بغداد: 52 قتيلا من المدنيين وقوات الأمن في عملية تحرير رهائن الكنيسة.. وقتل 5 مهاجمين

نائب مسيحي ينتقد أداء الأمن العراقي.. والجيش الأميركي ينفي مشاركته في العملية

TT

قال وكيل وزارة الداخلية العراقية الفريق حسين كمال أمس إن 52 شخصا بين رهائن ورجال شرطة قتلوا أول من أمس، عندما داهمت قوات الأمن الكنيسة في بغداد لإنقاذ أكثر من مائة كاثوليكي عراقي احتجزهم مسلحون من تنظيم «دولة العراق الإسلامية» المرتبط بـ«القاعدة». وأضاف أن 67 شخصا أصيبوا أيضا خلال الغارة على الكنيسة.

وقال مسؤول آخر في وزارة الداخلية العراقية رافضا الكشف عن اسمه إن «خمسة إرهابيين قتلوا وتم اعتقال ثمانية مشتبه بهم» مشيرا إلى أن نحو مائة مصل كانوا في كنيسة النجاة حين وقع الهجوم. وانفجرت قنبلة واحدة على الأقل عند بدء الحصار، واستمر دوي إطلاق النار بشكل متقطع لساعات في حي الكرادة قرب المنطقة الخضراء شديدة التحصين التي توجد بها سفارات ومكاتب الحكومة في الوقت الذي حلقت فيه طائرات هليكوبتر أميركية وعراقية في المكان، وأغلقت قوات الأمن المنطقة. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر بالشرطة الاتحادية طلب عدم نشر اسمه، أن عملية الإنقاذ كانت صعبة للغاية. وتابع «المهاجمون كانوا بين الأطفال مع أسلحتهم.. معظم الضحايا قتلوا أو جرحوا أثناء اقتحام القوات الأمنية المكان».

ويقول مسؤولون إن بعض المهاجمين استخدموا سترات ناسفة أو ألقوا قنابل أثناء الغارة. وقالت مصادر أمنية إن الكثير من الضحايا قتلوا في تبادل لإطلاق النار بين الشرطة والمسلحين.

وندد يونادم كنا النائب المسيحي بالبرلمان العراقي بأداء قوات الأمن العراقية في الواقعة، وقال إن المسلحين يستغلون عدم الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة في العراق بعد مرور ثمانية أشهر على انتخابات تشريعية غير حاسمة. وقال «هذه عملية إرهابية وإجرامية مروعة.. العملية استهدفت مصداقية الحكومة في قدرتها على حفظ الأمن وفرض سلطة القانون». وأضاف «أنا أقدر جرأة القوات الأمنية وتضحياتها، لكن المطلوب هو مهنية أعلى وحرفية أفضل.. بسبب عدم المهنية والإسراع في عملية التحرير بهذه الطريقة وقع هذا العدد من الضحايا».

وقال أسقف الكلدان في بغداد شليمون وردوني إن اثنين من كهنة كنيسة سيدة النجاة الواقعة في حي الكرادة في وسط بغداد قتلا، فيما أصيب ثالث بالرصاص في كليته. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية «ينتابني شعور بالحزن الشديد، ما يسعنا القول إنه عمل غير إنساني، حتى الحيوانات لا تتصرف بهذه الطريقة».

وتحولت الكاتدرائية إلى ما يشبه ساحة حرب فالأرض والجدران غطتها الدماء واخترقها الرصاص وتناثرت في داخلها الأشلاء.

وقال الأب يوسف توما مرقس رئيس الآباء الدومنيكان في العراق إن «العملية كانت محضرة منذ فترة طويلة نظرا للأسلحة والذخائر التي عثر عليها في الكاتدرائية. الأمر يستغرق وقتا طويلا لإدخالها». من جهته تفقد خور أسقف السريان الكاثوليك بيوس كاشا الكاتدرائية قائلا «إنها مجزرة حقيقية»، مضيفا «الأمر الأكيد أن أبناء رعيتي جميعا سيغادرون العراق».

