المتفجرات المقبلة في الشحنات الجوية تعيد الجدل حول عمليات التفتيش

20 مليون رطل من الطرود تنقل على طائرات الشحن والركاب يوميا داخل الولايات المتحدة

طائرة شحن تابعة لشركة «فيديكس» اوقفت في في مطار ستانستيد البريطاني للتحري عن طرود مشبوهة ( رويترز )
TT

أعاد اكتشاف عبوتين ناسفتين نقلا عبر طائرتي شحن تجدد النقاشات التي امتدت زمنا طويلا حول الحاجة إلى الفحص الدقيق للبضائع في طريقها إلى الولايات المتحدة.

فعلى الرغم من التدقيق المتزايد للأشخاص والأمتعة على متن طائرات الركاب المتجهة إلى الولايات المتحدة في أعقاب هجمات سبتمبر (أيلول)، فإنه لا يوجد سوى ضمانات قليلة بالنسبة للحقائب والأمتعة، ولا سيما تلك التي يتم حملها عبر طائرات للشحن فقط.

وقد تكررت النقاشات بشأن هذه القضية في الكونغرس مرارا وتكرارا، وكانت موضوعا لتقرير صدر مؤخرا عن الذراع البحثية للكونغرس، التي حذرت من أن بعض الإجراءات لم يتم الوفاء بها. ويرى خبراء صناعة الطيران أن الحالة الأخيرة تشير إلى أن الإرهابيين ربما استغلوا طائرة شحن تحديدا، لأنها لا تخضع لنفس عمليات التفتيش التي تخضع لها طائرات الركاب العادية.

يذكر أن نسبة ضئيلة من جميع الشحنات المقبلة من الخارج تخضع لتفتيش على طائرات الشحن الجوي، وهو ما يؤكد على أن القانون الذي تم تفعيله في أغسطس (آب) الماضي، الذي يقضي بضرورة إجراء فحص كامل، لم ينفذ بكامل بنوده. وقال ستيف لورد، مدير قضايا الأمن الداخلي والعدل في مكتب المحاسبة الحكومي: «يتم تطبيق إجراءات التفتيش بنسبة 100 في المائة على طائرات الركاب التي تحمل أمتعة». ويمكن لحجم الطرد أن يحدد الحاجة إلى تفتيشه ذاتيا. فيؤكد مساعد أحد نواب الكونغرس، الذي درس القضية، أن الطرود الكبيرة تخضع لتفتيش دقيق، وعادة ما يعني ذلك فتح الطرود، في محاولة للبحث عن البضائع المهربة.

وإذا ما أثار أحد الطرود شكوك المسؤولين، على سبيل المثال تساقطت سوائل منه أو برزت أسلاك، فيتم فحصه، وأحيانا ما يتم تعقب الطرود على طائرات الشحن عبر قسائم أو بيانات الشحن.

من ناحية أخرى، يفرض تفتيش ذاتي على كل الطرود المحمولة على طائرات الركاب، التي تحمل 16 في المائة من الطرود المقبلة أو المغادرة أو المنقولة عبر الولايات المتحدة، وفق قانون أغسطس، باستخدام التكنولوجيا أو الوسائل الأخرى.

ويتم تطبيق إجراءات المراقبة هذه عبر شركات خاصة ومسؤولين من حكومة أجنبية أو مسؤولي الجمارك الأميركيين في بعض الدول. إضافة إلى ذلك، فإن بعض الطائرات التي تحمل طرودا فقط، ويتوقع أن تصل إلى طائرات الركاب، تخضع لتفتيش كامل، لكن مكتب المحاسبة الحكومي أشار في تقرير يونيو (حزيران) 2010 إلى أن الحكومة الفيدرالية لم تلتزم بصورة كاملة بهذه المتطلبات بالنسبة لطائرات الشحن أو طائرات الركاب.

وقال لورد: «على الرغم من خضوعها للقانون، فإنها لا تخضع للتفتيش بنسبة 100 في المائة، ولا تزال وكالة أمن المواصلات تحاول التوصل إلى طرق تمكنها من مراقبة الشحنات والطرود، وهو ما يشكل خطرا محتملا». من جانبها، أشارت وزارة المواصلات إلى أنها تراقب كل الشحنات المنقولة داخل الولايات المتحدة بنسبة 100 في المائة، إلى جانب الطرود الدولية المنقولة جوا، التي تعتبرها «خطرا بالغا»، وكذلك المنقولة على طائرات الركاب، بيد أن إدارة أمن المواصلات رفضت الإدلاء بنسبة الطرود والشحنات التي يتم تفتيشها على رحلات الشحن الدولية. وقال النائب الديمقراطي عن ولاية ماساتشوستس، إدوارد ماركي، الذي قدم قانون أغسطس: «نتيجة للتهديدات التي نواجهها، هناك حاجة لمراقبة متواصلة فيما يتعلق بالطرود على الطائرات».

