إفراج مشروط عن طالبة يمنية اعتقلت في قضية الطرود المفخخة

صنعاء تنفي تلقي طلبات عربية بوقف الشحن الجوي

صحافية يمنية تقف أمس أمام منزل الطالبة اليمنية حنان السماوي التي أوقفت بعد اتهامها بارسال الطرود المفخخة الى الولايات المتحدة (إ.ب.أ)
TT

أعلن مصدر أمني مسؤول في اليمن الإفراج عن طالبة الهندسة حنان السماوي، التي كانت قد اعتقلت ليل السبت على خلفية الاشتباه بضلوعها في قضية الطرود المفخخة التي كانت في طريقها إلى الولايات المتحدة، قبل أن يتم اعتراضها في بريطانيا ودبي.

وذكر المصدر الذي تحدث لـ«سي إن إن» أن القرار قضى بالإفراج عنها بشكل مشروط، بضمان حضورها عند الطلب. وكانت الشرطة اليمنية قد تمكنت من اعتقال السماوي بعد محاصرة منزلها، وجرى توقيفها مع والدتها بعد أن دخلت وحدات من الشرطة النسائية بيتها في منطقة نزاح، وأبت الأم إلا مرافقة ابنتها.

وجاء الاعتقال بعد إعلان الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، أن أجهزة الأمن تحاصر منزل المشتبه بها، مع تأكيده على أنه لم يتلقَّ حتى الآن ما يؤكد وجود متفجرات في الطرود، ولكنه شدد على الاتفاق مع لندن وواشنطن لتشكيل لجنة تحقيق مشتركة، وكذلك على مضي بلاده في الحرب على الإرهاب ومواجهة «القاعدة»، لكن بإمكانيات وقوات يمنية، رافضا أي تدخل أجنبي.

وأكد الرئيس اليمني، في مؤتمر صحافي عقده ليلة السبت في صنعاء، ما سبق قائلا: «المعلومات تشير إلى أن طائرة قطرية نقلت الطردين في رحلة كانت متجهة من صنعاء إلى دبي. إن اليمن مستعد لمواصلة جهوده في مكافحة الإرهاب وتعقب الإرهابيين أينما كانوا داخل أراضيه». وأضاف أن الأجهزة الأمنية تمكنت من معرفة هوية المشتبه بها من خلال شريحة هاتف تم تتبعها، وكانت ملحقة بالطرد.

وخرج، أمس، عشرات الطلاب في تظاهرة أمام مبنى كلية هندسة جامعة صنعاء للتعبير عن تضامنهم مع زميلتهم السماوي التي اعتقلت في سجون جهاز الأمن القومي (المخابرات) وتخضع للتحقيق هناك قبل الافراج عنها لاحقا بشأن صلتها بالطرود المشبوهة. ورفع الطلاب المتظاهرون شعارات ولافتات كتبت باللغتين العربية والإنجليزية تبين رفضهم لاعتقال زميلتهم، وضمن الشعارات التي رُفعت «هل أنا التالي؟»، و«طلاب كلية الهندسة متضامنون مع الطالبة حنان السماوي في قضية الطرود المشبوهة»، وغيرهما من الشعارات.

وقد دعا الاتحاد العام لطلاب اليمن إلى تنفيذ إضراب عام عن الدراسة، اعتبارا من اليوم، ويرفض زملاء الطالبة حنان السماوي عملية الاعتقال ويرون أنها غير مبررة ويقولون إن زميلتهم لم تكن لديها أي أنشطة سياسية معروفة.. في هذه الأثناء شككت إحدى منظمات حقوق الإنسان في صحة الاتهامات الموجهة إلى الطالبة الجامعية، وقالت منظمة «هود»: «إن اتهام الفتاة بإرسال طرود ملغومة وتسجيل اسمها ورقم هاتفها وصورة بطاقتها الشخصية على الطرد الملغوم، ليس سوى تسطيح غبي لتفاصيل الحرب العالمية على الإرهاب واستخفاف بقدرة الجمهور على التحليل والوصول إلى المعلومة».

