بارزاني وعلاوي يبحثان آخر المستجدات.. ويؤكدان ضرورة تشكيل حكومة شراكة وطنية

تباين المواقف حول وجود خلافات كردية ـ كردية.. وتوقع نقل مفاوضات قادة الكتل إلى بغداد

مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان مستقبلا إياد علاوي زعيم القائمة العراقية أمس («الشرق الأوسط»)
TT

مع تدفق الكثير من قادة وأعضاء الكتل السياسية إلى كردستان لإجراء المزيد من المباحثات مع قيادة الإقليم بشأن أزمة تشكيل الحكومة العراقية، ازدادت التكهنات حول شكل وملامح التحالفات المقبلة، خاصة مع تحول التحالف الكردستاني إلى ورقة رابحة في ترجيح كفة الكتلة التي ستكلف تشكيل الحكومة، خصوصا في ظل إصرار أكبر كتلتين برلمانيتين، القائمة العراقية برئاسة إياد علاوي، والتحالف الوطني (الذي اختار في غياب المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم وحزب الفضيلة ولكن بحضور التيار الصدري، نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون، مرشحا لرئاسة الحكومة المقبلة) على تمسكهما بأحقيتهما في تشكيل الحكومة المقبلة، في الوقت الذي تحدثت فيه مصادر سياسية عدة عن بروز خلافات بين أطراف كتلة الائتلاف الكردستاني حول شكل التحالفات القادمة، ولكن مصادر متعددة داخل الكتلة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا خلافات بين أطراف الكتلة حول التحالفات القادمة، وأنه من المبكر الحديث عن شكل تلك التحالفات».

وكانت مصادر قد أشارت إلى بروز خلافات داخل كتلة الائتلاف الكردستاني، وتحديدا أثناء الاجتماع الأخير لرئيس الإقليم مسعود بارزاني مع قيادات الكتلة الكردستانية والوفد المفاوض، حول اختيار الكتلة التي سيتحالف معها الأكراد، وانقسام الكتلة إلى جبهتين، تدعو الأولى إلى حسم الأمر والتحالف مع القائمة العراقية برئاسة إياد علاوي الذي وصل أمس إلى كردستان على رأس وفد كبير يضم كلا من: أسامة النجيفي، وصالح المطلك، ورافع العيساوي، فيما تدعو الثانية إلى التحالف مع ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي، وأشارت تلك المصادر إلى أن هذا الخلاف نشأ أثناء الاجتماع الأخير لرئيس الإقليم مسعود بارزاني مع قادة الكتل الكردستانية الـ4 وأعضاء الوفد التفاوضي الكردستاني الأسبوع الماضي، ولكن مصادر في الوفد التفاوضي شاركت في ذلك الاجتماع نفت وجود أي خلافات بهذا الشأن.

فقد أكد محمد توفيق رحيم المتحدث الرسمي باسم حركة التغيير المعارضة الذي ناب عن رئيس الحركة نوشيروان مصطفى بحضور ذلك الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» أنه ليس هناك أي خلاف بين أطراف الكتلة الكردستانية الـ4 حول شكل التحالفات القادمة، فقد ركزنا في اجتماعنا مع رئيس الإقليم على استعراض نتائج مشاورات ومباحثات الوفد الكردستاني، وأكدنا إنجاح مبادرة بارزاني بدعوة الكتل العراقية إلى طاولة مستديرة، واتفقنا على العودة لاجتماع آخر في غضون يوم الخميس (غدا) وما عدا ذلك لم نتطرق إلى أية أمور أخرى».

ولكن عضوا في الوفد التفاوضي طلب عدم نشر اسمه أشار إلى «أن الخلاف حصل، وأنه شخصيا يقف في الوسط بين الاتجاهين الداعيين إلى تفضيل المالكي أو علاوي»، فيما أشار عضو في الوفد المفاوض نجيب عبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن الاجتماع الذي رأسه مسعود بارزاني مع الكتل الكردستانية كان إيجابيا ومثمرا، ولم تكن هناك أية خلافات حادة بين أطراف الكتلة فيما عدا طرح بعض وجهات النظر المتباينة بين أطراف الكتلة، ولكنها لا ترتقي إلى حد الانقسام أو الخلاف الحاد». وأوضح عبد الله «كان هناك رأيان مختلفان في الاجتماع، الأول يدعو إلى الإسراع بحسم الموضوع وإعلان الانضمام إلى صف التحالف الوطني بقيادة المالكي، فيما طلب آخرون وأنا منهم عدم الاستعجال في هذا الأمر والتريث لحين ظهور ملامح التحركات والمباحثات التي تجري في كردستان، وقلنا بأن هناك مبادرة من رئيس الإقليم ينبغي أن تبحث بشكل مستفيض، وعلينا أن نستكشف مواقف الكتل العراقية من تلك المبادرة وننتظر نتائجها قبل الإعلان بشكل رسمي عن موقفنا من التحالفات المقبلة وتفضيل أحد الأطراف على الآخر، فنحن نرى أنه من المبكر أن نعلن موقفنا من التحالفات القادمة في الوقت الذي ما زلنا نواصل فيه المحادثات مع جميع الأطراف ونقف منها بمسافة واحدة، وعليه فقد طلبنا عدم الاستعجال في هذا الأمر رغم أن أكثرية أعضاء الوفد ميالون إلى التحالف الوطني، ورغم أن التأخير في تشكيل الحكومة سيتسبب في الكثير من المشكلات للعراق، ولكن أيضا نحن لا نريد أن نكون طرفا في الصراعات الدائرة حاليا بين الكتلتين الأكبر الساعيتين بكل جهودهما للاستئثار بتشكيل الحكومة المقبلة».

