المحققون يشيرون إلى صلة بين طرود المتفجرات وتنظيم القاعدة

مسؤول أميركي: شحنت من اليمن وسنركز على المنفذ

TT

يشك محققون، يفحصون المتفجرات التي عُثر عليها في طرود تم اعتراض طريقها في بريطانيا ودبي، في أن المادة، التي أظهر الفحص المبدئي أنها مادة الـ«بيتن»، لا تشير فقط إلى تورط تنظيم القاعدة في اليمن بل أيضا إلى صانع قنابل ماهر دفع بشقيقه العام الماضي إلى الموت في محاولة قتل أمير سعودي.

خبأ إبراهيم حسن العسيري (28 عاما)، وهو سعودي الجنسية واسمه على قائمة المطلوبين في المملكة العربية السعودية، قنبلة مكونة أساسا من مادة الـ«بيتن» في تجويف داخل جسد أخيه الأصغر عبد الله الذي تظاهر بأنه يسلم نفسه، وأسفرت القنبلة عن مقتل أخيه.

ويعتقد أن العسيري، الذي يقيم في اليمن، صنع قنبلة تخبأ تحت الملابس حاول رجل نيجيري تدرب في اليمن تفجيرها في ليلة عيد الميلاد الماضي على متن طائرة متجهة إلى ديترويت. واحتوت القنبلة على مادة «بيتن» (ترينيترات بنتيريثريتول). قال مسؤول أميركي مشيرا إلى العسيري: «إنه بالتأكيد شخص نركز عليه».

لقد تم شحن الطردين من اليمن؛ حيث قال مسؤولون السبت الماضي إنهم قبضوا على امرأة يشتبه في إرسالها الطردين.

وصرح الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للصحافيين في العاصمة صنعاء بأن الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة قدمتا معلومات ساعدت في تحديد هوية المرأة التي تم إلقاء القبض عليها في منزلها بصنعاء.

وصرح مسؤولون يمنيون لـ«رويترز» بأن المرأة التي لم يذكروا اسمها في العشرينات من عمرها وهي طالبة بكلية الهندسة.

وقالت وزيرة بريطانية، السبت الماضي: إن القنبلة، التي عثر عليها متجهة إلى معبد يهودي في شيكاغو، كانت سليمة وكان يمكن أن تنفجر وتدمر الطائرة التابعة لشركة «يو بي إس» التي كانت تحملها.

وأضافت تيريزا ماي، وزيرة الداخلية البريطانية: «لا نعتقد أن منفذي الهجوم كانوا يعلمون مكان القنبلة عندما خططوا لتفجيرها». ويشير ذلك إلى أن القنبلة ربما انفجرت ذاتيا وليس عن بعد. لكن المسؤولين رفضوا إعطاء تفاصيل عن آلية التفجير، وأشاروا إلى استمرار تحقيق الطب الشرعي.

وقد عثر على طرد آخر في منشأة تابعة لشركة «فيديكس» في دبي وقالت السلطات في دبي إن القنبلة مزروعة بمهارة داخل خرطوشة طابعة وتحتوي على دائرة كهربية وشريحة هاتف محمول. لقد تم تصميم هذه القنابل القوية بحيث تمر من أجهزة الفحص في المطار، بحسب ما أفاد به مسؤولون.

وقالت السلطات في دبي في بيان: «طريقة الاستهداف تشبه طرقا اتبعتها منظمات إرهابية مثل تنظيم القاعدة».

وقال مسؤولون أميركيون: إنه تم اعتراض طريق الطرود بناء على تحذير من مسؤولي استخبارات في المملكة العربية السعودية. وقال مسؤول دولة شاركت في التحقيق: إن السعوديين حذروا الولايات المتحدة أولا من مغادرة طرود خطيرة اليمن، ثم استجاب مسؤولون في عدة دول سريعا. وقارن المسؤول ذلك بالتحقيق في محاولة التفجير في أعياد الميلاد الذي فشلت فيه الاتصالات على عدة مستويات.

وصرح البيت الأبيض بأن الرئيس أوباما شكر الملك عبد الله بن عبد العزيز السبت الماضي في محادثة هاتفية على «الدور المهم» الذي قامت به دولته لإفشال المخطط. وكذلك تحدث الرئيس الأميركي مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.

وصرح كاميرون للصحافيين في منزله بالريف خارج لندن قائلا: «نعتقد أنه كان الهدف هو أن تنفجر القنبلة على متن الطائرة، لكننا لسنا متأكدين من التوقيت الذي كان مستهدفا أن يحدث فيه ذلك».

