أوباما اتصل هاتفيا بخادم الحرمين الشريفين وقدم امتنانه للدور السعودي في كشف المؤامرة

مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الإرهاب: تصرف الرياض السريع أحبط هجمات كانت ستحدث خسائر كبيرة

أحد الطرود المصادرة وهو عبارة عن عبوة حبر للطابعات تحتوي على مواد شديدة التفجير، وصممت للتفجير عبر هاتف جوال لدى وصولها إلى وجهتها النهائية وهي مراكز عبادة يهودية في شيكاغو (إ.ب.أ)
TT

أعلن البيت الأبيض امتنان الرئيس باراك أوباما والحكومة الأميركية للسعودية لدورها في كشف طردين متفجرين شحنا من اليمن إلى الولايات المتحدة. وأصدر البيت الأبيض بيانا قال فيه إن الرئيس أوباما اتصل هاتفيا بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. وأثنى على جهود المملكة في الكشف عن الطردين المتفجرين. وإنه أطلع الملك على آخر التطورات واستمرار التحقيقات في الموضوع.

وقال بيان البيت الأبيض: «إن الولايات المتحدة ممتنة للمملكة العربية السعودية لمساعدتها في توفير معلومات ساعدت على تأكيد الخطر الوشيك الصادر من اليمن. إن مساعدة المملكة، إلى جانب العمل المكثف من مجتمع مكافحة الإرهاب والمملكة المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة وأصدقاء وشركاء آخرين، ساعدت على زيادة يقظتنا، والتعرف على الطرود المشبوهة في دبي وبريطانيا».

وقالت وكالة الأنباء السعودية: إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تلقى أمس اتصالا هاتفيا من الرئيس الأميركي باراك أوباما، تم خلاله بحث المستجدات على الساحة الدولية والقضايا ذات الاهتمام المشترك والعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين.

كما تلقى خادم الحرمين أمس اتصالا هاتفيا من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، تم فيه استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وبحث تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

ومن جانبه قال النائب بيتر كينغ، الجمهوري من نيويورك والجمهوري البارز في لجنة الأمن الداخلي الذي جاء لمكتبه تقرير عن الحادث، إن التحذيرات بشأن المواد المتفجرة كانت دقيقة. وأضاف: «عرفنا ما نبحث عنه، وعرفنا أين نبحث عن ذلك».

وقال كينغ، الذي غالبا ما يوجه انتقادات للإدارة الأميركية وهيئات استخباراتية لأنها لم تنتبه في بعض الأحيان إلى أشياء تدلل على احتمالية وقوع هجمات: «لقد سار كل شيء حتى الآن بالصورة الصحيحة».

وقال جون برنان، مستشار الرئيس الأميركي الأبرز المختص بشؤون مكافحة الإرهاب، إن العبوات كانت تحتوي على مواد متفجرة قال إنها تشبه في الحجم «صندوق خبز»، مشيرا إلى أنها تخضع لفحص وأن التحقيق لا يزال في المرحلة الأولى. وقال إن المحققين لم يعرفوا حتى الآن الطريقة التي كانت ستستخدم من أجل تنشيط المتفجرات، منوها بأن البحث عن مواد متفجرة أخرى لا يزال جاريا. وقال برنان: «لا نريد افتراض أننا نعرف حدود هذه المؤامرة، ولذا نفحص كل العبوات».

وتظهر هذه المؤامرة الأخيرة من جديد التهديد القادم من اليمن ويطرحه تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الذي يتخذ من اليمن مقرا له. وقال برنان إن هذا التنظيم «أنشط كيان يتبع (القاعدة) في تنفيذ عمليات».

