مخاوف من هجرة مسيحية جديدة بعد هجوم كنيسة «سيدة النجاة»

شخصيات مسيحية تتساءل عن ملابسات العملية وتخشى حملة منظمة لإرغامهم على ترك العراق

TT

كان للهجوم على كنيسة «سيدة النجاة» في بغداد وقع كبير على أبناء الطائفة المسيحية في العراق فقد بين العديد منهم في اتصالات هاتفية من الموصل وكركوك ومناطق أخرى يتركز فيها المسيحيون أنهم الآن أكثر تخوفا من ذي قبل على حياتهم وحياة أبنائهم الذين باتوا في خطر واضح بعد أن هوجمت كنيسة آمنة وسط بغداد وفي وضح النهار.

ويؤكد رئيس منظمة حمورابي لحقوق الإنسان المسيحية وليم وردا أن العملية الأخيرة تندرج ضمن مخطط بدأ العمل به من 2006 عندما بدأ الصراع الطائفي في عموم العراق وأن هذه الأعمال «تأتي ضمن مشروع ديموغرافي لا نعرف مداه». وتساءل عن «كيفية وصول الإرهابيين إلى هذه الكنيسة في وضح النهار»، مطالبا الجهات المعنية بالكشف عن ملابسات الحادث.

ويقول أحد رجال الدين في كنيسة «سيدة النجاة»، رافضا ذكر اسمه لخوفه من الاستهداف بعد الحادثة التي تعرضت لها الكنيسة، إن «المسيحيين في العراق وبعد أن كانت هذه البقعة من الأرض موطنهم الرئيسي قبل غيرهم من الديانات والأعراق، أصبحوا يسمون حاليا بالأقلية بعد أن تناقصت إعدادهم بسبب التهجير القسري والطوعي طوال عقود مضت، وأوسعها ما حدث بعد عام 2003، ولم يتبق منهم في موطنهم القديم سوى أقل من 400 ألف مسيحي يسكنون بغداد والموصل والبصرة».

من جهته، يؤكد لويس إقليموس نائب رئيس مجلس الأقليات العراقية وهو أحد الرهائن الذين وجدوا داخل كنيسة سيدة النجاة أن الحملة ضد المسيحيين «مخطط لها بشكل واضح»، متهما جهات لم يسمها بأنها «تدفع بالمجرمين لارتكاب مثل هذه الأعمال». وأشار إقليموس إلى أن الهدف هو تهجير المسيحيين من العراق وكذلك الأقليات الأخرى بتحرك طائفي من جهات معينة. وأكد إقليموس أن هذه العملية ستجعل العديد من المسيحيين يغادرون العراق لكنه أصر على البقاء قائلا: «إن هذه الأرض أرضنا وأهلها شعبنا ولن نغادر».

وهاجر العديد من المسيحيين من العراق بعد ما تعرضوا له من تضييق للحريات وقتل وملاحقات واختطاف. وتعرضت 51 كنيسة في مختلف أنحاء العراق للتفجير النسبة الأعظم منها في الموصل والبقية في بغداد، وبواسطة سيارات وعبوات ومفخخات وأحزمة ناسفة وهجمات انتحارية. كما تعرض 24 رجل دين مسيحي لمحاولات اغتيال. وخلال السنوات الثلاث الماضية عاد بعضهم ولكن، حسب وردا، لم تكن سوى عودة طفيفة لبعض الكفاءات من الخارج خاصة أساتذة الجامعات والمهندسين الذين ارتبطوا بعقود عمل في جامعات عراقية ومشاريع إعمار وأغلبهم في إقليم كردستان العراق. أما عودة المهجرين فقد رصدت المنظمة عودة أكثر من 800 عائلة هجرت من الموصل في أحداث سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) 2008 ولكن تصاعد حالات القتل لمجموعة من الشباب التي شهدتها الموصل خاصة في ديسمبر (كانون الأول) 2009 والاعتداء على الكنائس وتفجيرها أجج الهجرة المسيحية من جديد.

ودعا وردا الحكومة العراقية الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق إلى بذل كل ما في وسعهما للقيام بتوفير الأمن للمسيحيين وبقية الأقليات الدينية والقومية والعمل على اتخاذ تدابير جدية لضمان بقاء المسيحيين، وغيرهم من المكونات الدينية والقومية الصغيرة، والعمل على تقليل أو إيقاف هجرتهم من داخل العراق من خلال دعم مقومات وجودهم عن طريق تحسين أوضاعهم.

الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والاهتمام بمسألة مشاركتهم في مؤسسات الدولة تحقيقا لمبدأ المواطنة والشراكة والمساواة.