كان الطردان متوجهين إلى معابد يهودية في شيكاغو، وقال مسؤولون أميركيون إنهم ليسوا واثقين بعدُ من مكان تفجير القنابل أو ما إذا كانت المعابد اليهودية مستهدفة أم لا.

وقال مسؤولون أميركيون إنهم لا يعلمون إذا ما كان سبب اختيار المعابد اليهودية هو وجودها في مسقط رأس أوباما ولا يعلمون كذلك أساس اختيارها. ويقوم عدد من المواطنين الأميركيين بأدوار بارزة في تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ومنهم أنور العولقي، وهو رجل الدين ومخطط العمليات أميركي المولد. وثبت أن التنظيم عالم ماهر إعلاميا؛ حيث يصدر مجلة باللغة الإنجليزية بعنوان «إنسباير» على شبكة الإنترنت ويحمل مقاطع فيديو مترجمة إلى الإنجليزية على موقع «يوتيوب».

ويعتبر تنظيم القاعدة في اليمن مستقلا إلى حد بعيد عن القيادة المركزية للتنظيم، الذي يعتقد أنها تتمركز في منطقة القبائل في باكستان البعيدة عن سيطرة القانون بالقرب من الحدود مع أفغانستان، عند اتخاذ قرارات تخص تنفيذ عمليات. وقال مسؤولون أميركيون إنه ينظر إلى التنظيم في اليمن باعتباره مصدر تهديد كبير ومتنام وإنه مستعد للقيام بأي شيء من أجل توجيه ضربة للولايات المتحدة.

وقد أعلنت الولايات المتحدة منذ محاولة التفجير في عيد الميلاد الماضي أنها ستزيد بشكل كبير المعونة العسكرية المخصصة لحكومة لا تسيطر على مساحات واسعة من أراضيها. وبالإضافة إلى التهديد الذي يمثله تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، تواجه حكومة اليمن المركزية حركة انفصالية في الجنوب وحربا أهلية ضد متمردين شيعة في الشمال.

وقد ناقش مسؤولون أميركيون استخدام طائرات بلا طيار تابعة للاستخبارات المركزية الأميركية في اليمن، لكن الرئيس علي عبد الله صالح رفض أي تدخل أجنبي في مؤتمر صحافي السبت الماضي.

وقال صالح: «نحن لا نريد أن يتدخل أي شخص في الشؤون الداخلية لليمن من خلال مطاردة تنظيم القاعدة».

وقالت السلطات اليمنية السبت الماضي إنها مستمرة في البحث عن طرود أخرى مثيرة للريبة. وقال مسؤول أميركي في جهات تطبيق القانون إن السلطات هنا تعتقد أنها فحصت وتحققت من سلامة كل الطرود المرسلة من اليمن خلال الفترة التي تم إرسال القنابل بها.

وأعلنت «بوستال سيرفيس» الأميركية السبت أنها علقت قبول البريد الدولي الآتي من اليمن، وكذلك أوقفت بريطانيا وفرنسا الشحن الجوي من اليمن.

وقالت جانيت نابوليتانو، وزيرة الأمن الداخلي الأميركي في برنامج «إيرلي شو» الذي يعرض على قناة «سي بي إس» صباح السبت: «إن المخطط يحمل بصمات» هجوم لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وأضافت على شاشة قناة «سي إن إن» أن القنابل التي كانت في الطرود احتوت فيما يبدو على مادة «بيتن». وقالت نابوليتانو: «نعلم أن حركة الملاحة الجوية لا تزال مستهدفة ونعلم أن أعداءنا ما زالوا يركزون على هذه المنظومة». وقد أشار مسؤولون حاليون وسابقون متخصصون في المتفجرات إلى مهارة صناع القنبلة. وقال ديفيد ويليامز، عميل سابق بمكتب التحقيقات الفيدرالي وخبير المتفجرات حقق في أول تفجير لمبنى التجارة العالمي عام 1993: «هناك بعض التطور من حيث المعرفة بكيفية تركيب المكونات معا».

ورجح ويليامز، الذي يدير حاليا شركة «إنترناشيونال كاونتر تيروريزم كونسلتنغ غروب» ومقرها مدينة هاروود أن تكون مادة «بيتن» المتفجرة قد استخلصت من منتج تجاري مثل أنبوبة التفجير، لكن من المحتمل أيضا أن يكون المفجرون قد صنعوا هذه المجموعة المكونة من هذه المادة بأنفسهم.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»