وذكرت المنظمة في بيان لها، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن الطالبة حنان السماوي تعرضت، أثناء اعتقالها، لـ«الضرب والتعذيب أثناء التحقيق معها»، وقالت «هود»: إن السماوي «تعرضت للضرب والمعاملة القاسية والإهانة أثناء اعتقالها من قبل عناصر جهاز الأمن القومي، والتعذيب أثناء التحقيق معها داخل سجن جهاز الأمن القومي، وهي جريمة يعاقب عليها القانون الدولي والقانون اليمني». وحملت المنظمة «النائب العام مسؤولية إنفاذ القوانين والتحرك الفوري لإثبات واقعة الاعتقال والتعذيب تنفيذا للنصوص الدستورية والقانونية ذات الصلة».

في هذه الأثناء، واصلت أجهزة الأمن اليمنية إجراءاتها الأمنية المشددة في العاصمة صنعاء لليوم الثاني على التوالي، وذكرت وزارة الداخلية أن توجيهات صدرت إلى مناطق الأحزمة الأمنية لأمانة العاصمة صنعاء والمحافظات، تنص على «رفع يقظتها الأمنية لضبط السيارات المشبوهة والمطلوبين أمنيا والأسلحة المخالفة، وكذا التفتيش على السيارات المارة من نقاط الحزام الأمني»، إضافة إلى تشديد الإجراءات الأمنية حول المنشآت والمرافق الحيوية.

وقالت الداخلية اليمنية إن خطواتها هذه تأتي خشية وقوع «أي خرق أمني»، وتهدف إلى «إبقاء الأجهزة الأمنية في مختلف المحافظات في حالة جاهزية تامة واستعداد للتعامل مع مختلف الاحتمالات والتصدي لها بحزم وبقوة»، في وقت تقوم فيه دوريات أمنية في المحافظات والعاصمة بتفتيش جميع السيارات والتأكد من هويات المواطنين.

من جهة أخرى، قال السيد محمد عبد القادر، وكيل الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد اليمنية، إن بلاده لم تتلق حتى الآن أي طلب رسمي من الدول الخليجية والعربية بوقف عمليات الشحن من اليمن على خلفية الطرود المفخخة التي اكتشفت في الإمارات. وأوضح، في تصريحات صحافية يوم أمس في العاصمة القطرية الدوحة على هامش مشاركته في أعمال قمة الدوحة للطيران والتي افتتحت الليلة الماضية، أن الولايات المتحدة «قد طلبت من الدول عدم استقبال أي شحنة تصل من اليمن على خلفية الحادث، لكن اليمن لم يتلق طلبا رسميا من الدول العربية والخليجية بهذا الشأن». وقال إن اليمن يدرس النظام الأمني المتعلق بالشحن «وكما تعلمون نحن استثمرنا مبالغ طائلة في مجال التجهيزات الأمنية وقمنا بتركيب أنظمة لكشف المتفجرات وأيضا لتفتيش الركاب والحقائب والأغراض والشحن.. وربما تدرس الحكومة فحص الشحنات 100% قبل شحنها في الطائرات».

على صعيد متصل، وقف مجلس النواب اليمني (البرلمان)، أمس، أمام التطورات الأخيرة المتعلقة باليمن والطرود الملغومة؛ حيث ناقشها في جلسة خاصة، وأصدر البرلمان، عقب ذلك، بيانا أدان فيه الإرهاب والأعمال الإرهابية بجميع صورها وأساليبها، وأعلن تأييده لمواقف القيادة اليمنية في مواجهة الأعمال الإرهابية، وفي مقدمة ذلك تأييده لما أعلنه الرئيس علي عبد الله صالح، أول من أمس، والتي جاء فيها تأكيد وجود إرادة سياسية لليمن لمواجهة الإرهاب ورفض التدخل في الشأن الداخلي اليمني.