وفي الواقع أصبح اليمن، الذي لم يكن يعرفه الكثير من الأميركيين، مصدرا لبعض أهم محاولات تنفيذ هجمات إرهابية خلال الأعوام الأخيرة. ويقول مسؤولون استخباراتيون أميركيون إن أنور العولقي، وهو رجل متطرف ولد في أميركا، يختبئ حاليا داخل اليمن وإنه لعب دورا مباشرا في محاولة تفجير طائرة عيد الميلاد، ودعا علنا إلى تنفيذ المزيد من الهجمات ضد الولايات المتحدة.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد تواصل طبيب نفسي من الجيش الأميركي متهم بقتل 13 شخصا داخل «فورت هود» في تكساس قبل عام عبر البريد الإلكتروني مع العولقي قبل ذلك الحادث. وتم الربط بين محاضرات وخطب للعولقي بأكثر من 12 تحقيقا تتناول حوادث إرهابية داخل الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا. وذكر فيصل شاه زاد، الذي حاول تفجير سيارة بميدان «تايمز سكوير» في شهر مايو (أيار)، أن العولقي مصدر إلهام بالنسبة إليه.

وقد استهدفت غارات يمنية وهجمات صاروخية أميركية أكثر من مرة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية منذ ديسمبر (كانون الأول)، وفي وقت سابق من العالم الحالي أصبح العولقي أول مواطن أميركي يوضع على قائمة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للإرهابيين المشتبه فيهم المطلوب اعتقالهم أو قتلهم. وحتى الآن لم يعلن عن دليل يربط بين العولقي والمؤامرة الأخيرة.

وقال محمد الباشا متحدث باسم السفارة اليمنية داخل واشنطن إن الحكومة اليمنية «بدأت تحقيقا شاملا» وتعمل عن قرب مع الولايات المتحدة ودول أخرى من أجل دراسة هذا الحادث.

وقال برنان، الذي تحدث في وقت مبكر من يوم الجمعة مع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، إن تعاون اليمن في الحرب ضد الإرهاب يتحسن بصورة مطردة. وأضاف: «نعمل عن قرب شديد معهم، وقد وجدنا أنهم شركاء شجعان».

كما أثنى برنان على السعوديين، قائلا: «كان تصرفهم السريع سببا في منع ما كان يحتمل أن تصبح هجمات إرهابية كبرى تنتج عنها خسائر كبيرة في الأرواح». وقد تم الكشف عن المؤامرة بصورة درامية في قنوات تلفزيونية دولية مع مشهد فرق الأمن تحيط بطائرات شحن داخل الكثير من الدول ومقاتلات عسكرية تصحب طائرة ركاب إلى نيويورك وظهر الرئيس متجهما ولم ينم الكثير من مساعديه ليلا.

وقد عثر على إحدى العبوات على متن طائرة شحن تابعة لشركة «يو بي إس» داخل مطار إيست ميدلاندز بالقرب من نوتنغام داخل إنجلترا، بحسب ما يقوله مسؤولون، وأضافوا أنه كُشف عن عبوة ثانية مشابهة داخل طائرة تابعة لـ«فيد إكس» في دبي.

ولا تسيِّر أي من الشركتين رحلات جوية إلى أو من اليمن، ولكن تقدمان خدمة الشحن من اليمن وتتعاقدان مع شركات أخرى لنقل الشحنات من هناك إلى مراكز داخل أوروبا وأماكن أخرى داخل الشرق الأوسط.

وقالت فرانسو تاوتسند، مسؤولة مكافحة الإرهاب في إدارة الرئيس السابق بوش، إن الفضل يعود للمخابرات السعودية في اكتشاف شحنات الطرود المتفجرة من اليمن. وأوضحت: «قال لي مسؤولون في الإدارة الحالية إنهم يدرسون الخطوات التي ستتخذ ضد (القاعدة)، وإنهم يتشاورون مع الدول الصديقة في هذا الموضوع». وأضافت: «لا أعتقد أننا سنتخذ أي خطوة من دون استشارة الدول الصديقة وعلى رأسها الحكومة السعودية». وقالت: «نعم، كنا نتوقع عملا عدوانيا من نوع ما من اليمن. لكننا لم نكن نملك خيطا يقودنا إلى نوع العمل الذي كنا ننتظره. لكن، بفضل السعودية، وصلت إلينا معلومات محددة ومفيدة جدا». وأثنت على دور السعودية في كشف الطردين المتفجرين اللذين أرسلا من اليمن إلى بريطانيا. وقالت: «لولا المعلومات السعودية، ما كان في إمكاننا كشف الطردين». وأشارت إلى «سنوات كثيرة من التعاون الأميركي - السعودي منذ أن كنت مستشارة الرئيس بوش». وقالت إنها، بعد هجوم 11 سبتمبر (أيلول) قامت بزيارات كثيرة إلى السعودية، وأثنت على التعاون السعودي في الحرب ضد الإرهاب. وقالت إن التعاون الأميركي - السعودي يشمل متابعة النشاطات الإرهابية في اليمن. وإن «الاهتمام الأميركي جاء متأخرا، بينما ظل الاهتمام السعودي مستمرا منذ سنوات كثيرة». وإن «السعوديين يفهمون الوضع هناك أكثر منا». إلى ذلك قال مسؤولون أميركيون إن مسؤولين استخباراتيين داخل السعودية حذروا الولايات المتحدة من مؤامرة تستهدف نقل مواد متفجرة من العاصمة اليمنية صنعاء. وتراقب السعودية، التي لها حدود مع اليمن، مسلحين هناك عن قرب، علما بأن هؤلاء المسلحين تآمروا ضد السعودية وأرسلوا مفجرا انتحاريا العام الماضي في محاولة فاشلة لاغتيال نائب وزير الداخلية رئيس مكافحة الإرهاب السعودي.

