الحركة الشعبية لا تستبعد تأجيل استفتاء «أبيي».. وتتهم حزب البشير بمساومة واشنطن

مسؤول في محلية «أبيي» لـ «الشرق الأوسط»: مقترح موفد أوباما تقسيم المنطقة يفقد الجنوبيين 25 بئرا نفطية

موفد الرئيس الأميركي للسودان سكوت غريشن (يسار) ورئيس مفوضية الاستفتاء محمد إبراهيم خليل (وسط) مع مجموعة تمثل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة خلال تدشين المواد الانتخابية الخاصة باستفتاء الجنوب في الخرطوم أمس (رويترز)
TT

قال وزير السلام في حكومة جنوب السودان الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم، إنه لا يستبعد احتمال تأجيل الاستفتاء في منطقة أبيي الغنية بالنفط عن موعده في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، الذي يفترض أن يجرى بالتزامن مع استفتاء تقرير مصير جنوب السودان، في حال عدم توصل شريكا الحكم (الحركة الشعبية، والمؤتمر الوطني بقيادة الرئيس البشير) إلى حل للقضايا العالقة بينهما، بينما رفض قيادي في منطقة أبيي أي خطة للتأجيل، معتبرا أن «الحركة الشعبية إذا ذهبت إلى هذا الاتجاه فإنها تتخلى عن دينكا نقوك (وهي كبرى القبائل الجنوبية التي تقيم في المنطقة)».

وقال أموم في تصريحات إنه لا يستبعد احتمال تأجيل استفتاء أبيي عن موعده المحدد إذا لم يتوصل الشريكان إلى حل الخلافات بينهما حتى حلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وقال إن المؤتمر الوطني ساوم الإدارة الأميركية حول المنطقة والاستفتاء، مشيرا إلى أن المؤتمر الوطني رهن تجاوز أزمة أبيي برفع العقوبات الاقتصادية وشطب اسم السودان من لائحة الإرهاب، لكنه رفض مقترح المؤتمر الوطني بتقسيم أبيي بين الشمال والجنوب، بأن تؤول إدارة الجزء الشمالي إلى الخرطوم، والجنوبي إلى جوبا وفق قرار رئاسي. وكان قد أبدى موافقة في وقت سابق لمقترح أميركي بأن تذهب أبيي إلى الجنوب، مقابل حوافز تقدم إلى الشمال في إطار ما سماه «صفقة شاملة».

من ناحية أخرى أبدى أموم استعداد حكومة الجنوب لسد أي عجز مالي في ميزانية مفوضية الاستفتاء لضمان تنفيذه في موعده، واتهم حكومة الوحدة الوطنية بعرقلة عمل مفوضية الاستفتاء بتأخير دفع نسبتها في التمويل. مؤكدا تعهد حكومته بدفع حصتها في تمويل المفوضية. يذكر أن مفوضية الاستفتاء كانت قد شكت من نقص في التمويل اللازم لعملها، الذي يبلغ ثلاثمائة وسبعين مليون دولار، على أن يقدم المانحون نسبة ستين في المائة منها، فيما تدفع حكومتا الوحدة الوطنية والجنوب نسبة أربعين في المائة بالمناصفة بينهما.

من جهته شدد رئيس إدارية أبيي دينق أروب، تمسك قبيلة «دينكا نقوك» بإجراء الاستفتاء في المنطقة في موعده المحدد، معتبرا تصريحات الأمين العام للحركة باقان أموم، باحتمال تأجيل الاستفتاء عن التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل يحتاج إلى توضيح. وقال: إن «عدم الالتزام باتفاقية أبيي، وتنفيذ قرار محكمة لاهاي الدولية حول حدود أبيي يعرض المنطقة إلى مشكلات كبيرة». كما رفض كول مقترح تقسيم أبيي بين الشمال والجنوب، الذي قدمته الإدارة الأميركية، ووافق عليه المؤتمر الوطني.

ويتوقع أن يتوصل شريكا اتفاقية السلام، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، إلى اتفاق حول القضايا العالقة بما فيها أبيي في اجتماع يجمعهما في أديس أبابا خلال أيام برعاية الرئيس الإثيوبي ملس زناوي ومشاركة نائبي الرئيس السوداني سلفا كير ميارديت، وعلي عثمان طه، وغريشن ورئيس اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الأفريقي ثابو أمبيكي. وقال كول لـ»الشرق الأوسط»: إن الحركة الشعبية إذا وافقت على مقترح المؤتمر الوطني بشأن أبيي فإنها تتخلى عن «دينكا نقوك». وأضاف «لن نساوم في أراضينا مهما كانت الظروف والضغوط حتى لو من أطراف قريبة منا»، في إشارة إلى الحركة الشعبية، قائلا «أي مساومة تعني تشتيت دينكا نقوك». ووجه انتقادات شديدة إلى المبعوث الأميركي سكوت غريشن، ووصفه بأنه غير نزيه وفقد الحيادية، «ولم يطلع على الواقع في الأرض»، وقال إنه يرفض هذه التسوية «وكل من في أبيي يرفضها لأنها تقطع مساحات كبيرة من أراضي دينكا نقوك». وقال كول إن التسوية التي قدمها الأميركيون هي أن يتفق الجانبان على تقسيم أبيي بين الشمال والجنوب دون إجراء استفتاء، تعني ذهاب أكثر من خمس وعشرين بئرا من النفط إلى الشمال بجانب نهر الرقبة الزرقاء وجميعها تتبع دينكا نقوك، وقال إن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي جون كيري ومبعوث أوباما إلى السودان سكوت غريشن لا يعرفان قيمة المنطقة وأراضي الدينكا، وتابع «هل يسعى الأميركيون إلى تشتيت دينكا نقوك من أراضيهم الأصلية.. أتمنى من الوسطاء الأميركيين الذهاب إلى المنطقة بدلا من تقديم المقترحات»، وشدد على رفضه توسط غريشن في حل قضية المنطقة، وقال «لا نريده في أديس أبابا، لأنه فقد الحيادية، وأصبحنا لا نحترمه وهو غير مقبول إطلاقا»، وأضاف «إذا حضر غريشن لن نتعامل معه».

وكانت المحادثات السابقة في أديس أبابا قد فشلت في التوصل إلى اتفاق، على الرغم من مشاركة المبعوث الأميركي سكوت غريشن، ولم يتفق الطرفان على من الذي سيصوت في الاستفتاء إلى جانب عدم تشكيل مفوضية للاستفتاء خاص بالمنطقة.

وقال كول إن حزب المؤتمر الوطني يسعى لتقسيم منطقة أبيي، ويريد أن يأخذ الجزء الشمالي الذي يوجد به النفط والنهر والأرض الجيدة. وأضاف «أنه إذا أخذ هذا فإنه كمن يقول للناس احزموا أمتعتكم وارحلوا.. إلى أين يذهبون؟»، وقال إن سكان أبيي خسروا ما يكفي من الأراضي من جراء حكم أصدرته محكمة التحكيم الدولية في لاهاي، سلم حقولا نفطية وأراضي أخرى للشمال العام الماضي، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من قبيلة المسيرية يتحدثون في أحقية الدينكا نقوك على الأراضي، وقال إن المسيرية يتمتعون في أراضي الدينكا بالمراعي والمياه، وأضاف «حتى إذا انفصل الجنوب فإن الحدود لن تغلق في وجوههم، سيدخلون أراضي الجنوب».