مؤامرة الطرود المفخخة تظهر دورا مهما للاستخبارات

استجابة سريعة للمعلومات المقبلة من السعودية في عصر شهد إخفاقات استخباراتية

TT

في منتصف الأسبوع الماضي، مضت امرأة تزعم أنها تدعى حنان السماوي، وهي طالبة في كلية الهندسة تبلغ من العمر 22 عاما، إلى مكتب شركة «يو بي إس» بحي حدا داخل العاصمة اليمنية صنعاء. وبعد أن أظهرت بطاقة هوية مصورة، تركت قنبلة مخبأة داخل خرطوشة طابعة في طرد موجّه إلى عنوان داخل شيكاغو، وفي مبنى قريب، تُرك طرد آخر به قنبلة محلية الصنع في مكتب شركة «فيد إكس»، ومن الواضح أنه كان موجها إلى شيكاغو.

وخلال أيام مر الطردان عبر أربع دول على متن أربع طائرات مختلفة على الأقل، من بينهم طائرتا ركاب، قبل اكتشاف الطردين في بريطانيا ودبي بعد تحذير من الاستخبارات السعودية، دق ناقوس الخطر بشأن عمل إرهابي دولي تبعته مطاردة محمومة.

ومثّل إجهاض مؤامرة الطرود نجاحا مهما في عصر وقعت خلاله إخفاقات استخباراتية، وشهد مشكلات في تبادل المعلومات.

وذكّر مسؤولين بمختلف أنحاء العالم بأن الاستجابة السريعة إلى معلومات استخباراتية تأتي في الوقت المناسب هو الحل. وعلى الرغم من مليارات الدولارات التي تنفقها حكومات على تقنيات داخل المطارات بهدف حمايتها من تهديدات إرهابية، لربما وُضع الطردان على طائرات متجهة إلى الولايات المتحدة، لولا تحذير الاستخبارات السعودية.

وتظهر المؤامرة أيضا ثغرات في النظام، ولا سيما أمن طائرات الشحن، وقد أثار ذلك انتقادات خارج الولايات المتحدة، ويحتمل أن يعيد إثارة نقاشات جديدة داخل أميركا.

واعترف مسؤولون في قطر يوم الأحد بأن أحد الطردين كان على متن طائرة ركاب تابعة للخطوط الجوية القطرية، ومن الواضح أنه مر عبر نظام فحص الشحن التابع للشركة.

ووجد المسؤولون داخل بريطانيا أنفسهم في موقف مخجل بسبب المدة التي استغرقتها السلطات حتى تعثر على طرد خبئت فيه قنبلة بحرص.

ولا يوجد لدى مسؤولين أميركيين ويمنيين أدلة مؤكدة على الجهة المتورطة في الهجوم الذي أحبط، واكتشف مسؤولون في اليمن، يوم الأحد، أن هوية السماوي سرقة فيما يبدو، وأنها ليست المرأة التي أرسلت الطردين. وأطلق سراح السماوي بكفالة يوم الأحد، ولم تلقِ السلطات اليمنية القبض حتى الآن على أي مشتبه فيه آخر. وكانت هذه مؤامرة أخرى جرى الإعداد لها بحرص ومهارة، ويعتقد محققون أن وراءها تنظيم القاعدة في اليمن، وهو تنظيم يقول مسؤولون أميركيون إنه يطرح التهديد الأكبر للأراضي الأميركية.

وفي مقابلات تلفزيونية يوم الأحد، قال كبير مستشاري الرئيس أوباما لمكافحة الإرهاب، جون برينان، إن السلطات الأميركية والبريطانية تميل إلى الاعتقاد بأن تفجير الطردين كان مستهدفا في الهواء، أثناء ذهابهما إلى عنوانين داخل شيكاغو.

وإذا تبين أن هذا هو الوضع، فإنه يعد هجوما نادرا يستهدف نظام الشحن الجوي، وهو أحد أركان الاقتصاد العالمي، وليست عملية نقل الركاب، التي تحظى بأكبر اهتمام من جانب الحكومات التي تعمل على عدم تكرار هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001.

وتراهن الحكومات في الأغلب على أنه ليس من المحتمل أن تكون منظومة نقل الشحنات هدف المؤامرة، حيث إن الطائرات التابعة لها لا يوجد بها سوى عدد قليل من الركاب. وقال النائب إيد ماركي، وهو ديمقراطي عن ولاية ماساتشوستس، في بيان: «حان الوقت كي يقبل قطاع الشحن ومجتمع الأعمال حقيقة أن هناك حاجة إلى القيام بالمزيد من أجل تأمين طائرات الشحن، حتى لا تتحول إلى وسائل لنقل قنابل تستهدف دولتنا».

ويُشار إلى أنه في عام 2007، ومن خلال تشريع اقترحه ماركي، سمح الكونغرس بفحص جميع الشحنات التي تنقل جوا قبل وضعها على طائرات ركاب، ووضع موعدا نهائيا لتنفيذ ذلك في أغسطس (آب) 2010 لذلك. ولكن منذ الموعد النهائي، لم يفحص إلا 65 في المائة من الشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة على طائرات ركاب من الخارج، وتفحص نسبة أصغر كثيرا تأتي إلى الولايات المتحدة على طائرات مخصصة فقط لنقل الشحنات عينيا، حيث إن هذه الطائرات لا تخضع إلى التفويض. وحتى عند فحص الشحنات، تستخدم شركات النقل الجوي في دول معينة أجهزة مثل أجهزة الفحص، باستخدام أشعة إكس أو الفحص العيني من خلال عامل داخل المطار لا يمكنه في الأغلب التعرف على طرود تحتوي قنابل، لأن كمية قليلة من المتفجرات يمكن إخفاؤها بحرص داخل أجهزة إلكترونية، مثل طابعة جهاز كومبيوتر.

وتكشف مقابلات أجريت داخل واشنطن ولندن والشرق الأوسط كيف شق الطردان المفخخان طريقهما عبر عدة دول، قبل سحبهما من الطائرتين، عقب تحذير من مسؤولين في الاستخبارات السعودية.

وانتهى المطاف بالقنبلة التي تركت في مكتب «يو بي إس» بصنعاء إلى مطار إيست ميدلاندز بالقرب من نوتنغهام في إنجلترا. وعقب تحذير من عمل إرهابي جاء من واشنطن، جرى البحث عن الطرد وعثر عليه ولم يُرسل إلى الولايات المتحدة، ولكن استغرقت السلطات البريطانية أكثر من 20 ساعة كي تحدد أنه يحتوي على مواد متفجرة مخبأة.

* خدمة «نيويورك تايمز»