وقال أحد الرهائن البالغ من العمر 18 عاما رافضا التعريف عن اسمه إن «رجالا يرتدون ملابس عسكرية اقتحموا الكنيسة حاملين أسلحتهم وقتلوا كاهنا على الفور. لقد احتميت داخل قاعة صغيرة حيث كان يوجد أربعة مصلين آخرين». وأضاف «بعدها بقليل دخل اثنان من المسلحين إلى القاعة وأطلقا النار في الهواء وعلى الأرض، مما أدى إلى جرح ثلاثة أشخاص ثم دفعا بنا إلى صحن الكنيسة. حصل بعدها تبادل إطلاق نار، وسمعنا دوي انفجارات. وقد تناثر الزجاج على الناس». وقرابة الساعة 20.50 بدأت قوات الأمن العراقية هجومها على المسلحين.

إلى ذلك، نفى الجيش الأميركي أمس أن يكون جنوده شاركوا إلى جانب جنود عراقيين في الهجوم على الكنيسة، وأكد أن دوره اقتصر على تقديم الاستشارة. وقال المتحدث باسم الجيش الأميركي الكولونيل باري جونسون «لم يشارك جنود أميركيون في الهجوم لإطلاق سراح الرهائن». وتابع الكولونيل الأميركي «إن مستشارينا وجنودنا وصلوا إلى المكان بعد أن كانت القوات الخاصة العراقية شنت الهجوم داخل الكنيسة».

وجاء هذا الإيضاح الأميركي بعد أن أعلن عدد من الناجين أن جنودا أميركيين أطلقوا سراحهم من داخل الكنيسة. وقال شاب في الـ18 من العمر كان في عداد الرهائن «إن جنودا أميركيين أطلقوا سراحي وهم وصلوا في البداية تلاهم العراقيون». وقال التاجر يوسف فتح الله البالغ الثلاثين من العمر بعد انتهاء الهجوم على الكنيسة مباشرة «لقد اتصلت بي والدتي التي كانت داخل الكنيسة من هاتفها الجوال لتقول لي إن الأميركيين أنقذوهم». وقال صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية إنه شاهد ثلاثة جنود أميركيين يرتدون ملابس قتالية وهو يقفون في العتمة حول الكنيسة مساء الأحد.

وأضاف الكولونيل جونسون «أعتقد أنه حصل التباس لدى الناس» في إشارة إلى أن زي القوات الخاصة العراقية يشبه كثيرا الزي الذي تستخدمه الوحدات الأميركية الخاصة.

وكانت القيادة العسكرية الأميركية في العراق أعلنت أنها قدمت المساعدة خلال هذه العملية، إلا أنها حرصت على التأكيد على أن «فرقا من المستشارين» فقط كانت «قرب المكان». وجاء في بيان عسكري أميركي أن «القوات الأميركية في إطار الدور الاستشاري الذي تقدمه قدمت مساعدة على المستوى الاستخباراتي وفي مجال المراقبة والتعرف على المكان» إلى قوات الأمن العراقية. وقال الجيش الأميركي إنه قدم «فرقا من المستشارين إلى قيادة القوات العراقية قرب مسرح» الحادثة.

من جانبه أكد سمير الشويلي المتحدث باسم قوات مكافحة الإرهاب العراقية أن أي أميركي لم يشارك في الهجوم. وقال الشويلي «إن قوات مكافحة الإرهاب هي الوحيدة التي شاركت في الهجوم على الكنيسة، ولم يكن هناك أي أميركي على الإطلاق»، مضيفا أن «الجيش والشرطة العراقيين كانا أيضا موجودين في المكان» على سبيل الدعم.

ورغم انتهاء مهمتها القتالية في العراق في نهاية أغسطس (آب) الماضي لا يزال بإمكان القوات الأميركية استخدام سلاحها في حال تعرضها للهجوم أو في حال طلبت منها السلطات العراقية ذلك.