سعود الفيصل: لن يكون هناك حضور إقليمي أو دولي لاجتماعات المصالحة العراقية.. ولا شروط مسبقة للمبادرة

قال إن المبادرة السعودية لا تتعارض مع دعوة بارزاني.. والمظلة العربية «مطلوبة»

الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي خلال مؤتمره الصحافي في الرياض أمس (أ.ب)
TT

أعطى الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، تفاصيل جديدة حول المبادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الخاصة بالمصالحة الوطنية العراقية، ورد في مؤتمر صحافي عقده في الرياض، حول كل ما أثير من مواقف حول مبادرة بلاده، مؤكدا على عدم معارضتها للمبادرة التي يقودها رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني.

وشدد الفيصل في أكثر من موقف على حرص بلاده، بألا تتعرض اجتماعات المصالحة العراقية المرتقبة لأي أمر قد يحسب على أنه تدخل فيها، حتى أنه قال إن «التركيز سيكون بشكل دقيق ومرهف الحساسية لاستقلالية العمل والجهد العراقي في هذه الاجتماعات، ولن يكون هناك رائحة لأي تدخل في الشؤون الداخلية العراقية».

وفي الإطار ذاته، نفى وزير الخارجية السعودي، بشكل قاطع، أن يكون هناك نية لإشراك أي أطراف إقليمية أو دولية في اجتماعات المصالحة العراقية، وذلك في رده على سؤال حول إمكانية أن تشارك طهران في اجتماعات الرياض بصفة مراقب.

وعقد الأمير سعود الفيصل، أمس، مؤتمرا صحافيا خصصه للحديث عن مبادرة خادم الحرمين الشريفين تجاه العراق، مجددا التأكيد على مواقف الرياض تجاه العراقيين، والنظر إليهم جميعا «بعين المساواة».

وأكد الفيصل على أن مبادرة العاهل السعودي، لا تخضع لأي شروط مسبقة من أي دولة كانت بما فيها السعودية، منوها بأنها لا تتعارض البتة مع المبادرة العراقية التي يقودها مسعود بارزاني لحل معضلة تشكيل الحكومة.

وجاء في البيان الافتتاحي الذي تلاه الأمير سعود الفيصل قبل بدء المؤتمر الصحافي: «تأتي دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لرعاية المملكة للمصالحة الوطنية العراقية، من منطلق استشعار المملكة لمسؤولياتها العربية والإسلامية تجاه العراق الشقيق».

وأضاف البيان «تؤكد المملكة أنها تنظر إلى جميع العراقيين بعين المساواة، وتتعامل معهم من هذا المنطلق، وعلى أساس أنهم عراقيون أولا وأخيرا، وأشقاء وأعزاء للشعب السعودي تكن لهم المملكة - حكومة وشعبا - كل خير ومحبة، وتتطلع إلى مساعدتهم بما يعزز أمنهم واستقرارهم، ويحقق ازدهارهم».

وأكد الفيصل في البيان أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، تستند إلى قرارات مجلس الجامعة العربية على مستوى القمة، والعراق عضو فيها، وتؤكد المملكة العربية السعودية على التالي:

أولا: احترام وحدة وسيادة واستقلال العراق، والحفاظ على هويته العربية والإسلامية، مع التأكيد على عدم التدخل في شؤونه الداخلية من أي طرف كان، وكذلك احترام إرادة الشعب العراقي بكافة مكوناته في تقرير مستقبله السياسي لما فيه استقرار وأمن العراق.

ثانيا: إن هذه المبادرة لا تخضع لأي شروط مسبقة من أي دولة كانت بما فيها المملكة، بل تأتي دعما للإرادة المستقلة للقيادات العراقية وشعب العراق في تحقيق الطريق الأنسب لتقرير مستقبل العراق السياسي، وهو ما دأبت عليه المملكة في كل مبادراتها السابقة.

