أمير قطر ورئيس وزراء بريطانيا يؤكدان الالتزام بالحلول الدبلوماسية لحل القضية النووية الإيرانية

ماندلسون لـ«الشرق الأوسط»: مقاربة الحكومة للتعاون مع دول الخليج مهمة.. وحكومة العمال لم تهمل هذه العلاقات

كاميرون يرحب بالشيخ حمد تحت المطر على مدخل داونينغ ستريت أمس (تصوير: حاتم عويضة)
TT

أكد رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بعد لقائهما في لندن، أمس، الالتزام بالحلول الدبلوماسية لحل القضية النووية الإيرانية. وجاء في بيان مشترك صدر عن داونينغ ستريت أمس بعد لقاء الشيخ حمد وكاميرون، أن «بريطانيا وقطر ملتزمان بحل الخلافات الدولية بسلام». وأضاف «نتشارك التزام الترويج للسلام والأمن في منطقة الخليج، وكلانا يؤكد الالتزام لإيجاد حلول دبلوماسية للقضية الإيرانية النووية». وأعلن البيان أن «البلدين سيكثفان حوارهما عالي المستوى عبر بدء مبادلات منتظمة على المستوى الوزاري حول القضايا الإقليمية».

وبدأ أمير قطر زيارة رسمية للندن أمس تستمر ثلاثة أيام، يحل فيها ضيفا على الملكة إليزابيث الثانية في قصر ويندسور الملكي، في وقت تعتمد فيه الحكومة الائتلافية سياسة تقارب أكبر مع دول الخليج. وتعتبر بريطانيا أن قطر «أصبحت لاعبا جديا على صعيد السياسة الإقليمية، وتعمل على التوصل لاتفاقات بين الأفرقاء في لبنان ودارفور واليمن...»، بحسب ناطق في الخارجية البريطانية. وترحب بريطانيا «بقوة بهذا الدور في المنطقة».

وعن التعاون العسكري، ذكر البيان أن البلدين يتمتعان «بعلاقات مميزة على صعيد العلاقات في مجال الدفاع، عبر اتفاقية التعاون الدفاعي الموقعة عام 2006». وأضاف «بريطانيا تدعم القوات العسكرية القطرية عبر تدريبات وتمرينات في قطر وبريطانيا».

وشدد البيان على أهمية التعاون التجاري بين البلدين، وأكد أن «التجارة والاستثمار يبقيان من العناصر العضوية في العلاقة، وكلا البلدين مصمم على زيادة التعاون التجاري الثنائي والاستثمار كجزء من تحقيق النمو الاقتصادي العالمي». وقد استثمرت قطر في السنوات الأخيرة نحو 10 مليارات جنيه إسترليني في بريطانيا، من بينها امتلاك أسهم في مصرف باركليز وسوبر ماركت (سينزبريز). وأعلن كاميرون والشيخ حمد أمس أن بلديهما سيؤسسان لمنتدى جديد للتجارة الثنائية والاستثمار «لتقوية العلاقات بين البلدين».

وتؤكد وزارة الخارجية البريطانية أن التعاون التجاري مع قطر قد ارتفع في السنوات الخمس الماضية بنسبة 160 في المائة، وأن المجتمع البريطاني في قطر ارتفع بنسبة 10 في المائة سنويا ويبلغ اليوم 12 ألف فرد. وتشير إلى أن استثمارات شركة «شيل» في قطر هي الأكبر في العالم.

وتعتبر قطر أيضا موردا كبيرا للطاقة إلى بريطانيا، وزودت حكومة لندن بـ11 في المائة من متطلباتها من الوقود في فصل الشتاء الماضي الذي كان الأقصى منذ 30 عاما.

وأعلن داونينغ ستريت أيضا أن قطر وبريطانيا اتفقا على العمل معا لتحسين خدمات تأشيرات السفر بين البلدين، وأن بريطانيا ستسعى لنقاشات شبيهة مع باقي دول الخليج.

وتسعى الحكومة الحالية لبناء علاقات أوسع وأعمق مع دول الخليج، وتراهن على جذب استثمارات خليجية إلى البلاد للمساهمة في الانتعاش الاقتصادي، خصوصا بعد أن أعلنت عن خططها التقشفية التي ستجعل نحو نصف مليون موظف حكومي عاطلين عن العمل. وتتهم حكومة كاميرون حكومة حزب العمال السابقة بأنها أهملت العلاقات مع الخليج.

إلا أن وزير التجارة في الحكومة السابقة لورد بيرت ماندلسون رفض في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس أن تكون حكومته قد أهملت العلاقات مع الخليج. وقال «أعتقد أن حكومة حزب العمال بنت علاقات جيدة جدا مع دول الخليج، وأنا أعرف ذلك من عدد الزيارات التي كنت أقوم بها إلى المنطقة عندما كنت وزيرا للتجارة». وأضاف أن الاهتمام الذي توليه الحكومة الحالية بالخليج مهم، لأن الشراكة أساسية مع هذه الدول، ولكنه أشار إلى أن «القول بأن حكومة العمال لم تقم بالكافي غير صحيح». وكشف عن أن الزيارة التي يقوم بها أمير قطر الآن، كانت بدعوة حصلت في عهد حكومة حزب العمال السابقة ولم تتم بسرعة لأن التحضيرات تأخذ وقتا طويلا.

وكان أمير قطر قد ألقى كلمة مقتضبة بعد ظهر أمس في مجلس العموم البريطاني الذي زاره برفقة زوجته الشيخة موزة. وشدد في كلمته أمام مجموعة من البرلمانيين، على التقدم الذي تم إحرازه في قطر، كما أشار إلى سعي بلاده لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. وقال «يجب ألا يكون هناك شك في أن الأمن والاستقرار في المنطقة ليسا فقط من مصلحة العرب، بل من مصلحة العالم أيضا».

وبدأ يومه صباح أمس بجولة في قصر ويندسور حيث اطلع على مجموعة من المقتنيات الملكية مع زوجته، برفقة الملكة إليزابيث الثانية وزوجها الأمير فيليب. كما التقى أيضا الأمير تشارلز وزوجته كاميلا. وأقامت ملكة بريطانيا عشاء على شرف ضيفها ليل أمس في القصر الملكي.

وكان الشيخ حمد قال في مقابلة مع صحيفة الـ«فاينانشيال تايمز» قبل بدء زيارته، «إن العقوبات الدولية المفروضة على إيران لن تكون فعالة، ويتعين عدم حصر الأخيرة في الزاوية، كما يتعين على إدارة الرئيس باراك أوباما تجديد المحاولة مرة أخرى مع طهران بعد أن حاولت الانخراط معها دون نجاح». وتساءل أمير قطر «كيف يمكن أن يتحقق السلام الذي نريد أن نراه في منطقتنا؟»، مضيفا «السلام لن يأتي حسب تفكير القوة العظمى لأنها تتخذ قرارات خاطئة في بعض الأحيان، وأعتقد أن كل العقوبات المفروضة على إيران لن تساعد في جلب السلام إلى المنطقة».

وأصرّ الشيخ حمد على «أن القاعدة العسكرية الأميركية في قطر لا يمكن استخدامها في أي مواجهة عسكرية مع إيران، ويتعين على الولايات المتحدة أن تطلب منا السماح باستخدامها بموجب اتفاق بيننا، لكننا لن نقبل أن تقوم باستخدامها ضد إيران».