جدير بالذكر، أن 20 مليون رطل من الطرود تنقل على طائرات الشحن أو طائرات الركاب يوميا داخل الولايات المتحدة، أو تكون مقبلة إلى الولايات المتحدة.

وقد رفض المسؤولون في شركتي «فيدكس» و«يونايتد بارسل سرفيس» تقديم تفاصيل بشان إجراءات مراقبة الطرود، لكنهم أشاروا إلى أن إجراءاتهم تفوق التشريعات الفيدرالية.

وتؤكد كلا الشركتين الناقلتين للطرود أنهما تعتمدان بشدة على شركات ناقلة متعاقدة معها في اليمن، ولا تقوم باستخدام طائراتها هناك. وقد أعلنت الشركتان يوم الجمعة أنهما قامتا بفرض حظر على الشحنات المقبلة من اليمن، وتعليق خدماتها المقبلة من هذه الدولة. الطرد المشبوه الذي تم اعتراضه في إنجلترا، تم شحنه عبر شركة «يونايتد بارسل سرفيس»، وقد رفضت المتحدثة باسم الشركة، كارول كول، التأكيد عما إذا كانت طائرة الشركة قد حملت الطرد في جزء من مسارها.

من جانبها، أكدت شركة «فيدكس»، على لسان المتحدث باسمها، ماوري لين، أن الشركة علمت بأن طردا مشبوها ربما كان في منشآتها في دبي عندما اتصل بهم عملاء مكتب المباحث الفيدرالية والسلطات في دبي، وقال لين: «تم الاتصال بنا، وتم اعتراض الطرد بعد ذلك بوقت قصير».

وأوضح مايكل واتلي، الشريك في «إتش بي دبليو ريسورسز»، التي تقدم الاستشارات القانونية لرابطة أمن النقل الجوي، المنظمة التي تمثل شركات النقل الجوي، أنه لا يمكن فرض المعايير الأميركية على الدول الأخرى التي تقوم بشحن الحمولات والطرود إلى الولايات المتحدة. وقال واتلي: «هذه فجوة كبيرة، لذا يجب أن نعتمد على المعاهدات الدولية والمفاوضات الثنائية وكل الأدوات المختلفة التي نملكها كدولة لإلزام الدول الأخرى، لفرض هذه المعايير على أراضيها». وقد تعرض مسؤولو الطيران لضغوط من الكونغرس على مدى ما يقرب من عقد لضمان فحص الطرود المنقولة على طائرات، بحثا عن متفجرات محتملة.

وقال منتقدون إنه من غير المنطقي أن تنفق الولايات المتحدة مليارات الدولارات لتفتيش كل الحقائب، في الوقت الذي تسمح فيه بتحميل الطرود على طائرات الركاب دون تفتيش. وقد فوض الكونغرس إدارة أمن المواصلات باتخاذ الخطوات الكفيلة بضمان تفتيش الطرود التي يتم شحنها على طائرات الركاب والرحلات الدولية المتجهة إلى الولايات المتحدة - وفق قانون أغسطس، وقد اعترفت وزارة الأمن الداخلي الأميركي مؤخرا بأنها لن تلتزم بالمواعيد القصوى للشحنات الدولية. وفي بداية العام الحالي، تحدث غال روسيدس، الذي كان يشغل آنذاك منصب مدير إدارة أمن المواصلات، أمام لجنة مجلس النواب، أن ما يقرب من 80 إلى 85 في المائة من الطرود الدولية المقبلة إلى الولايات المتحدة على طائرات الركاب سيتم تفتيشها، ودلل على استحالة الالتزام الكامل بذلك لصعوبة إلزام بعض المطارات الدولية بالانصياع للمعايير الأميركية.

وقال روسيدس، أمام لجنة مجلس النواب للأمن الداخلي: «نحن نزور هذه الدول، ونقدم لهم معاييرنا، ونساعدها من خلال فرق من خبراء إدارة أمن الطيران».