مباحثات سرية بين واشنطن وتل أبيب حول الدولة الفلسطينية واستئجار إسرائيل مناطق

مصادر فلسطينية تؤكد.. ومصرية وإسرائيلية وأميركية لا تنفي ولا تؤكد لـ «الشرق الأوسط»

عدد من الأطفال الفلسطينيين يراقبون مسلحين فلسطينيين من تنظيم الجهاد الإسلامي خلال مسيرة تنديد بالاعتداءات الإسرائيلية في رفح أمس (رويترز)
TT

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن محادثات تجري بعيدا عن الأنظار العربية (بحسب هذه المصادر)، بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية، من أجل التوصل إلى تفاهم بشأن الدولة الفلسطينية وحدودها. وحسب مصادر مطلعة فإن هناك توجها للاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود عام 1967، مقابل موافقة فلسطينية على تأجير مستوطنات في منطقة القدس الشرقية المحتلة والأغوار (منطقة البحر الميت الفاصل بين الضفة الغربية والأردن) لإسرائيل لمدة 40 عاما، وفي رواية أخرى 99 عاما. وأكدت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» صحة هذه المعلومات، وقالت إنها معلومات جديدة تكشفت مؤخرا ولم تكن السلطة الفلسطينية على علم بها، ولم تطلع الإدارة الأميركية الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) عليها.

وقالت المصادر إن هذه المباحثات التي وصفتها بالهادئة واعتبرتها «مدخلا أميركيا وليس إسرائيليا، تجري منذ فترة طويلة، للتوصل إلى قواسم مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، من أجل تحقيق فهم أولي لمسألة الحدود، وتفاهم حول ما هو متوقع أن يبقى تحت السيادة الإسرائيلية والمواقع التي يمكن تواصل البناء الاستيطاني فيها بما لا يشكل من وجهة النظر الأميركية خرقا لتفاهمات متفق عليه». وحسب المصادر الفلسطينية التي طلبت عدم ذكر أسمائها، فإن هذه المباحثات تأتي أيضا في إطار الضغط الإسرائيلي على إدارة الرئيس باراك أوباما، من أجل الاعتراف برسالة ضمانات الرئيس السابق جورج بوش، في أبريل (نيسان) 2004، لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون، بشأن التكتلات الاستيطانية وبقائها تحت السيادة الإسرائيلية.

وذكرت المصادر أن مثل هذه المسائل جرى بحثها في مفاوضات طابا مطلع 2001.. «لكن كان الحديث يدور حول 6 - 9 أعوام وليس 99 عاما».

يذكر أن «الشرق الأوسط» كانت قد نشرت في عددها الصادر في 4 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اشترط على واشنطن مقابل الموافقة على تمديد تجميد الاستيطان، من بين أشياء أخرى، وضع قوات إسرائيلية في منطقة غور الأردن في إطار التسوية الدائمة للصراع.

وفي القاهرة، قال مصدر مصري لـ«الشرق الأوسط» إن الاتصالات الإسرائيلية الأميركية بشكل عام تهدف لتعزيز الثقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وأضاف «هذه المسألة فيها بعض من اللبس، لأن جزءا من هذه الاتصالات يعد من باب بناء الثقة الذي يجب على الإسرائيليين أن يقوموا به تجاه الفلسطينيين، ولذا فقد تكون ليست مفاوضات سرية بقدر ما هي هادئة لحلحلة المواقف من أجل أن تخرج أميركا من مأزق تعطل المفاوضات». ويؤكد المصدر المصري «هذا فهمنا لما يدور، وغير معنيين بتفسيره، فقد يكون هناك ما يخفى علينا، إلا أن هذه هي رؤيتنا، ولا يعني ذلك أن لدينا معلومات، أو أننا نوافق على شيء لم نطلع عليه بشكل كامل بعد».

ورفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفي أو تأكيد هذه المعلومات. وقال الناطق باسمه أوفير يلدرمان، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نجري مفاوضات مكثفة مع الإدارة الأميركية من أجل استئناف المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين الذين للأسف لا يشاركون معنا في هذه المفاوضات». وأضاف يلدرمان أن «رئيس الوفد الإسرائيلي المفاوض ومستشار رئيس الوزراء يتسحاق مولخو عاد مطلع الأسبوع من الولايات المتحدة، حيث أجرى محادثات مطولة ومكثفة في البيت الأبيض وفي وزارة الخارجية. ونحن ملتزمون بالاتفاق الذي توصلنا إليه مع الإدارة الأميركية والسلطة الفلسطينية بأن تبقى هذه المفاوضات وراء الكواليس ولا يعلن شيء عنها وعن تفاصيلها إلا بالاتفاق المشترك».

ورفض يلدرمان الخوض في التفاصيل بشأن القدس والمستوطنات في غور الأردن.

ورفض التعليق على هذه المعلومات مسؤول في الخارجية الأميركية. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نجري اتصالات مستمرة وكثيرة مع إسرائيل. هذا جزء من علاقاتنا القوية والمتينة. بعض الاتصالات علني، وبعضها غير علني، وطبعا لا نعلن غير العلني». وأضاف «كما كررت وزيرة الخارجية، نحن نبذل كل جهدنا لدفع عملية السلام، ولاستئناف المفاوضات بين حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية».

وقال مصدر آخر لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أننا في الخارجية، لكننا نتابع الانتخابات الداخلية. نحن في وضع شبه جامد الآن في ما يخص الدور الأميركي لدفع المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية». وأضاف أن الخارجية، كعادتها، تطلع أعضاء الكونغرس على مختلف التطورات الخارجية. ويشمل هذا تطورات مفاوضات الشرق الأوسط. وتابع القول «لكن، كما تعلم، أعضاء الكونغرس مشغولون بالانتخابات».

وكان إريك كانتور، عضو الكونغرس الجمهوري، قد شن أول من أمس خلال حملته الانتخابية، هجوما عنيفا على ما سماه «عداء مستحكم بين أوباما وإسرائيل». وقال إنه، إذا فاز الحزب الجمهوري بأغلبية المقاعد في الكونغرس القادم، «سوف نبرهن لأوباما على أن الشعب الأميركي لا يتردد في دعم إسرائيل». وأضاف «عندما نصبح أغلبية سنمنع المساعدات عن أي دول تتعارض مع مصالحنا، وسنخفض المساعدات لبقية الدول. وستتحول المساعدات الأميركية إلى إسرائيل إلى بند دائم في ميزانية وزارة الخارجية الأميركية (البنتاغون)، وذلك حتى لا تؤثر عليها قرارات الكونغرس حول المساعدات الخارجية».

وفي الوقت نفسه، نشر موقع «هافنغتون بوست» أمس أن نتنياهو، قال لعدد من أعضاء الكونغرس الذين زاروا إسرائيل مؤخرا، إن تل أبيب تراهن على فقدان الحزب الديمقراطي لسيطرته على الكونغرس في الانتخابات التي ستجرى الأسبوع القادم. وأضافت أن خطاب أوباما في القاهرة في 4 يونيو (حزيران) 2009، أدى إلى انخفاض واضح في تبرعات أصدقاء إسرائيل للحزب الديمقراطي في الانتخابات الحالية. وقالت «خلال الفترة القليلة الماضية، أعلن اللوبي الإسرائيلي حملة مكثفة لزيادة التبرعات إلى الحزب الجمهوري. إنهم لا يريدون أن يكون أوباما محايدا في الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين. هذا إذا كان أوباما حقيقة محايدا».

وقالت إن مستشارين داخل البيت الأبيض ومقربين من أوباما كانوا حذروه من أن أي ضغط على إسرائيل سيؤثر على التبرعات لصالح الحزب الديمقراطي.