خادم الحرمين يدعو قادة العراق إلى لقاء في الرياض بعد الحج للوصول إلى حل شامل تحت مظلة الجامعة العربية

الملك عبد الله للفرقاء: تشاوروا وتدارسوا ولتقرروا أي طريق نبيل تسلكون * قال إن الدور الملقى على عاتقكم سيكتبه التاريخ وستحفظه الأجيال القادمة في ذاكرتها فلا تجعلوا من تلك الذاكرة الفتية حسرات وآلاما وشقاء

TT

وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أمس نداء عاجلا إلى الشعب العراقي وقياداته وكافة كتله وفعالياته السياسية يدعوهم فيه لعقد لقاء بعد موسم الحج مباشرة في العاصمة السعودية يضم كافة الأطياف العراقية تحت مظلة الجامعة العربية «للسعي إلى حل لكل معضلة تواجه تشكيل الحكومة التي طال الأخذ والرد فيها».

وقال مخاطبا الشعب العراقي «إنكم شعب تاريخ وحضارة، وأصالة وعزة، وثراء إنساني، لا يمكن لأي كائن كان أن ينكره أو يهمشه، وهذا يحتم عليكم إعمال العقل، واستنهاض الهمم، أمام مسؤوليتكم التاريخية والوطنية، للمحافظة على مكتسباتكم، وحق أجيالكم القادمة في العيش بكرامة وعزة»، كما قال مخاطبا قادة وساسة العراق «إن الدور الملقى على عاتقكم سيكتبه التاريخ، وستحفظه الأجيال القادمة في ذاكرتها، فلا تجعلوا من تلك الذاكرة الفتية حسرات وآلاما وشقاء»، مبينا أن نداءه «نداء الغيور على أمته، الساعي لعزتها وكبريائها، في عصر تداعت فيه علينا الأزمات فأثقلت كل أمل، وأوهنت كل عزيمة تسعى لاستقرار الأمة العربية والإسلامية»، مشددا على «أن الأمل لا يموت، والعزيمة لا تتداعى متى ما توحدت النفوس والقلوب متوكلة على الله جل جلاله». وفيما يلي نص النداء:

«بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، إخواني وأخواتي شعب العراق الشقيق: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، من مهبط الوحي، ومهد الرسالة والعروبة، من المملكة العربية السعودية، وطنا وشعبا ودولة، أوجه نداء إلى شعبنا في العراق الشقيق الأبي، عراق الأديان والمذاهب والأعراق المتسامحة المتعايشة.

إنه نداء الغيور على أمته، الساعي لعزتها وكبريائها، في عصر تداعت فيه علينا الأزمات فأثقلت كل أمل، وأوهنت كل عزيمة تسعى لاستقرار الأمة العربية والإسلامية، إلا أن الأمل لا يموت، والعزيمة لا تتداعى متى ما توحدت النفوس والقلوب متوكلة على الله جل جلاله.. أقول ذلك من قلب تملأه مشاعر الانتماء لأمتنا وطموحاتها.

إن الغيورين من الشعب العراقي الشقيق على وحدته، وعزته، وأمنه، وازدهاره، والمساهمين بقوة في خدمة أمتهم العربية والإسلامية مطالبون اليوم بالعطاء، والتضحية، من أجل عراق مستقر آمن. إن العراق بكل المعطيات التاريخية جدير بأن يجد لنفسه مخرجا من أزماته ومحنه، بمشيئة الله عز وجل ثم بعزم متين وإرادة صلبة.

إخواني وأخواتي أبناء وبنات العراق الكريم: إنكم شعب تاريخ وحضارة، وأصالة وعزة، وثراء إنساني، لا يمكن لأي كائن كان أن ينكره أو يهمشه، وهذا يحتم عليكم إعمال العقل، واستنهاض الهمم، أمام مسؤوليتكم التاريخية والوطنية، للمحافظة على مكتسباتكم، وحق أجيالكم القادمة في العيش بكرامة وعزة.

أيها العراق الأبي: من أجل كل ذلك فإني أدعو فخامة الأخ الرئيس جلال طالباني رئيس جمهورية العراق الشقيق، وجميع الأحزاب التي شاركت في الانتخابات، والفعاليات السياسية، إلى وطنكم الثاني المملكة العربية السعودية وفي مدينة الرياض بعد موسم الحج المبارك، وتحت مظلة الجامعة العربية، للسعي إلى حل لكل معضلة تواجه تشكيل الحكومة التي طال الأخذ والرد فيها. ولتتدارسوا، وتتشاوروا، لتقرروا أي طريق نبيل تسلكون، وأي وجهة كريمة تتجهون، فمن يملك زمام القرار جدير به أن يتحلى بالحكمة وضالتها، فالهدم سهلة دروبه، والبناء إرادة صلبة عمادها القوة - بعد الله -.

إن الجميع يدرك أنكم على مفترق طرق يستدعي بالضرورة السعي بكل ما أوتيتم من جهد لتوحيد الصف، والتسامي على الجراح، وإبعاد شبح الخلافات، وإطفاء نار الطائفية البغيضة.

أيها الإخوة الكرام: إن وحدتكم وتضامنكم وتكاتفكم قوة لكم ولنا، ومدعاة إلى لمّ الشمل، والتحلي بالصبر، والحكمة، لنكون سدا منيعا في وجه الساعين إلى الفتنة مهما كانت توجهاتهم ودوافعهم، ولتتمكنوا من إعادة بناء وطن الرافدين الذي كان وسيظل - بإذن الله - مع أشقائه العرب حصنا حصينا ضد كل فرقة، أو فتنة، أو عبث لا يستفيد منه غير أعداء الأمة.

إننا في بلدكم الثاني المملكة العربية السعودية نشاطركم كل ذلك، ونؤكد لكم استعدادنا التام لمد يد العون، والتأييد، والمؤازرة، لكل ما سوف تتوصلون إليه من قرارات، وما تتفقون عليه من أجل إعادة الأمن والسلام إلى أرض الرافدين، إن الدور الملقى على عاتقكم سيكتبه التاريخ، وستحفظه الأجيال القادمة في ذاكرتها، فلا تجعلوا من تلك الذاكرة الفتية حسرات وآلاما وشقاء. هذه أيدينا ممدودة لكم ليصافح الوعي راحتها، فنعمل سويا من أجل أمن ووحدة واستقرار أرض وشعب العراق الشقيق. اللهم إني اجتهدت فأسألك الصواب، ودعوت فأسألك الاستجابة لدعوتي، وبلغت ليشهد أكرم الشاهدين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية