السفير السعودي يدعو اللبنانيين إلى التنبه لما يحاك لهم.. وتجنب الخلاف المذهبي

زار مدينة طرابلس والتقى مختلف فاعلياتها السياسية والدينية والاجتماعية

TT

أكد سفير المملكة العربية السعودية علي عواض عسيري، خلال زيارته مدينة طرابلس ولقائه فاعلياتها السياسية، أن «هدف المملكة هو لم شمل اللبنانيين من جميع الأطياف سنة ومسيحيين وشيعة ودروزا»، وأن «تمنيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هي أن يرى وحدة الصف اللبناني»، وأعلن خلال جولة له في مدينة طرابلس (شمال لبنان)، أن «لبنان في مرحلة حساسة تتطلب التبصر»، وطالب اللبنانيين بـ«التنبه لما يحاك لهم». وإذ شدد على «أهمية التمسك باتفاق الطائف»، دعا «إلى تجنب أي خلاف بين المذاهب»، مطالبا أن «تعيش المذاهب الإسلامية موسم الحج كعامل من عوامل الوحدة»، وجدد القول إن هناك «جهودا لضرب وحدة لبنان، لكنه أمانة في أعناق اللبنانيين وهم قادرون على كشف ما يحاك». وإذ اعتبر أن «الاستقرار الذي ينعم به لبنان يأتي ثمرة زيارة الملك عبد الله إلى لبنان برفقة الرئيس السوري بشار الأسد»، أشار إلى أن «وحدة الصف السني في طرابلس مهمة جدا، لكن الأهم وحدة جميع اللبنانيين».

وكان السفير السعودي وصل صباح أمس على رأس وفد كبير من أركان السفارة إلى مدينة طرابلس، واستهل جولته بلقاء رئيس الحكومة الأسبق عمر كرامي في دارته، وتم البحث في التطورات والأوضاع في لبنان والمنطقة. وبعد اللقاء، أشاد عسيري بدور كرامي وتاريخ عائلة كرامي وتفانيها في العمل وفي خدمة أبناء المدينة، ناقلا إليه تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. بدوره، أثنى الرئيس كرامي على «الجهود الكبيرة التي يبذلها الملك عبد الله من أجل إنقاذ الوضع اللبناني بالتعاون مع القيادة السورية». ثم وبعد اللقاء الذي دام نصف ساعة انتقل الرئيس كرامي والسفير السعودي والوفد المرافق إلى حرم جامعة «المنار - مؤسسة رشيد كرامي للتعليم العالي» في أبو سمراء حيث جالا برفقة رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي والنائب سمير الجسر وحشد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والإعلامية والتربوية في طرابلس والشمال، وتفقد الجميع «مبنى الملك عبد الله» في حرم الجامعة الذي تبرعت بتشييده المملكة العربية السعودية قبل سنة.

ثم زار عسيري وزير الاقتصاد والتجارة محمد الصفدي في دارته في طرابلس بحضور فاعليات المدينة وقال بعد اللقاء «استمعت إلى معاليه وكان لي الفخر أن أجتمع في هذا البيت الكريم بإخوان لنا وبقيادات في هذه المدينة المؤثرة في الساحة اللبنانية، ولن يخدم لبنان إلا أهل لبنان ولا أحد يستطيع أن يفرق اللبنانيين إذا اتحدوا في ما بينهم، وقد أسعدني أنا وزملائي أن نتعرف على طرابلس وأهلها في إطار تعزيز الترابط التاريخي بين المملكة ولبنان»، أضاف: «أنا فخور أن أرى هذا المشهد المعبر عن جمع كافة قيادات طرابلس وأن أرى لبنان كله صفا واحدا وأن تتحد قياداته من أجل المصلحة الوطنية، وأملنا وتمنياتنا أن نرى لبنان مستقرا وموحدا وكافة القيادات السياسية فيه ملتحمة لحماية هذا البلد وتحصينه ضد أي شر».