وحول التصريحات التي نسبت لبعض قيادات التيار الصدري بعدم إطلاع الكتلة الصدرية على الورقة التفاوضية الكردية، قال نجيب عبد الله عضو الوفد التفاوضي الكردي «قبل أسبوعين اجتمعنا مع التحالف الوطني بحضور ممثلين عن التيار الصدري بينهم القيادي الصدري نصار الربيعي، وقد سلمناهم نسخة من الورقة التفاوضية الكردية بشكل رسمي، وهذا التيار هو جزء من التحالف الوطني، وبمعنى آخر فإنهم على علم بالورقة الكردية، أضف إلى ذلك أنهم في اجتماع الأسبوع الماضي أكدوا لنا موافقتهم على تنفيذ الورقة الكردية ما عدا البند المتعلق بالضمانات وحل الحكومة في حال انسحاب الوزراء الكرد، وهذا هو نفس موقف كتلة التحالف الوطني تجاه الورقة، ولذلك أستطيع القول بأن التيار الصدري الممثل في التحالف الوطني قد اطلع على الورقة الكردية ووافق عليها بشكل رسمي».

وحول الاجتماعات الجارية في أربيل بين الكتل العراقية وقيادة الإقليم، قال عبد الله «أعتقد أن هذه الاجتماعات ستركز على التحالف القائم بين القائمة العراقية والمجلس الأعلى الإسلامي، وأتوقع أن يتقدم الطرفان بمضمون اتفاقهما هذا إلى رئيس الإقليم بهدف كسب الأكراد إلى جانبهم وإقناعهم بالانضمام إلى تحالفهم، وسيجددان التزامهما بتنفيذ الورقة الكردية بهدف الحصول على الدعم الكردي، فالكرد تحولوا في هذه المرحلة إلى ورقة رابحة وسيكون بإمكان أي كتلة عراقية أن تشكل الحكومة القادمة إذا ما ضمنت لنفسها الدعم الكردي». وأضاف «أن قرار المحكمة الفيدرالية جاء في وقت مناسب بهدف الضغط على الكتل السياسية للإسراع بتشكيل الحكومة، عليه أتوقع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة مزيدا من المشاورات والمباحثات المكثفة، التي ستجر معها مزيدا من التعقيدات خاصة بسبب ضيق الوقت المتاح أمام تلك الكتل، ولذلك فإن الوفد الكردستاني سيذهب مجددا إلى بغداد لاستكمال مفاوضاته مع جميع الكتل العراقية قبل الرجوع إلى كردستان وإعلان الموقف الرسمي من التحالفات القادمة».

في غضون ذلك التقى بارزاني رئيس القائمة العراقية إياد علاوي والوفد المرافق له للتباحث معهم حول آخر المستجدات. وأكد بارزاني خلال اللقاء «أن المحادثات التي نجريها حاليا مع قادة الكتل العراقية، وخصوصا مع الأخ علاوي، تهدف إلى إخراج العراق من أزمته الراهنة، وأنه على استعداد كامل لكل ما يسهم في تقريب الكتل العراقية من أجل تشكيل حكومة شراكة وطنية تمثل جميع الأطراف السياسية دون تهميش أو إقصاء».

من جانبه شدد رئيس القائمة العراقية على «أن أزمة تشكيل الحكومة العراقية تمر بمنعطف خطير جدا، والخطر يتمثل في مزيد من التأخير لتشكيل الحكومة وانسحاب تداعيات ذلك على مجمل العملية السياسية في العراق، ولذلك إذا أردنا تشكيل حكومة شراكة وطنية، فإن علينا أن نفهم ونعي معنى الشراكة، فالشراكة يجب أن لا تكون بالكلام، بل يجب أن تكون من خلال المشاركة الفاعلة في اتخاذ القرارات السياسية، خصوصا في المسائل الاستراتيجية، وأن تكون مرجعية العراقيين جميعا الدستور العراقي، وهذا الدستور بحاجة إلى تعديلات وإصلاحات خاصة لجهة تقاسم السلطات وإعادة تنظيمها بشكل يجسد مبدأ الشراكة الحقيقية التي تلبي مطالب جميع الأطراف والكيانات السياسية، وأن يضمن مستقبل العراق السياسي خاصة بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق».

إلى ذلك، توقعت مصادر سياسية مطلعة أن تنتقل اجتماعات الكتل الكبيرة من أربيل إلى بغداد. وأشارت المصادر إلى أن «الطاولة المستديرة» التي كان متوقعا لها أن تقام اليوم تؤجل إلى إشعار آخر وربما تعقد من قبل الخط الثاني لأعضاء القوائم وليس من قبل رؤسائها. من جانبه كشف القيادي في ائتلاف دولة القانون خالد الأسدي عن أن «الاجتماعات المرتقبة التي ستجمع كلا من زعيم دولة القانون رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس حكومة إقليم كردستان مسعود بارزاني ستجري في العاصمة بغداد وليس في الإقليم»، مؤكدا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، «أن الاتفاق ما بين التحالف الوطني والتحالف الكردي أصبح واقعا، وأن الاجتماعات ستخصص لبحث مشاركة القائمة العراقية».