ومن شأن هذا الحادث أن يثير مجددا النقاش القديم بشأن فحص الشحنات على متن طائرات الشحن. ولا يتم فحص سوى نسبة صغيرة من هذه الشحنات في الوقت الحالي على الرغم من أنه في عام 2007 أمر الكونغرس إدارة أمن المواصلات بفحص جميع الشحنات على رحلات الركاب بداية من العام الحالي.

وقال مسؤولون في الإدارة إنه لا يوجد ما يدفعهم إلى اعتقاد أن العناوين داخل شيكاغو لها علاقة بخطط أوباما للذهاب إلى شيكاغو ليلة السبت. وقالوا إن قرار جعل الرئيس يتحدث علنا عن المؤامرة يعود جزئيا إلى تقارير متضاربة ومتخبطة ظهرت على شاشات التلفزيون يوم الجمعة.

وبعد الكشف عن عبوة مشتبه فيها على متن طائرة متجهة من الإمارات إلى نيويورك، سارعت مقاتلات أميركية وكندية إلى اصطحابها. وهبطت الطائرة داخل مدينة نيويورك ظهيرة الجمعة من دون حدوث شيء، ولم يتم العثور على متفجرات.

ويقول ديفيد باكلز (23 عاما)، وهو محلل مالي من نيويورك كان على متن الطائرة الإماراتية التي كانت تحمل الرحلة رقم 201 والقادمة من دبي، إنه لم ير أي طائرات حربية ولم يلاحظ أي إجراءات أمنية غير معتادة، فيما عدا تأجيل لمدة 20 دقيقة قبل السماح للركاب بمغادرة الطائرة. وأضاف: «التفكير في أن هناك مقاتلات كانت تصطحب الطائرة يثيرني للغاية حاليا».

وتم نقل طائرتي شحن تتبعان «يو بي إس» داخل مطار فيلادلفيا وأخرى في نيوارك إلى مناطق آمنة بعيدا عن المحطات وجرى تفتيشهما. وأوقفت شاحنة تابعة لـ«يو بي إس» داخل مدينة نيويورك، وجرى تفتيشها أيضا مع معاينة شحنتين من اليمن، بحسب ما ذكرته الشرطة.

ورفض مسؤولون في مكافحة الإرهاب ذكر المعابد التي كان يُفترض ذهاب العبوات المشتبه فيها إليها وعثر عليها داخل دبي وبريطانيا، وقالوا إنه ليس من بينها «كي إم إيه آشعيا إسرائيل»، الذي يقع قريبا من منزل أوباما داخل هايد بارك.

وقال الحاخام مايكل بالينسكي، نائب الرئيس التنفيذي لمجلس حاخامات شيكاغو، إنه كان من المخطط أن تقيم معابد يهودية داخل شيكاغو طقوس عبادة يوم السبت. وقال معلقا على أخبار تقول إن شيكاغو ربما كانت هدفا للمؤامرة: «يبعث ذلك على القلق، ولكن من المؤكد أن الطائفة اليهودية ستستمر على نفس النهج، ولكن سنتوخى الحذر».

* خدمة «نيويورك تايمز»