نصر الله يدعو الجميع لعدم التعاون مع التحقيق الدولي.. ويعلن «التصدي» للاستباحة الأمنية الحاصلة في لبنان

أمين عام حزب الله للبنانيين: كل أولادكم وبناتكم صارت ملفاتهم عند الإسرائيليين

أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله خلال كلمة متلفزة أمس (أ.ف.ب)
TT

طالب الأمين العام لحزب الله اللبناني، السيد حسن نصر الله، الجميع في لبنان بمقاطعة المحققين الدوليين في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، وعدم التجاوب مع طلباتهم «لأن كل معلوماتهم تذهب إلى إسرائيل»، متسائلا عن «حاجة التحقيق الدولي للملفات الطبية لنسائنا». وإذ اعترف نصر الله بأن نساء كوادر من حزب الله يترددن على العيادة مع أزواجهن، دعا الجميع «إلى تحمل مسؤولياته. فكل أولادكم وبناتكم صارت ملفاتهم عند الإسرائيليين».

وقال نصر الله في كلمة متلفزة بثت ليل أمس عبر تلفزيون «المنار» التابع لحزب الله «أعتقد أننا وصلنا إلى نقطة حساسة وخطيرة جدا تتصل بأعراضنا وكرامتنا وشرفنا، وباتت تتطلب منا جميعا موقفا مختلفا. أنا في الحقيقة لم أكن أود أن أتحدث اليوم لولا أنني شاهدت بالأمس ردود الفعل المحلية والخارجية على أعلى المستويات، واليوم المزيد منها سواء من المدعي العام الدولي أو رئيس المحكمة الدولية أو جهات دولية معينة، وصولا إلى وزارة الخارجية الأميركية التي أدانت بحسب تعبيرها بأشد تعابير الإدانة ما حصل في الضاحية الجنوبية».

وانتقد نصر الله تحرك النيابة العامة التمييزية للتحقيق في قضية التعرض للمحققين، قائلا «لقد أذهلتني حقيقة أن القضاء اللبناني استعاد نشاطه وصلاحيته، وأذهلتني سرعة مدعي عام التمييز بسرعة مذهلة وفتح تحقيق في هذا القضية، وهو الذي سكت سنوات طويلة عن شهود الزور. كنت أظن أنه فتح التحقيق لتطبيق القوانين اللبنانية، لكن بمعزل عن القوانين تصورت أنه أسرع ليدافع عن أعراضنا وكرامتنا».

وتحدث نصر الله عن «المساعي الأميركية الحثيثة من خلال جولة فيلتمان واتصالات كلينتون تجري لتخريب كل الجهود السعودية السورية التي تريد الحفاظ على البلد وسلامته واستقراره، وبتحريض من قوى سياسية محلية وإقليمية نعرفها جيدا»، مشيرا إلى معلومات وصلته «أن هناك ضغوطا أميركية كبيرة جدا على المدعي العام لتعجيل إصدار القرار الظني قبل الموعد المرتقب».

وقال «نحن كنا نعلم حجم الاختراق الأمني الموجود في البلد، لكننا كنا ساكتين على هذه الاستباحة كي لا يقال إننا نعرقل التحقيق في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وسأسرد بعض العناوين التي طلبتها لجان التحقيق الدولية من لبنان، مثلا ملفات طلاب الجامعات الخاصة في لبنان من 2003 إلى 2006، كما أنه تم طلب كل (داتا) الاتصالات من 2003 إلى اليوم. لقد طلبوا بصمات من مديرية دائرة جوازات الأمن العام، كل البصمات الموجودة على الجوازات، ثم حصل جدل حول الموضوع، وحصلت التسوية لتصل إلى 893 شخصا لبنانيا. كما طلبوا قاعدة بيانات الـ(دي إن إيه)، وقاعدة البيانات الجغرافية، ونظام المعلومات الجغرافي الـ(جي آي إس)، أي كل ما له علاقة بالجغرافيا في لبنان من الحدود إلى الحدود. كما أخذوا لوائح مشتركي شركة كهرباء لبنان. لا يوجد قطاع إلا ودخلوا عليه. من أعطاهم ومن لم يعطهم هذا بحث آخر. مع علمنا بأن قاعدة المعلومات أوسع من عملية الاغتيال، وأن كل المعلومات تصل إلى أجهزة أمنية غربية وإلى إسرائيل، كل النسخ منها تذهب إلى إسرائيل ومع ذلك سكتنا. وأي أحد اليوم في لبنان وحتى في جمهورنا يحق له أن يقول أنتم مخطئون، لكن أنا أوصّف ما حصل حتى هذه اللحظة، ولماذا سكتنا، فقط ومن أجل ألا يقال إن هناك عرقلة، وهذا كان يثير حساسيات كبيرة في البلد، ومراعاة لعائلة الحريري وتياره والجو العام في البلد، ولاعتبارات متنوعة ومتعددة، وحصل ما حصل، لكن الآن وصلنا إلى مكان لا أعتقد أنه يمكن أن يحتمل أو يطاق أو يمكن السكوت عنه أو عليه تحت أي اعتبار سياسي أو داخلي أو خارجي أو كرامة أحد، أبدا».

