الحريري يتمسك بالتفاؤل: أنا رئيس حكومة كل لبنان.. وواجبي تدوير الزوايا

بحث مع المسؤولين البريطانيين التهديدات الإسرائيلية.. وأكد التزام المحكمة الدولية

رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لدى لقائه بدوق مقاطعة يورك الأمير أندرو أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

على عكس الأجواء السائدة في بيروت، بدأ رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري زيارته الرسمية لبريطانيا أمس بمسحة تفاؤل وزعها على الإعلاميين الذين رافقوه في زيارته التي تحمل عناوين سياسية واقتصادية مهمة.

فقد عاكس الحريري التصريحات المتشائمة، والسيناريوهات التي رسمت للوضع اللبناني في الأيام المقبلة، بالتأكيد على الحوار و«تدوير الزوايا» في معالجة الملفات المطروحة على الساحة، وفي مقدمتها ما اصطلح على تسميته بـ«ملف شهود الزور» الذي يتهدد التضامن الحكومي. فقد حرص الحريري على إبداء التفاؤل في إمكانية الوصول إلى حل «إجماعي» لهذا الملف الذي أراد البعض أن يكون على جدول مجلس الوزراء، فوضعناه ولن نختلف حوله، داعيا إلى عدم تحويل «الحبة قبة، والقبة جبلا».

وأكد الرئيس الحريري «أن جلسة مجلس الوزراء المقررة غدا لن تتأجل، وأن المجلس سوف يبحث في جدول الأعمال، ومن ضمنه ملف شهود الزور»، وقال: «لقد طرح موضوع شهود الزور ولكل واحد رأيه فيه، وسنبحث بخصوصه على طاولة مجلس الوزراء، ونتداول الحلول المطروحة بشأنه»، لافتا إلى «أن مجلس الوزراء مستمر في تسيير أعمال الدولة وشؤون المواطنين بمعزل عن الخلافات في بعض المسائل السياسية المطروحة حاليا. كما أن موعد انعقاد طاولة الحوار لا يزال قائما يوم الخميس المقبل ولم يطرأ أي تغيير عليه». مشيرا إلى أن مجرد انعقاد الحوار يعتبر إنجازا في حد ذاته وسط الأجواء القائمة. وأضاف: «أنا رئيس حكومة كل لبنان، ومن واجبي أن أعمل على تدوير الزوايا وتقريب وجهات النظر بين جميع اللبنانيين من خلال الحوار والتفاهم، لأن الصدام لا يفيد أحدا، ولا يؤدي إلى أي حلول تكون في مصلحة لبنان واللبنانيين».

وسيبحث الرئيس الحريري مع المسؤولين البريطانيين مواضيع عدة تشمل الأوضاع والتطورات في المنطقة، خاصة ما يحدث في العراق، وتعثر عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ومنع أي انعكاسات سلبية لها على لبنان، قائلا: «إذا تعثرت المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية نتأثر سلبا، وإذا حصل أي تطور آخر فإننا سنتراجع»، مضيفا: «أن (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو لن يعطي السلام، أما بعد الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، فقد نرى ليبرمان على رأس الحكومة، وإلى جانبه نتنياهو». وأوضح الحريري أنه سيشدد في لقاءاته على التطبيق الكامل للقرار 1701، خاصة في ضوء الخروقات الإسرائيلية المستمرة لهذا القرار والتصعيد المتواصل من خلال قيام إسرائيل بمناورات متواصلة على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية وفي الجولان السوري المحتل.

وأوضح أنه سيبحث معهم أيضا موضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، «انطلاقا من تأكيد التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ تعهداتها مع الأمم المتحدة في هذا الخصوص»، قائلا: «إن ما صدر من مواقف في هذا الشأن تلزم أصحابها فقط، أما نحن كحكومة فقد وافقنا على المحكمة، وهي تألفت بموجب قرار مجلس الأمن وسنلتزم به ونحترمه، كما نحترم جميع القرارات الدولية بوصفنا دولة مؤسسة للأمم المتحدة».

وإلى جانب «الملفات السياسية» التي تتصدر الاهتمامات، فإن لزيارة الحريري إلى بريطانيا جانبا اقتصاديا لا يقل شأنا، فالحريري يشير إلى أن التبادل التجاري بين البلدين حاليا 500 مليون دولار سنويا يستوردها لبنان، و50 مليونا يصدرها.. ونحن نريد أن نرفع قيمة الصادرات اللبنانية، كما نريد أن نحث الشركات البريطانية على الاستثمار في لبنان في مجالات الكهرباء والطاقة والتنقيب عن النفط والغاز في البحر، خاصة أن لبريطانيا خبرة متطورة جدا ومتقدمة في هذا المجال».

وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أن البحث سيتناول أيضا موضوع الطائرات العسكرية التي يمتلكها لبنان، وهي من طراز «هوكر هنتر» البريطانية الصنع، مشيرا إلى أن بريطانيا تتعاون مع لبنان حاليا في مجال التدريب فقط، لكننا نريد أن نبحث إمكانية تأهيل هذه الطائرات أو الاتجاه إلى خيارات أخرى، إذا لم يكن ذلك ممكنا تقنيا.

وكان الحريري قد استهل زيارته الرسمية للمملكة المتحدة باجتماع عقده في قصر باكنغهام، ظهر أمس، مع دوق يورك الأمير أندرو، بصفته المندوب الخاص للتجارة العالمية والاستثمار للمملكة، حضره نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع إلياس المر، وسفيرة بريطانيا لدى لبنان فرانسيس ماري غاي. وتم خلال اللقاء عرض للعلاقات بين لبنان وبريطانيا، خاصة الاقتصادية منها وسبل تطويرها. ثم أقام الأمير أندرو مأدبة غداء على شرف الرئيس الحريري.

وزار الحريري بعد الظهر مبنى البرلمان والتقى نائب رئيس الوزراء نيك كلاغ، في حضور المر وسفيرة لبنان لدى بريطانيا إنعام عسيران، ومدير مكتبه نادر الحريري والمستشارين محمد شطح وهاني حمود، وسفيرة بريطانيا لدى لبنان. ثم التقى والوفد المرافق له وزير الخارجية البريطاني وليام هاغ، الذي رحب بالحريري بصفته «رئيس وزراء دولة تشكل أحد أوجه الحوار الديمقراطي أيضا»، وقال في تصريح أدلى به: «نحن ندعم هذه الديمقراطية بقوة. كما أن بلادنا صديقة وثيقة للبنان وتدعم استقلاله وحق شعبه في إدارة شؤون بلاده بنفسه، كما أننا ندعم بقوة ما قام به قادة هذا البلد ورئيس الوزراء من أجل إرساء السلام والازدهار في الآونة الأخيرة. كما أننا نؤمن بأنه على المحكمة الخاصة بلبنان إكمال عملها وهذه عملية مهمة، وندعم الرئيس الحريري في مواجهته محاولات حرف هذه العملية عن مسارها. كما أننا سنناقش مسائل دولية أخرى. وسأقوم بزيارة المنطقة في وقت لاحق هذا الأسبوع، ومن المهم بالنسبة لنا أن نناقش عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفرص السلام بين إسرائيل وجيرانها الآخرين كذلك». وبدوره رد الرئيس الحريري، شاكرا الدعم البريطاني «للبنان ولسيادته واستقلاله»، وقال: «إننا نعتقد أن مفتاح الحل للنزاع في المنطقة يكون بالتوصل إلى سلام شامل في المنطقة، وآمل أن يتمكن المجتمع الدولي من أن يعي أن عدم التوصل إلى حل للنزاعات والمشكلات في المنطقة يؤدي إلى زيادة التطرف عند كل الأطراف، لذا فإننا نأمل أن يعي العالم ما يقوم به، ونأمل التوصل إلى سلام شامل في أسرع وقت ممكن».

انتقل الحريري بعدها إلى مقر إقامته، حيث عقد لقاء مع الشباب اللبناني المغترب، قبل أن يتوجه إلى السفارة اللبنانية في لندن التي نظمت لقاء بين الحريري وأبناء الجالية في لندن.

.. ويستذكر والده في ذكرى ميلاده: قُتل لأنه حقق إنجازات لا العكس

* صادف أمس ذكرى ميلاد الرئيس الراحل رفيق الحريري، وقد خصص الحريري الابن جزءا من دردشته مع الإعلاميين لاستذكار والده «الذي قُتل لأنه قام بإنجازات». قائلا: «لا بد لنا في هذا اليوم الذي يصادف ذكرى ميلاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أن نستذكر معا ما كان يقوله ويردده على الدوام من أن لبنان سيشهد مستقبلا زاهرا، على الرغم من كل الصعوبات والتحديات التي يواجهها، والجميع بات يعلم أنه تم اغتيال رفيق الحريري، لأنه كان يملك مشروعا وطنيا كبيرا استطاع من خلاله تحقيق إنجازات ضخمة ظاهرة للجميع، ونحن لن نتخلى عن إيماننا بلبنان وتأكيدنا بأننا قادرون بتماسكنا ووحدتنا، على تخطي هذه المرحلة نحو الأفضل، وها هو لبنان يحقق نموا اقتصاديا يبلغ الثمانية في المائة مع كل ما يشهده».