بري اختتم زيارته لباريس بلقاء 45 دقيقة مع ساركوزي وباريس تؤكد أنه لم يطلب العمل على تأجيل القرار الظني

مصادر فرنسية: الخلاف ليس على المحكمة.. بل على عمل المحقق الدولي

TT

انتهت ظهر أمس زيارة رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري الرسمية إلى فرنسا وعاد إلى بيروت من غير أن تتضح صورة الأفكار أو المقترحات التي حملها إلى فرنسا لتكون بمثابة الباب المفضي إلى الخروج من الأزمة الراهنة. وتكتمت المصادر اللبنانية والفرنسية في الكشف عنها في ما يبدو أنه رغبة في «عدم حرقها».

وتوج بري زيارة الثلاثة أيام الرسمية بلقاء الرئيس نيكولا ساركوزي في قصر الإليزيه لمدة 45 دقيقة. وقدمت له كل مظاهر التكريم البروتوكولية. وحضر الاجتماع من الجانب اللبناني مستشاره محمود بري والسفير اللبناني بطرس عساكر، ومن الجانب الفرنسي مستشار ساركوزي الدبلوماسي السفير جان ديفيد ليفيت ومساعده لشؤون الشرق الأوسط نيكولا غاليه. ولم تحصل خلوة بين المسؤولين.

وأفادت مصادر لبنانية بأن بري كان «مسرورا» بما سمعه وبالطريقة التي جرى فيها الاجتماع، علما بأنه أشار بنفسه، في كلامه إلى الصحافة بعد الاجتماع في باحة الإليزيه، إلى «ارتياحه» إلى ما سمعه. غير أن الانطباع الذي يتكون للمراقب بالاستناد إلى تصريحات بري وإلى ما نقلته المصادر الرئاسية عما دار في الاجتماع، هو أن كل جانب بقي حريصا على الإعراب عن تمسكه بمواقفه المعروفة، خصوصا بالنسبة إلى المحكمة الدولية ومجريات التحقيق.

ووصف بري الذي نقل نبأ رغبة ساركوزي في زيارة لبنان، نتائج اجتماعه الصباحي في الإليزيه بـ«الممتازة»، متحدثا عن «توافق في الآراء» مع الرئيس الفرنسي.

وقالت المصادر الرئاسية الفرنسية إن بري «لم يطلب (من ساركوزي) تأجيل صدور القرار الظني»، لكنه «عرض موقفه وموقف حزبه الذي نعرفه من المحكمة بخصوص شهود الزور وخلافه». وأضافت هذه المصادر أن ساركوزي «كرر على مسامعه موقف فرنسا المعروف جيدا الذي أبلغه للرئيس سليمان، وقوامه دعم المحكمة الدولية وهو (أمر لا لبس فيه)». ولخصت المصادر الفرنسية موقف باريس بجملتين: دعم المحكمة الخاصة بلبنان، ودعم المؤسسات اللبنانية، ومن بينها الجيش اللبناني.

وأعلن بري أن النقاش مع ساركوزي دار على محورين: موضوع السلام والقضية الفلسطينية، والموضوع اللبناني الذي خضع إلى «نقاش مفصل تناول كل وجوهه». وأردف قائلا: «أعتقد أنني أستطيع القول إن النتائج ممتازة». ولما سئل عن الخطوات اللاحقة، رفض الخوض فيها مكتفيا بالقول: «بنشوف إن شاء الله». لكنه اغتنم مناسبة حديثه في الإليزيه ليدعو اللبنانيين إلى عدم الاكتفاء بـ«السعي مع الآخرين»، إذ «لا يكفي أن نسعى مع الآخرين فقط». ولما سئل عما إذا كان مرتاحا من موقف ساركوزي من المحكمة، رد بقوله: «الوضع مريح»، مضيفا أن ساركوزي ينوي زيارة لبنان. لكن مصادر الإليزيه أفادت بأن لا شيء محددا بهذا الخصوص.

وكان بري شكر باريس بحرارة «للعناية الدائمة والحرص على استقرار لبنان وللدعم الاقتصادي» الذي تمثل في مؤتمرات باريس 1 و2 و3، فضلا عن مشاركتها القديمة في قوات اليونيفيل، منوها بـ«الحرص الأكبر» الذي تبديه «في هذه الظروف الدقيقة» من أجل «حماية السلم وحماية الوحدة بين اللبنانيين التي هي جزء لا يتجزأ من الوحدة في المنطقة أيضا». وعندما سئل عما إذا كان عبر عن مخاوفه من مسار التحقيق على وحدة اللبنانيين، رد بقوله: «طبعا طبعا». وكشف بري عن أنه تناول مع ساركوزي «كل شيء، طبعا المحكمة والتحقيق الدولي ومساره، وكان كل ذلك موضع نقاش». غير أنه نفى أن يكون قد تقدم بـ«أفكار» محددة عن موضوع «شهود الزور»، مشيرا إلى أنه تكلم عن «حل لبناني عام» وأنه «اتفق» مع ساركوزي على إبقاء التواصل. وهذا الأمر أكدته المصادر الرئاسية التي أفادت بأنه «لم تقدم مقترحات» وأن ما جرى هو «تبادل الآراء حول الوضع في لبنان والوضع الإقليمي». وفي هذا السياق، قدمت المصادر الرئاسية «قراءة» لتصورها لخروج لبنان من حال الاحتقان، والأزمة التي أعادتها إلى «عوامل داخلية وخارجية»، معتبرة أن «المهم هو توافر بيئة إقليمية مواتية لضمان استقرار لبنان». وأشارت هذه المصادر إلى أن الحديث عن الدور الإقليمي تناول سورية والسعودية وإيران و«إسرائيل بطبيعة الحال».

وفي تشخيصه للوضع اللبناني، نقلت المصادر الرئاسية عن ساركوزي وصفه للوضع في لبنان بأنه «بالغ التوتر»، وأن هناك «مخاطر» لجهة تدهوره، وحث ساركوزي اللبنانيين على «دعم مؤسساتهم وسلطاتهم».

وبخصوص عمل المحكمة، لاحظت المصادر الفرنسية أن الخلاف اليوم «ليس على المحكمة، بل على عمل المحقق الدولي» دانيال بلمار، وهو ما أشار إليه بري بتأكيده أن «الجميع يريد العدالة وليس هناك أحد ضد العدالة».

وأفادت المصادر الفرنسية بأنه لم يجر الحديث بين المسؤولين عن احتمال عقد اجتماع للسياسيين اللبنانيين في فرنسا على غرار اجتماع سان كلو قبل ثلاثة أعوام.

ولم يغب موضوع الجيش عن النقاش، وفي هذا الصدد، نقلت المصادر الرئاسية عن ساركوزي تجديد دعمه للجيش اللبناني واستعداد فرنسا للاستمرار في «التعاون (العسكري) متعدد الأشكال» مع لبنان، وعبر أعمال «محسوسة» ليس فقط على مستوى التجهيز، ولكن أيضا بالنسبة إلى التدريب وخلافه.

وكان بري قد دعا إلى شطب الديون الخارجية المستحقة على لبنان، لأنها تنهش الخزينة وتمنع استخدام خدمة الديون لأغراض إنمائية.