وأضاف «هذا الموضوع لن نسكت عليه، كرامة فلان أو فلان، ويجب أن يسمحوا لنا في هذا الموضوع.. فما هي حاجة التحقيق الدولي للملفات الطبية لنسائنا؟ هناك بعض التفاصيل سنتكلم عنها لاحقا، فما هي حاجة التحقيق لأن يطلب من طبيبة مختصة تتردد عليها زوجات ونساء كوادر في حزب الله، والاطلاع على ملفات من 2003 و2010 لما يزيد على سبعة آلاف سيدة. الطبيبة جادلتهم، وبعد جدال عن السبب نزلوا إلى سبعة عشر ملفا، ولو لم تجادلهم لكانوا دخلوا إلى الأرشيف كله. فما هي علاقة تحقيق وحاجته إلى ملف طب نسائي لزوجاتنا وبناتنا ونسائنا وأخواتنا؟ هنا أسأل المسؤولين والمواطنين: من منكم يقبل أن يأتي أحد ليطلع على ملف طبي نسائي لزوجته أو ابنته أو أخته؟.. من يقبل؟ من يريد تحمل هذا الأمر بهذا المستوى وهذا الحجم؟ الكل يعرف في لبنان والمنطقة أن هذا أمر لا يمكن تحمله أو السكوت عنه بكل المقاييس، بالمقاييس البشرية والأخلاقية، وبالتقاليد والعادات الثقافية كلبنانيين وعرب وشرقيين، وبالاعتبارات الدينية كمسلمين ومسيحيين، ونحن نتمتع بقيم أخلاقية ودينية، فمن يقبل بمثل هذا الموضوع؟». وأشار إلى أن هذا التطور «الفضائحي سيعود بنا إلى أصل المسألة، إلى كل الاستباحة الأمنية الحاصلة في لبنان تحت عنوان التحقيق الدولي». وقال «لم نكن نحب أن نصل إلى هنا، لكن أنتم أوصلتمونا إلى هنا. فهل يجوز أن نبقى كلبنانيين سواء كنا في مواقع الحكومة أو الرئاسة أو النيابة أو الشعب اللبناني بكل هذه الاستباحة؟ ثم إن التحقيق (خالص)، والقرار الظني منتهٍ ومكتوب وهو نفسه الذي نُشر في (دير شبيغل) و(لوفيغارو)، وأنا تبلغت به في عام 2008 وليس منذ بضعة أشهر. هذا موضوع منته. وكل التحقيقات التي تحصل للاستفادة من هذا الغطاء هي لتحصيل أكبر قدر ممكن من المعلومات لأنها لن تؤثر في ما كتب بلغة الفبركة، فهو قد كتب. وأمام هذه التطور الفضائحي في سلوك المحققين ومن يدعمهم ومن يغطيهم، أطالب كل مسؤول ومواطن في لبنان بمقاطعة هؤلاء المحققين، ويكفي ما حصل من استباحة، وكل المعلومات التي تقدم إلى هؤلاء تصل إلى الإسرائيليين. أطالب اللبنانيين بمقاطعة فريق التحقيق الدولي».

وتابع «بكل محبة وإخلاص إن استمرار التعاون مع هؤلاء سيساعد على مزيد من الاستباحة للبلد من جهة، ومن يساعدهم إنما يساعد على الاعتداء على المقاومة من جهة أخرى. وأنا أدعو كل مسؤول أن يتصرف مع طلبات هؤلاء المحققين بما يمليه عليه ضميره وكرامته وشرفه. في الأسابيع الأخيرة صار هناك تهديد من قبل لجنة التحقيق الدولية لبعض الأطباء والطبيبات، أنا أدعو الجميع إلى تحمل مسؤولياته. فكل أولادكم وبناتكم صارت ملفاتهم عند الإسرائيليين. أقول للمسؤولين أن يتحملوا مسؤولياتهم، وللناس أن يتصرفوا بمقتضى وطنيتهم وشرفهم، وقد آن الأوان لانتهاء هذه الاستباحة التي وصلت إلى نقطة لا يمكن تحملها بعد الآن».