صنعاء: توقيف امرأة أرسلت الطردين المفخخين إلى الولايات المتحدة

مستشار أوباما يعرض على الرئيس اليمني المساعدة في مكافحة الإرهاب > اليمن: إغلاق مكتبي شركتي «يو بي إس» و«فيدكس» بقرار قضائي

مواطن يمني أمام مدخل أحد مكاتب خدمات البريد السريعة (أ.ف.ب)
TT

أبلغ مستشار الرئيس الأميركي باراك أوباما لمكافحة الإرهاب، الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، أمس، بأن الولايات المتحدة تقف على أهبة الاستعداد لمساعدة حكومته في مكافحة الفصيل التابع لتنظيم القاعدة هناك، في أعقاب مؤامرة فاشلة بطرود ناسفة منشأها اليمن. وقال البيت الأبيض في بيان إن جون برينان، معاون أوباما، أكد أيضا على «أهمية التعاون الوثيق في مكافحة الإرهاب بما في ذلك ضرورة العمل معا في التحقيقات الجارية في الأحداث التي وقعت خلال الأيام القليلة الماضية». وطلب البيت الأبيض السبت من اليمن تعاونا وثيقا ضد الإرهاب في أعقاب العثور على طردين مفخخين مصدرهما هذا البلد على متن طائرتي شحن في طريقهما إلى الولايات المتحدة.

وفي وقت لاحق، أعلنت وزارة الداخلية اليمنية عن اعتقال فتاة يمنية بتهمة الاشتباه في صلتها بعملية تسليم الطردين المشبوهين إلى الشركتين الأميركيتين، وأشارت إلى أن عملية الاعتقال هذه تأتي في إطار حملة ملاحقة مشتبهين بالتورط في إرسال الطرود المشبوهة إلى خارج اليمن. وذكرت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن عملية اعتقال الفتاة تمت بعد محاصرة أحد المنازل في أحد أحياء العاصمة صنعاء التي تشهد إجراءات أمنية مشددة للغاية. هذا ولم تكشف السلطات اليمنية عن هوية الفتاة حتى اللحظة، غير أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أعلن للصحافيين أن قوات الأمن حاصرت منزل الفتاة قبل اعتقالها، في حين تشير مصادر إلى أن الاستنفار الأمني في صنعاء ربما يرفع عدد المشتبهين في هذه القضية التي أثارت هلعا ومخاوف دولية.

وكشف الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، مساء أمس، عن تحركات أمنية واسعة النطاق لملاحقة المتورطين في تسليم الطردين المشبوهين إلى شركتي الشحن الأميركيتين، وأكد أن جهاز الأمن القومي (المخابرات) يقوم بجمع كافة المعلومات ويجري التحريات بشأن الحادث الذي قال إن كل ما نُشر عنه لا يزال في إطار التناولات الإعلامية, وإن بلاده لم تتلق تأكيدا قطعيا من الولايات المتحدة أو بريطانيا أن الطردين المشتبهين يحملان متفجرات، باستثناء احتمالات تلقتها السلطات اليمنية في إطار التواصل القائم، منذ أول من أمس، بهذا الخصوص.

وذكر صالح أنه في إطار الاتصالات التي جرت وتجري بهذا الخصوص، اتفق مع رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، على إرسال فريق أمني إلى اليمن، للتحقيق في ملابسات الحادثة، كما كشف الرئيس اليمني، لأول مرة، عن وجود فرع للمخابرات الأميركية في اليمن، وذلك عندما قال إن المعلومات حول الطردين جاءت من واشنطن وإن صنعاء تواصلت مع فرع الـ«سي.آي.إيه» في اليمن من أجل هذه المعلومات.

وجدد الرئيس اليمني تأكيد بلاده وتصميمها على محاربة الإرهاب بالتعاون مع المجتمع الدولي وأيضا الدول الشقيقة، وكذا وجود الإرادة السياسية لمحاربة الإرهاب، وعبر عن امتنان مسبق لمن يقدم معلومات إلى بلاده. وقال إن اليمن سيكون شاكرا للحصول على مزيد من التعاون مع حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية في مسائل الاستخبارات. وأشار إلى الافتقار إلى التنسيق مع الأجهزة الأمنية لهذه الدول.

وقال الرئيس اليمني، في مؤتمر صحافي لم يعلن عنه إلا قبيل انعقاده بأقل من ساعة: إن اليمن يدفع ثمنا باهظا لمحاربة الإرهاب وإن أكثر من 70 ضابطا ورجل أمن قُتلوا خلال الأسابيع القليلة الماضية على يد تنظيم القاعدة.

وقال صالح، في مؤتمر صحافي قصير لم تُتَح فيه فرصة للصحافيين لتوجيه أسئلة: «اليمن عازم على الاستمرار في مكافحة الإرهاب والقاعدة بالتعاون مع شركائه، لكننا لا نريد أن يتدخل أحد في الشؤون اليمنية عن طريق ملاحقة القاعدة».