ثالثا: خادم الحرمين الشريفين يتمنى أن تثمر المشاورات التي تشمل كافة القيادات العراقية وبمبادرة من رئيس إقليم كردستان العراق الأخ مسعود بارزاني عن نتائج إيجابية تخرج العراق الشقيق من أزمته السياسية في تشكيل الحكومة وفي تحقيق الاستقرار في العراق الشقيق، والمملكة بذلك ستؤيد أي حل يتوصل إليه الأشقاء بكافة أطيافهم، فما يهم المملكة العربية السعودية هو الوصول للحل الذي يرضي جميع الأطراف ويحقق الأهداف الوطنية لعراقنا الأبي. ومن خلال ذلك كله تؤكد المملكة مرة أخرى تأييدها التام لمبادرة رئيس إقليم كردستان وتتمنى لها النجاح.

وفي ختام البيان قال الفيصل إن السعودية «تدعو في الوقت ذاته، كل من يهمه أمن واستقرار العراق ووحدته ورخاؤه وازدهاره، إلى دعم ومساندة الإخوة العراقيين في مسعاهم لإيجاد حل للأزمة السياسية، حتى تصل إلى مبتغاها في دفع جهود العراقيين، وحشد طاقاتهم لتحقيق المصالحة والوفاق الوطني المنشود».

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، حول احتمالية رفض أطراف عراقية لتلبية دعوة السعودية في حال تعثر تشكيل الحكومة وما إذا كان سيتم النظر إليها باعتبارها المعرقل لجهود تشكيل الحكومة، قال: «هذا سؤال افتراضي، وسابق لأوانه. أولا إن خادم الحرمين الشريفين لم يحدد موعدا محددا لعقد اجتماع المصالحة، المفروض إن كان هناك اجتماع سيكون بعد الحج بطبيعة الحال، ولكن ليس هناك موعد محدد. والمرتكز الأساسي هو إرادة العراقيين، فرفض العراقيين لأي مبادرة تعنى بالعراق بطبيعة الحال سيكون حاسما في هذا الإطار، ولكن كان الإخوة دائما في العراق يسألون أين المبادرات العربية وأين الجهد العربي في هذا الإطار، فهذا الجهد العربي الآن أمامهم، المبادرة تحت غطاء الجامعة العربية لا تسعى إلى التدخل في الشؤون الداخلية، هي مجرد توفير الأرضية والمكان المناسب والهادئ الذي يشجع للوصول إلى حلول يرضى عنها الجميع، وهذا كل ما فيها. أما العمل والنقاش والمشاورات وتنظيم سير البحث فسيكون عراقيا بالكامل».

وعن وجهة نظر الأمير سعود الفيصل عما يشاع حول تعارض مبادرة خادم الحرمين مع مبادرة بارزاني، وخصوصا في ظل أطراف عراقية لم ترحب بالمبادرة السعودية، ووجهة نظر الرياض في حال اتفق العراقيون على اسم المالكي قال الفيصل: «الخيار للعراقيين فيما يرون، أي شخصية كما ذكرت في المقدمة، نحن ليس لنا أي اعتراض على أي شخصية عراقية يختارها العراقيون، نحن نسير وفق رغبة العراق وبالأسلوب الذي يراه العراقيون بالإرادة التي يظهرها العراقيون، فليس لدينا أي تحفظ، وأنا لا أجد تناقضا بتاتا بين هذه المبادرة والمبادرة العراقية، فهي تتجه نحو نفس التوجه، المبادرة العراقية تسعى إلى إيجاد حل يفضي إلى حكومة يقبلها الجميع وهذا ما ترجوه المملكة العربية السعودية».

وردا على سؤال حول ما إذا كان يلوح بالأفق آلية ما لتقريب وجهات النظر بين العراقيين، وخصوصا في ظل تمسك المرشحين لرئاسة الحكومة بمواقفهم، قال: «هذا شغل الإخوة العراقيين، هم الذين سيصلون في النهاية لاستخلاص ما يريدون أن يستخلصوه من هذه الاجتماعات. كل ما نتمناه لهم التوفيق بالوصول إلى القناعات التي تجمع ولا تفرق بينهم، والتي تخرج بنتائج إيجابية إن شاء الله».

وعن الأسباب التي لا تزال تمنع السعودية عن فتح سفارتها في العراق، وهل الموضوع متعلق بتشكيل الحكومة ومن يصل إلى رئاستها، أوضح الفيصل «لا أعتقد أن هناك سببا سوى السبب الأمني، وسبق أن ذكرت هذا عدة مرات في مقابلاتي مع الصحافيين، ليس هناك أي عنصر آخر يعوق افتتاح السفارة، وأرجو ألا يوضع أي اعتبار آخر لعدم افتتاح سفارتنا هناك».

