حل سليمان التوافقي لملف «شهود الزور» ينضج قبل الجلسة الحكومية

مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط»: أجواء من التفاؤل ستظلل مناقشات الحكومة

الرئيس اللبناني ميشال سليمان أثناء لقائه بعدد من قادة الجيش اللبناني أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

لم يحدد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان غدا الأربعاء موعدا لجلسة مجلس الوزراء هباء، فالجلسة التي ستبحث في 53 بندا يبدو أنها ستحمل مخرجا لملف ما يسمى «شهود الزور» الذي طال انتظاره، وهذا الموعد جاء وليد مشاورات مكثفة أجراها الرئيس سليمان مع الفرقاء كافة، بالتعاون مع فريق عمل من القانونيين لإيجاد الحل الأمثل، الذي يرضي الجميع. وفي هذا الإطار، كشفت مصادر وزارية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن «أجواء من التفاؤل تظلل جلسة مجلس الوزراء المقبلة»، مؤكدة أن «الملف سينتهي إلى التوافق». وسألت «بعد كل هذا الانتظار والجهود، أي عاقل يرضى باللجوء إلى التصويت؟».

موجة التفاؤل هذه انسحبت على وزير الدولة عدنان السيد حسين، الذي شدد على أن «رئيس الجمهورية ميشال سليمان يسعى لإرساء توافق حول كل فروع المحكمة، وليس فقط شهود الزور»، كاشفا أن «توافقا غير واضح المعالم حول ملف (شهود الزور) يتوقع أن يولد خلال 48 ساعة». وجزم السيد حسين أنه «لن يكون هناك لجوء إلى التصويت في مجلس الوزراء، ولا تكريس لحالة الانقسام».

وتشير المعطيات إلى أن جلسة مجلس الوزراء المقبلة سترسم مسار العمل الحكومي في الفترة المقبلة، فإذا فشل التوافق، دخل لبنان في متاهة التأزم، وفي حال نجح الرئيس سليمان في ابتكار المخرج يكون قد جنب البلاد مأزقا حكوميا كبيرا.

وجدد عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، تأكيده «تمسك الأكثرية بضرورة اعتماد التقرير القانوني الذي قدمه وزير العدل إبراهيم نجار لمجلس الوزراء، وبالتالي إحالة ملف شهود الزور للقضاء العادي، لأنه لا صلاحية للمجلس العدلي في هذا الإطار». وشدد على أن «الرئيس الحريري وقوى 14 آذار تحاول قدر المستطاع ضبط الأوضاع، خاصة مع اعتبار البعض أنه لا قيود لآرائهم وشروطهم، وبالتالي يحق لهم التلاعب بالقرارات الدولية وبالتزامات لبنان الدستورية»، معتبرا أن «الأيام المقبلة ستحدد اتجاه الأمور، مع توضيح حزب الله في مجلسي النواب والوزراء لحديث السيد نصر الله الأخير، فإن كان كلامه موجها لمناصريه ولحزبه فهذا موضوع، وإن كان يفرض رأيه على اللبنانيين ككل، ويجعل من لبنان دولة مارقة لا علاقة لها بالمجتمع الدولي، فهذا موضوع آخر». ورأى فتفت أنه «وعلى الرغم من كل ما يحكى عن تحركات عربية وإقليمية، إلا أنه لا مساع إقليمية جديدة وجدية». وعن إمكانية تقديم الرئيس الحريري لاستقالته وقلب الطاولة في وجه قوى 8 آذار، قال فتفت: «الرئيس الحريري يتمتع بشرعية شعبية، فهو أول رئيس حكومة ينتخب بأكثرية ساحقة في المجلس النيابي، وبالتالي عليه مسؤوليات والتزامات تجاه الرأي العام»، موضحا أنه «ليس المطلوب من الحريري الاستقالة وإنما المطلوب من الآخرين الالتزام بمفاعيل اللعبة الديمقراطية». وعن تلويح البعض بـ7 أيار جديد، قال «لن يكون هناك 7 أيار كالذي شهدناه في عام 2008، فهو سيكون هذه المرة انقلابا على النظام اللبناني ككل باتجاه حكم عسكري جديد، وعندها سنتأكد أن المحكمة ليست إلا وسيلة ليقلب من خلالها حزب الله النظام».

وكان وزراء كتلة «التنمية والتحرير» التي يتزعمها رئيس المجلس النيابي نبيه بري قد هددوا في وقت سابق بمقاطعة جلسات الحكومة في حال لم يطرح ملف شهود الزور بسرعة وجدية، وهم شددوا مؤخرا على ضرورة أن يحسم الموضوع خلال الجلسة المقبلة غدا الأربعاء. وأكد وزير الشباب والرياضة علي عبد الله أن «موضوع شهود الزور سيطرح الأربعاء وسيتخذ القرار النهائي بخصوصه». آملا أن «يكون ذلك تصور كل الأفرقاء السياسيين وألا يتعذر هذا الموضوع، إذ عندها سنلجأ إلى التصويت». وأوضح عبد الله أن «ملف شهود الزور شبع درسا وأخذ الكثير من الوقت وتمت مناقشته من قبل الجميع». آملا أن «يكون الحل توافقيا، كي لا يتم الوصول إلى التصويت، الذي بإمكانه أن يحسم الوضع».

ولا يزال حزب الله عند موقفه على أنه لا مساومة على إحالة ملف «شهود الزور» إلى المجلس العدلي، وفي هذا السياق، شدد النائب عن حزب الله علي فياض، على أن «جلسة مجلس الوزراء المقبلة ليست مخصصة لكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بل لملف شهود الزور الذي يجب أن يحال إلى المجلس العدلي، وإذا أصروا على عدم تحويله، فنحن أعلنا أنه ليست لدينا مشكلة في التصويت»، مضيفا: «نحن مصرون على تحويل هذا الملف إلى المجلس العدلي، ولا أعرف لماذا القلق من إحالته إلى أعلى المراجع القضائية». موضحا أنه «في القانون، كل ما يثار ومن شأنه أن يعكر الصفو العام قد يشكل موضوعا للإحالة إلى المجلس العدلي».

واعتبر عضو الكتلة نفسها علي عمار «أن الذي يقول إنه ليس هناك شهود زور، يكون شاهد زور»، مضيفا أن «المطلوب من جلسة مجلس الوزراء غدا الأربعاء، أن يتم وضع حد لهذه الجريمة، وعدم إلهاء اللبنانيين بهذا الأمر». وأضاف: «إذا كانت هناك جريمة، فيجب أن تحال إلى المجلس العدلي، لأنها جريمة، وليس هناك مخرج آخر إلا المجلس العدلي».