إلى ذلك، أغلقت السلطات الأمنية اليمنية، أمس، مكتبي شركتي «يو بي إس» و«فيدكس» بأمر من القضاء، وذلك بعدما أعلن عن اكتشاف شحنات مشبوهة في رحلتين للشركتين. وجاء هذا الإجراء في ظل فرض السلطات اليمنية لإجراءات أمنية مشددة في العاصمة صنعاء وقيامها بحملة ملاحقة مشتبهين بالتورط في إرسال الطرود الملغومة، رغم أن السلطات اليمنية نفت خروج تلك الشحنات من البلاد. وقال مصادر محلية وشهود عيان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن قوة أمنية داهمت مقري الشركتين، ظهر أمس، وصادرت 26 طردا من الطرود المعدة للشحن للاشتباه في محتوياتها، وإحالتها للفحص، قبل أن تباشر التحقيق مع عدد من موظفي الشركتين في واقعة الطرود المشتبه بوجود مواد متفجرة بداخلها. وجاء إغلاق مقري الشركتين في صنعاء، بعد أقل من يوم واحد من إعلان الشركتين تعليق رحلات الشحن التي تنفذها من اليمن، على خليفة قضية الطرود. وشددت السلطات اليمنية من إجراءاتها الأمنية في العاصمة صنعاء بصورة غير مسبوقة، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن جميع شوارع المدينة شهدت انتشارا أمنيا مكثفا وحملات تفتيش للسيارات وعمليات تدقيق في الهويات، وتحدثت مصادر محلية عن قيام السلطات الأمنية بملاحقة عدد من المطلوبين والمشتبه بانتمائهم لتنظيم القاعدة، على خلفية قضية الطرود المشبوهة، وإمكانية تورط بعضهم فيها.

وفتحت السلطات اليمنية تحقيقا مشتركا بين أجهزة الأمن وهيئة الطيران المدني، وبالتنسيق مع الأجهزة المختصة في كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، وقال مصدر يمني إنه «فور التوصل إلى نتائج سيتم الإعلان عنها في حينها». ورغم الإعلان عن فتح تحقيق في المعلومات، فإن السلطات اليمنية باشرت، وعقب الأنباء الصحافية التي تواترت عن اكتشاف الطرود المفخخة، إلى نفي ما نشر، حيث عبر مصدر يمني مسؤول عن استغرابه ودهشته من «قيام بعض الوسائل الإعلامية بالزج باسم اليمن في ما زعم عن اكتشاف طرود متفجرة على متن طائرة شحن أميركية تابعة لشركة (يو بي إس) كانت قادمة من اليمن إلى لندن». ونقلت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» عن المصدر قوله إنه لا توجد لتلك الشركة «أي طائرات شحن أو غيرها أقلعت أو تقلع من اليمن»، كما أنه «لا يوجد أي طيران مباشر أو غير مباشر سواء للركاب أو الشحن من أي من المطارات اليمنية إلى مطارات المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة الأميركية». وشدد المصدر اليمني التأكيد على أن الإجراءات الأمنية التي تتخذ في المطارات اليمنية لتفتيش الركاب أو الحقائب أو طرود الشحن «صارمة ودقيقة، وتتم عبر أجهزة رقابية حديثة ومتطورة زودت بها تلك المطارات للكشف عن أي أشياء مشبوهة تمس بسلامة الطيران وأمن الركاب، وطبقا للشروط والإجراءات المقرة من الوكالة الدولية للنقل الجوي (إياتا)»، وطالب المصدر المسؤول الذي لم تعلن هويته أو منصبه، بعدم التسرع «في إصدار الأحكام في قضية حساسة كهذه قبل أن تتكشف نتائج التحقيقات وتظهر الحقيقة»، مؤكدا استمرار اليمن ومواصلته جهوده في محاربة الإرهاب بالتعاون مع المجتمع الدولي، لأن «الإرهاب آفة تهدد أمن وسلامة الجميع»، حسب المصدر.

وقد أجرى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، مساء أمس، اتصالا هاتفيا بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وتلقى صالح، في نفس الوقت، اتصالا هاتفيا مماثلا من رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، وآخر من مساعد الرئيس الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب، جون برينان. وقالت مصادر يمنية إن هذه الاتصالات تتعلق بالتطورات الأخيرة والخاصة باكتشاف طردين مفخخين في دبي ولندن كانا في طريقهما إلى الولايات المتحدة. وعلى الشق الآخر، تلقى خادم الحرمين الشريفين اتصالا هاتفيا من الرئيس الأميركي باراك أوباما، لذات الشأن، جرى فيه توجيه الشكر للمملكة العربية السعودية على المعلومات التي قدمتها لواشنطن والتي كشفت الطردين الملغمين. وفي ذات السياق هاتف أوباما رئيس الوزراء البريطاني، من دون أن تتكشف طبيعة معظم الاتصالات التي جرت بهذا الخصوص.