وفي سؤال حول ردود فعل بعض الساسة العراقيين المتحفظة على مبادرة السعودية الخاصة بالعراق، قال الفيصل: «ما سمعناه من بيانات قالها ممثلو الكتل العراقية تصب لناحية الدعم العام والتأييد والتقدير للمجهود الذي يقوم به الملك».

وأجاب عن سؤال حول ما إذا كان سيسمح لإيران أن تحضر كمراقب في اجتماعات المصالحة العراقية المقترحة في الرياض، لا سيما أن الرياض قد تعمل بصفة مراقب للاجتماعات، ذكر الفيصل أن «السعودية لن تكون مراقبا ولن تبدي أي موقف في الاجتماعات المتوقعة. نحن في خدمة العراقيين، ولكننا لن نكون جزءا من المفاوضات، سنوفر لهم المكان الهادئ ولن تشهد الاجتماعات أي مشاركات من دول أخرى». وحول ما إذا كانت السعودية تنظر إلى اجتماع المصالحة العراقية بشكل مشابه لاتفاق الطائف الذي أفضى إلى إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية، ومدى مراعاة الرياض للملاحظات التي أبدتها على آلية تنفيذ اتفاق الطائف لتلافي الوقوع بها في اجتماع المصالحة العراقية، قال الفيصل: «في الواقع لا أرى مجالا للتشابه، إلا أن الاجتماعين يخصان استقرار دولة ووحدة دولة. ولكن الظروف تختلف كليا. في الوضع اللبناني لم تكن هناك شرعية لبنانية، واتكئ على جمع البرلمان اللبناني بصفته المؤسسة الشرعية الوحيدة التي كانت موجودة، وجاء اللبنانيون وبحثوا بينهم، والمملكة لم يكن لها دور في هذا البحث، وإن كان لها دور فكان بطلب من اللبنانيين في بعض الأمور التي أرادوا أن تقوم المملكة باتصالات حولها وخاصة في جانب الاتصالات الدولية، وهذا ما قامت به المملكة في ذلك الحين، وإذا كان هناك طلب من الإخوة العراقيين للمملكة بأن تقوم بأي دور، فهي ستكون جاهزة للمساندة، وستؤيد بكل ما لديها من إمكانيات ما يتوصلون إليه من اتفاقات».

وعن تصريحات رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، التي ذكر فيها أن المبادرة الخاصة بالعراق تم التنسيق فيها مع الرئيس السوري بشار الأسد، قال الفيصل: «المبادرة طرحت من خادم الحرمين الشريفين، وإن كان أطلع عليها أشقاءه القادة قبل إعلانها فهذا شيء طبيعي. ولكنني لم أسمع بطرح هذه المبادرة قبل إعلانها».

ورد على تساؤل حول السبب في اختيار مظلة الجامعة العربية، وما إذا كان ذلك يأتي للحفاظ على خط رجعة في حال فشل العراقيون للتوصل في اجتماعات الرياض لحكومة وحدة وطنية، قال: «في الواقع مبادرة خادم الحرمين نجمت عن قرارات القمة العربية والجامعة تشمل القمة، كونها تكون تحت مظلة الجامعة العربية هذا شيء منطقي ومطلوب، ويستحسنه الإخوة العراقيون، وسبق أن كان هناك مجهود تحت مظلة الجامعة العربية في بداية الأمر، فالجامعة العربية هي المظلة التي نستظل بها جميعا في العمل العربي المشترك، ووضعها تحت مظلة الجامعة فيه دعم لاستقلالية القرار العراقي وحفظ حقوقه كاملة مكملة كدولة عربية».

وعما إذا كانت دعوة الرياض للأطراف العراقية ستواجه بطلب حضور دولي لاجتماعات المصالحة تلك، ذكر الفيصل «ليس هناك نية لوجود حضور دولي في هذا الاجتماع، فهذا الاجتماع مخصص للعراقيين، هم أصحاب الشأن، التركيز سيكون بشكل دقيق ومرهف الحساسية لاستقلالية العمل والجهد العراقي في هذه الاجتماعات، ولن يكون هناك رائحة لأي تدخل في الشؤون الداخلية العراقية».