الأكثرية تستنكر طلب نصر الله وقف التعاون مع محكمة الحريري.. و8 آذار تتفهم

المشنوق لـ«الشرق الأوسط»: كلامه لا يلزم الدولة اللبنانية وهو استعجال للنقاش السعودي السوري

سعد الحريري متوسطا بهية الحريري ورئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة خلال ترؤسه اجتماع تكتل المستقبل النيابي (دالاتي ونهرا)
TT

قوبل الموقف القاطع الذي اتخذه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بوقف التعامل مع لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الحريري، بعاصفة من الردود الشاجبة والمستنكرة، التي وصفت هذا الموقف بـ«الخطير»، ورأت أنه «يضع لبنان في مواجهة مع المحكمة الدولية والمجتمع الدولي، ويشكل تهديدا مباشرا للدولة ولأكثرية الشعب اللبناني»، في حين وجدت تفهما لدى فريق الثامن من آذار. وكان نصر الله قد تحدث أول من أمس على خلفية الإشكال الذي وقع مع فريق من المحققين في عيادة نسائية في الضاحية الجنوبية، وطالب المسؤولين وجميع اللبنانيين بوقف التعامل مع المحكمة، واعتبر أن كل من يتعاون مع فريق المدعي العام الدولي دانيال بلمار والمحكمة الدولية، بمثابة من يتعامل مع إسرائيل ويتآمر على المقاومة.

وبقيت كلمة نصر الله محور الاهتمام السياسي، باعتبارها تدخل الدولة اللبنانية في مفترق حساس يتعلق بمسار التعاطي اللبناني مع المحكمة الدولية، وتشكل خروجا عن البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الحريري، الذي تضمّن بندا يؤكد الالتزام بالمحكمة، وخروجا عن الاتفاقيات التي وقعتها المحكمة الدولية ومكتب المدعي العام دانيال بلمار مع الحكومة اللبنانية التي لا يزال حزب الله جزءا منها. غير أن عضو كتلة المستقبل النائب نهاد المشنوق، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «كلام نصر الله هو موقف سياسي يلزم حزب الله ومناصريه، لكنه لا يلزم الدولة وغالبية اللبنانيين، كما أنه لا يلزم المجتمع الدولي». مشيرا إلى أن «السيد نصر الله أراد بموقفه هذا أن يستعجل النقاش السعودي السوري حول الملف اللبناني». وترأّس رئيس الحكومة سعد الحريري بعد ظهر أمس في «بيت الوسط» اجتماعا لكتلة المستقبل النيابية، جرى خلاله عرض لآخر المستجدات والتطورات السياسية في البلاد. وأعلنت كتلة المستقبل في بيان صدر بعد الاجتماع.

وشددت على «التمسك بالمحكمة الخاصة التي توافق اللبنانيون عليها كحماية للتنوع السياسي، وعلى قاعدة أن العدالة هي أساس الاستقرار ولا تناقض بينهما، ذلك أن هذين العنصرين يشكلان جوهر نظامنا السياسي الديمقراطي الذي ارتضيناه عبر اتفاق الطائف، ولا يمكن الحديث عن نظام برلماني من دون أن تكون هناك عدالة تحمي حق التعبير في ظل مسلسل الاغتيالات السياسية». وفي هذا السياق اعتبر النائب نهاد المشنوق أن «كلام الأمين العام لحزب الله هو وجهة نظر سياسية غير ملزمة لأحد»، وأكد في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط»، أن «هذا الموقف سياسي وهو يلزم حزب الله ومناصريه، لكنه لا يلزم الدولة وغالبية الشعب اللبناني ولا المجتمع الدولي»، مشيرا إلى أن «السيد نصر الله أراد من كلامه استعجال نتائج الحوار السعودي السوري حول لبنان، لا سيما أن هناك معلومات ترجح زيارة لمستشار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الأمير عبد العزيز بن عبد الله إلى العاصمة السورية خلال الـ72 ساعة المقبلة». وذكر المشنوق بأن «لبنان عضو مؤسس في الأمم المتحدة، وهو ملتزم مواثيقها والدولة اللبنانية تجسد هذه المبادئ والحقوق»، مشيرا إلى أن «البيان الوزاري للحكومة الحالية التي يشارك فيها حزب الله يجدد التزام لبنان واحترامه للقرارات وللشرعية الدولية، ومنها المحكمة الدولية التي قامت بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1757، وهذا ما اتفق عليه في الحوار الوطني».

وفي معلومات لـ«الشرق الأوسط»، فإن «زيارة فريق المحققين الدوليين إلى عيادة الطبيبة إيمان شرارة تمّت وفقا للأصول، وأن الطبيبة وافقت على الإدلاء بشهادتها أمام لجنة التحقيق الدولية، لكونها تحمل الجنسية الأميركية، وعائلتها تعيش في الولايات المتحدة، وهي رأت أن امتناعها عن التعاون مع فريق التحقيق قد يؤثر عليها كمواطنة أميركية وعلى أهلها، وهي بعد أن وافقت على المقابلة أعطت الخبر لمسؤولين في حزب الله عن موعد اللقاء مع المحققين، وأن الطبيبة اعترفت أن هؤلاء المحققين يريدون الاستفسار عن أرقام هواتف وليس الاطلاع على ملفات طبية».

واعتبر عضو كتلة القوات اللبنانية النائب أنطوان زهرا أن قراءة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لحادثة عيادة الطبيبة إيمان شرارة بأنها «انتهاك للحرمات» هي «قراءة غير واقعية». ورأى أن «كلام السيد نصر الله الموجّه إلى الملتزمين بالمحكمة هو تهديد مباشر غير مقبول، لكننا لن نرد بالطريقة نفسها، لأننا متمسكون بكل ما هو شرعي، ونطالب الدولة اللبنانية القيام بدورها في هذا المجال»، معربا عن الأمل في أن «لا تتحول المقاومة التي حررت الأرض، إلى ظالم، يتوجب قيام مقاومة في وجهها». في المقابل، أكد وزير السياحة فادي عبود أن كلام نصر الله «ليس خطيرا ولا يشكل تهديدا للدولة، بل هو موجه إلى محكمة مشكوك في أمرها»، وقال: «السيد حسن لم يفرض رأيه على أحد، وكما عودنا دائما، بل دعا اللبنانيين إلى عدم التعاون مع المحكمة الدولية، وكلامه لم يأت من العدم». متمنيا «ألا يفرض على المقاومة 7 أيار مرة جديدة». أضاف: «لا أريد أن أقيّم المحكمة الدولية كمحكمة، فقد تكون المحكمة فوق الشبهات، ولكن الأدلة التي تُقدَّم إلى المحكمة ليست فوق الشبهات».