ودعا البرلمان اليمني إلى اصطفاف شعبي ورسمي لمواجهة الإرهاب الذي وصفه بـ«الظاهرة الدخيلة على المجتمع اليمني»، كما دعا «جميع وسائل الإعلام الرسمية والحزبية والأهلية، وكذا خطباء وأئمة المساجد ورواد العملية التعليمية، إلى التعامل مع هذه القضية بموضوعية ومهنية عالية والقيام بدورهم التثقيفي التنويري لخلق الحصانة اللازمة التي تمنع النشء من الوقوع في براثن الأفكار المدمرة التي تضر بمصالح اليمن وتتنافى مع قيم الدين الإسلامي ومبادئه السمحة».

وشهدت قاعة البرلمان اليمني جدلا واسع النطاق أثناء مناقشة قضية الإرهاب والطرود؛ حيث شن عدد غير قليل من البرلمانيين، من مختلف الكتل السياسية، هجوما لاذعا على الولايات المتحدة وسياساتها في المنطقة بصورة عامة وفيما يتعلق بالتطورات الخاصة باليمن، بصورة خاصة، واعتبرها بعض النواب «العدو الأول»، كما انتقد البرلمانيون ما سموها السياسة العالمية الجديدة والتدخل في شؤون البلدان الداخلية بذريعة محاربة الإرهاب، وانتقد بعضهم الرئيس الأميركي باراك أوباما بشخصه وطالبوا واشنطن بالكف عن التلاعب بملف تنظيم القاعدة في اليمن واستغلاله.

اتخذت السلطات المختصة في اليمن، مساء أمس، سلسلة من الإجراءات الأمنية الإضافية في الموانئ الجوية، وذلك عقب الكشف عن حادثة الطرود الملغومة المعلن عنها، وذكرت مصادر رسمية يمنية أن اللجنة الوطنية لأمن الطيران المدني عقدت اجتماعا بمشاركة أمنية وجهات اختصاصية تتعلق بأمن المطارات وأقرت اتخاذ المزيد من «الضوابط والإجراءات الإضافية»، خاصة في ضوء ما سمته اللجنة «تطور أساليب التنظيمات الإرهابية»، مع الأخذ في الاعتبار أن «الطردين المشبوهين المكتشفين في دبي وبريطانيا قد اكتشفا وفقا لمعلومات استخباراتية عالية المستوى وكان من الصعوبة الكشف عنهما بالوسائل المعتادة».

وأقرت اللجنة الرسمية التي عُقدت تطبيق أساليب «تفتيش غير اعتيادية على جميع الشحنات الخارجة من المطارات اليمنية»، بما يضمن «أمن الطيران المدني وتأكيد تعميم الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد بهذا الشأن، إضافة إلى إقرارها تطبيق إجراءات أخرى». وأشارت إلى أهمية «استمرار تدفق وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين الأجهزة المختصة في جميع الدول المعنية لضمان مكافحة الإرهاب بشكل فاعل وسريع». وأقرت، أيضا «مشروع لائحة تنظيم وحدة أمن المطارات (الموانئ الجوية) والتي تهدف إلى تشكيل وحدة أمنية متخصصة بأمن المطارات تتولى تدريب وتأهيل الكوادر وفقا لأعلى المستويات الأمنية، بما يكفل تعزيز إجراءات حماية المطارات من أي أفعال تخريبية أو إرهابية».

وأكدت هيئة الطيران المدني، حسب وكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، أن الإجراءات الأمنية المتخذة في المطارات اليمنية، سواء بالنسبة للمسافرين أو متعلقاتهم وكذا بالنسبة للشحن الجوي «دقيقة وصارمة جدا، وتتم عبر أجهزة حديثة ومتطورة وطبقا للمعايير الموضوعة من منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو), فضلا عن اتخاذ إجراءات قوية وأكثر صرامة في المطارات اليمنية منذ نهاية العام الماضي لضمان حماية وتأمين المطارات وسلامة المسافرين وحركة الطيران من أي صورة من صور التدخل غير المشروع بما في ذلك الكشف عن أي متفجرات أو شحنات مشبوهة».