لكننا كمراسلين مهمتنا البحث عن هذه المعلومات ونشرها، وقبل أشهر انتبهنا إلى أن بعض المعلومات، خاصة المهمة، تعمم عبر أجهزة اللاسلكي لجميع السيطرات وصادف أن هناك من يريد التعاون مع وسائل الإعلام وأصبحت مهمته فقط تنبيهنا إلى أن حادثة ما وقعت في منطقة ما، ولا يمكن أن يكون الأمر من دون مقابل، كونه جهدا يستحق المكافأة».

وأضاف مراسل آخر أن أجهزة اللاسلكي أصبحت أهم مصادر المعلومات بالنسبة للباحثين عن الأخبار الأمنية في العراق، مؤكدا أن البعض من منتسبي الجيش والشرطة يعمم الخبر في حال وصوله إليه عن طريق هذا الجهاز.

عبد الستار، صاحب محل لبيع الأجهزة الإلكترونية وقطع غيار الحاسبات، بين لـ«الشرق الأوسط» أن «جهاز اللاسلكي كان سابقا من الممنوعات، حتى لا يوجد بحوزة الأجهزة الأمنية، ويُتعامل به على نطاق ضيق ضمن أجهزة استخباراتية تابعة للنظام السابق، لكن بعد أحداث 2003 أدخلت هذه الأجهزة عبر الأميركيين ووزعت على الأجهزة الأمنية والحمايات، بعدها تعاقد تجار عراقيون مع شركات تنتجها وأصبحت المتاجرة فيها أمرا شبه عادي». وأضاف أن «سعر الجهاز الواحد لا يتجاوز 100 دولار، لكن كي يعمل يجب برمجته على الكومبيوتر ضمن موجة التقاط محددة يقوم بعدها بالتقاط هذه الموجة..».

أما النقيب أحمد المشهداني الذي يعمل مهندسا في إحدى الفرق العسكرية في الجيش العراقي، فقد أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «أغلب الأجهزة المستخدمة في العراق حاليا هي من نوع (موتوريلا)، وأنواع أخرى أغلبها أميركية أو فرنسية»، مؤكدا أنه «كجهاز، موجود في الأسواق، لكنه لا يعمل إلا وفق منظومات بث لاسلكية، فكل جهة مثلا كوحدة عسكرية أو شرطة المرور تجهز وحدتها بعدد معين، وتجهز معها منظومة البث الخاصة بها، وكل منظومة تغطي مساحات معينة أو عددا معينا من الأجهزة تبرمج جميعها على برنامج موحد وكومبيوتر واحد وتعطى رقما سريا أو كودا وإشارة بث برقم محدد فتصبح كل أجهزتها تلتقط هذه الموجه دون غيرها». وكشف النقيب عن أن «هذه المنظومات لا يمكن وصفها بالحصينة، فهناك من يتمكن من اختراقها بسهولة بالغة، أو قد يسرق جهاز أو اثنان بعد حوادث استهداف سيطرات وغيرها، وتصبح في يد إرهابيين أو أشخاص مجهولين فيبدأون في دخول المنظومة وسماع كل ما يدور خلالها، وفي كل هذه الحالات نقوم بإيقاف البث لفترة محددة بعدها يتم تغيير كود البث والموجه وتعاد للعمل».