رئيس المخابرات البريطانية: معظم عملائنا أجانب.. ولا يمكن معالجة الانتشار النووي بالدبلوماسية التقليدية

للمرة الأولى منذ تأسيس الجهاز يلقي رئيسه كلمة علنية أثناء وجوده في الخدمة

جون سويرز (رويترز)
TT

قال رئيس المخابرات البريطانية الخارجية (إم آي 6»، جون سويرز، في أول كلمة يلقيها رئيس لهذا الجهاز أثناء وجوده في الخدمة، إن الإرهابيين قد يستهدفون الغرب مجددا «بثمن بشري باهظ»، لكن الانتشار النووي الذي تمارسه الدول خطر أبعد مدى بكثير. وأضاف سويرز في كلمة ألقاها أمام جمعية رؤساء التحرير، في حدث استضافته «تومسون رويترز» في مقرها بلندن، أن مخاطر الإخفاق في التعامل مع ممارسات دول مثل إيران للانتشار «مروعة»، وأن «وضع حد للانتشار النووي لا يمكن معالجته فقط على صعيد الدبلوماسية التقليدية».

وتعد كلمته تحولا إلى مزيد من المحاسبة الجماهيرية والانفتاح من قبل المخابرات البريطانية، وهو تغير ثقافي كبير في جهاز كان منذ 20 عاما محاطا بسرية بالغة بحيث لم تكن الحكومة تقر علنا بوجوده، وإن كان لا يزال يتسم بدرجة من الغموض أكبر من حليفته الوثيقة وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه». واعترفت الحكومة البريطانية بوجود جهاز المخابرات المعني بجمع معلومات المخابرات من الخارج للمرة الأولى في التسعينات.

وأشار سويرز في كلمته، أمس، إلى أن «الإرهاب صعب بما فيه الكفاية، وعلى الرغم من جهودنا الجماعية فإنه قد يحدث هجوم. سيكون الثمن البشري باهظا، لكن بلادنا ونظامنا الديمقراطي لن يسقطا بهجوم إرهابي». وأضاف أن «مخاطر انتشار الأسلحة النووية والأسلحة الكيماوية والبيولوجية أبعد مدى، يمكن أن تغير ميزان القوى في المنطقة بالكامل».

وشدد على ضرورة القيام بـ«عمليات مشتركة لأجهزة الاستخبارات» للحصول على أكبر قدر من المعلومات عن جهود إيران لحيازة السلاح النووي. وقال: «كلما أخرت الجهود الدولية حيازة إيران للتكنولوجيا العسكرية النووية، توافر لنا الوقت لإيجاد حل سياسي». واعتبر سويرز أن اكتشاف موقع للتخصيب في قم، شمال غربي إيران، «الذي يعد نجاحا لأجهزة الاستخبارات»، أدى إلى «تكثيف الضغوط الدبلوماسية على إيران، وحمل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات مشددة بدأت عملها». وقال إن «على النظام الإيراني التفكير مليا في أين تكمن مصلحته».

واعترف بالإخفاقات المخابراتية بشأن العراق قبل غزو عام 2003، وقال إن هذا يظهر «للساسة والمسؤولين على حد سواء» مدى أهمية تقييم مصادر المعلومات بدقة. وكان تحقيق بريطاني قاده المسؤول الحكومي السابق اللورد باتلر، قد ذكر أن هناك «نقطة ضعف خطيرة»، وهي أن تحذيرات رؤساء أجهزة المخابرات لم ترد في ملف سبتمبر (أيلول) 2002 الذي تضمن مبررات الحكومة في نزع سلاح الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وشن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش حرب العراق مستندا إلى التهديد الذي تمثله أسلحة الدمار الشامل التي تملكها حكومة صدام. ولم يتم العثور قط على مثل هذه الأسلحة. وقال سويرز إن مراجعة باتلر «تذكرة واضحة للأجهزة ولقلب الحكم من ساسة ومسؤولين على حد سواء بكيف يجب التعامل مع معلومات المخابرات». وتابع أنه واثق من أن الجهاز الذي يرأسه نفذ توصيات تقرير باتلر الذي حث على اتخاذ خطوات لضمان «التدقيق والتحقق الفعال من مصادر المخابرات البشرية»، للتأكد من أن مصادرها ملائمة. وعن الإرهاب قال سويرز إن من غير المرجح أن يحقق تنظيم القاعدة أهدافه بإضعاف نفوذ الغرب وإسقاط الحكومات العربية المعتدلة.

وكشف سويرز عن أن «معظم» العملاء السريين للجهاز «أجانب»، وقال: «أكثر من ثلث موارد جهاز المخابرات مخصصة لمواجهة الإرهاب الدولي». وأضاف: «أيا كان سبب أو أسباب الإرهاب الإسلامي، فإن الاحتمال ضئيل في أن يختفي قريبا»، موضحا أن جهازه يركز عمله على أفغانستان وباكستان والصومال.

وأشار إلى أن قراءة التقارير عما يخطط المتشددون لعمله هو الجزء الأكثر إجهادا من وظيفته. وقال: «العمل من أجل التعامل مع الإرهاب في الخارج معقد وكثيرا ما ينطوي على مخاطر. عملاؤنا وفي بعض الأحيان موظفونا يجازفون بأرواحهم». وأضاف أن ظهور حكومات أكثر انفتاحا وتجاوبا في العالم الإسلامي على مدار الزمن «سيساعد» في مكافحة الإرهاب، غير أنه أكد أن التحول المفاجئ في هذا الاتجاه قد يزيد الأمور سوءا. ومضى يقول: «إذا طلبنا الانتقال فجأة إلى التعددية التي نتمتع بها في الغرب.. فسينتهي الأمر بإتاحة فرص جديدة للإرهابيين».

ودافع سويرز عن المخابرات البريطانية في مواجهة مزاعم من قبل جماعات للدفاع عن حقوق الإنسان بالضلوع في انتهاكات ارتكبت بحق سجناء في الخارج من قبل شركاء بريطانيا من أجهزة المخابرات الأجنبية، وقال: «التعذيب غير قانوني ومقيت تحت أي ظروف، وليست لنا أي علاقة به». وسويرز دبلوماسي شغل سابقا منصب مندوب بريطانيا لدى الأمم المتحدة والمدير السياسي لوزارة الخارجية، كما كان مبعوثا لبغداد ومستشارا للشؤون الخارجية لرئيس الوزراء الأسبق توني بلير.