النواب العراقيون.. رواتب ومخصصات مجزية مقابل 20 دقيقة فقط من العمل

تقاضى كل منهم منذ يونيو الماضي 90 ألف دولار مرتبات ومخصصات بلغت 22500 شهريا

نائبان ينتظران انعقاد أول جلسة لمجلس النواب العراقي الجديد في 14 يونيو الماضي (أ.ب)
TT

حصل كل واحد من أعضاء البرلمان العراقي الـ 325 حتى الآن على مبلغ مقطوع قدره 90000 دولار بالإضافة إلى راتب ومخصصات تبلغ 22500 دولار شهريا ويقضون ليالي في أفضل فنادق بغداد مجانا، في حين عملوا هذا العام فقط لمدة عشرين دقيقة دون إقرار أي قانون.

وبينما يستعد البرلمان العراقي لعقد ثاني جلسة له منذ الانتخابات الأخيرة غير الحاسمة، التي أجريت في مارس (آذار) الماضي، تثير الرواتب والامتيازات الضخمة التي يحصل عليها نواب البرلمان استياء العراقيين الذين يصارعون من أجل العيش والوفاء باحتياجاتهم والمصابين بالإحباط نتيجة حالة الجمود السياسي.

ولم يتمكن البرلمان من الانعقاد منذ يونيو (حزيران) عندما اجتمع نواب البرلمان، وهو ثاني برلمان منتخب منذ الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003، لمدة عشرين دقيقة. وحالت الانقسامات الحادة بين الكتل السياسية دون تشكيل حكومة جديدة أو مناقشة أي قانون وبالتالي عدم إقرار أي قانون.

ومع ذلك، وحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس»، ما زال النواب يجمعون المال ويحصلون على المزايا. ويقول وائل عبد اللطيف، السياسي المستقل وعضو البرلمان السابق من مدينة البصرة، ثاني أكبر مدينة عراقية «تحولت الساحة السياسية العراقية إلى عمل تجاري». وأضاف «لم يكن ليتكبد الكثير من نواب البرلمان عناء الترشيح لعضوية البرلمان» لو لم تكن الرواتب مرتفعة بهذه الدرجة. وتضمنت الجلسة التي انعقدت في يونيو (حزيران) الماضي تلاوة آيات من القرآن الكريم، وعزف النشيد الوطني وأداء النواب الجدد للقسم، وصدر خلال هذه الجلسة قرار واحد فقط وهو ترك الجلسة مفتوحة ولكن دون حضور أحد وهو إجراء فني يهدف إلى منح المزيد من الوقت لاختيار قيادة جديدة، حيث فشلت الانتخابات في منح أي حزب أغلبية حاكمة. وبعد الجلسة حصل كل نائب على مبلغ قدره 90000 دولار مخصص لتغطية النفقات الشخصية خلال أربعة أعوام هي مدة الدورة البرلمانية.

ويستعد نواب البرلمان لجلسة ثانية يرجح أن تعقد الأسبوع المقبل فقط لأن المحكمة العليا أمرتهم الأسبوع الماضي بالعودة إلى العمل.

وفي هذه الأثناء، وجه العراقيون، الذي صوتوا بأعداد كبيرة في الانتخابات أملا في دعم ديمقراطيتهم الناشئة بعد أعوام من الحكم الاستبدادي والحرب والعنف الطائفي، انتقادا لاذعا إلى السياسيين الذين انتخبوهم لتمثيل مصالحهم. وقال جلال محمد، موظف متقاعد كان يعمل في المجلس الإداري في مدينة البصرة بالجنوب: «إنهم يستمتعون بإجازة مدفوعة الأجر بدلا من العمل بجد وأداء الوظيفة بشكل جيد» وأضاف: «أعتقد أنه ينبغي أن يحصل نواب البرلمان على رواتبهم عندما يقومون بشيء نافع لبلدهم».

ويبلغ الراتب الشهري الأساسي للبرلماني العراقي 10000 دولار. وبالإضافة إلى ذلك، يحصل كل نائب عراقي على بدل إقامة وأمن قدره 12500 دولار شهريا، مما يعني أن إجمالي المبلغ الذي يحصل عليه كل نائب هو 22500 دولار. ويدفع النواب 6 في المائة من الراتب الأساسي فقط كضرائب ويقضون ليالي مجانا في فندق الرشيد في المنطقة الخضراء الآمنة نسبيا في بغداد بغض النظر عما إذا كان البرلمان منعقدا أم لا، ويحصلون على 600 دولار يوميا عند انتقالهم داخل أو خارج العراق.

وبمجرد خروج النواب من المنصب، يحصلون على 80 في المائة من راتبهم الشهري كتقاعد ويستطيعون الاحتفاظ بجوازات سفرهم الدبلوماسية لمدة ثماني سنوات، بل وكثيرا ما ينطبق هذا على أسرهم.

وعلى الجانب الآخر يتقاضى مدرس ثانوي أو طبيب في مستشفى عام نحو 650 دولارا شهريا. ومن النادر أن يتجاوز الراتب الأساسي لموظف يعمل في الحكومة، التي تعد أكبر جهة توظف عراقيين، في منتصف السلم الوظيفي 600 دولار.

ويبرر النواب البرلمانيون المرتبات المرتفعة التي يتقاضونها والمزايا التي يحصلون عليها بقولهم إنهم يخاطرون بحياتهم عندما ينخرطون في العملية السياسية. ويقول الشيخ حيدر الجوراني، نائب عن البصرة في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي «نحن معرضون لأعمال عنف في منازلنا وفي الشوارع وحتى داخل البرلمان». وأوضح أنه عليه أن يصلح منزل أسرته بعد تدميره في انفجار قريب. وأضاف أن التجول في أرجاء العراق في أمن والقيام برحلات متكررة إلى الخارج يتكلف أموالا، وكذا تتكلف حفلات استقبال رسمية من المتوقع أن يقيمها النواب. ولكن يعتقد الكثير من العراقيين أن أعضاء البرلمان سعوا إلى المناصب بسبب طمعهم وليس رغبة منهم في خدمة الوطن.