ورد الصفدي بكلمة قال فيها: «نحن نعتبر أن المملكة العربية السعودية بشخص خادم الحرمين الشريفين وحكومته وشعبه هي الأم الحاضنة للبنانيين جميعا وهي لا تفرق بينهم، ونحن نجدد ترحيبنا بهذه الزيارة التي هي لكل أهل طرابلس بكل فئاتهم، ونتمنى أن تعم الزيارة القادمة كل مناطق الشمال، وسعادة السفير هو بين أهله وإخوانه في المدينة»، ودعا الصفدي السفير السعودي إلى أن يكون للمملكة وجود في طرابلس عبر مركز خاص بها كما هي موجودة في قلوب الطرابلسيين. بعدها زار السفير السعودي عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر في دارته في طرابلس، في حضور النائبين محمد كبارة وبدر ونوس ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، وقد جرى عرض للأوضاع العامة في لبنان. وبعد اللقاء قال سفير المملكة العربية السعودية: «منذ مجيئي إلى لبنان وزيارة طرابلس هي في أولويات برنامجي، ولكن الظروف التي مرت أخرت حدوثها». وردا على سؤال أجاب: «لننظر إلى الزيارة التي قام بها الملك عبد الله إلى لبنان وما عكسته من حرص شديد لدى خادم الحرمين الشريفين أن يرى وحدة الصف اللبناني، وأن يرى اللبنانيين يحصنون أنفسهم. فما عكسته الزيارة في ظل ظروف أنتم تعلمون أنها كانت قاسية، وبمجرد وجوده مع الرئيس السوري بشار الأسد واجتماعهما مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان في بعبدا، عكست فورا استقرارا وهدوءا لدى الجميع. وهذه تمنيات خادم الحرمين الشريفين، ودائما من ضمن اهتماماته أن يرى وحدة الصف اللبناني ونبذ الفتن ونبذ الخلافات وتحسين الجبهة الداخلية لتبقى دولة لبنان قوية ومحصنة ضد أي شيء يؤثر عليها وعلى استقرارها».

ورحب الجسر بالسفير عسيري، وقال: «نحن لا نستطيع أن ننسى أبدا أفضال المملكة العربية السعودية على لبنان في كل المراحل التي مر بها وعلى الأخص في المراحل السابقة. ونأمل بمزيد من التعاون، وأن تعكس هذه الزيارة الجامعة صورة مختصرة لسياسة وتوجه المملكة التي تسعى دائما إلى توحيد صفوف اللبنانيين». وردا على أحد الأسئلة، رأى أن «المملكة تسعى دائما إلى إصلاح ذات البين وأن تحركات المملكة السياسية في هذا الأسبوع كانت لافتة جدا نحو مساعي المصالحة والتهدئة». وبعد أن أدى صلاة الجمعة في طرابلس، لبى السفير عسيري دعوة الرئيس نجيب ميقاتي إلى مائدة الغداء التي أقامها على شرفه والوفد المرافق في مطعم الشاطئ الفضي، حضرها نواب طرابلس ومفتي الشمال الشيخ مالك الشعار، والنائب سليمان فرنجية والرئيس عمر كرامي، وفاعليات. وقد ألقى عسيري كلمة شدد فيها على أن «لبنان في مرحلة حساسة تتطلب التبصر»، وطالب اللبنانيين بـ«التنبه لما يحاك لهم». وإذ شدد على أهمية التمسك باتفاق الطائف، دعا عسيري إلى تجنب أي خلاف بين المذاهب، طالبا أن «تعيش المذاهب الإسلامية موسم الحج كعامل من عوامل الوحدة»، وجدد القول إن هناك «جهودا لضرب وحدة لبنان، لكنه أمانة في أعناق اللبنانيين وهم قادرون على كشف ما يحاك». وبدوره، دعا ميقاتي إلى «الحوار وإيجاد حل ينبثق من المؤسسات الدستورية».