مسؤول أميركي: الطردان المفخخان أعدا لينفجرا في الجو

تساؤلات محيرة حول سبب إرسال الطردين على عنواني معبدين يهوديين في شيكاغو

TT

قال كبير مستشاري الرئيس أوباما لمكافحة الإرهاب: إنه فيما يبدو كان مقررا تفجير الطردين المفخخين اللذين اعترضتهما السلطات داخل بريطانيا ودبي الأسبوع الماضي «في الجو» لتسقط الطائرتان الحاملتان للطردين. «في هذه المرحلة، أعتقد أننا نتفق مع البريطانيين على أنه يبدو أنهما صمما لينفجرا في الجو»، هذا ما أدلى به المستشار جون برينان خلال حديثه أول من أمس على برنامج «فيس ذي نيشين» الذي تبثه «سي بي إس». ويظهر هذا التقييم، إلى جانب الكشف عن أن أحد الطردين سافر على متن طائرات ركاب في منطقة الشرق الأوسط، كيف أن السلطات تمكنت من تجنب كارثة محتملة ولكن بصعوبة شديدة. كما أثار ذلك تساؤلات محيرة حول سبب إرسال الطردين، اللذين احتويا على مواد متفجرة وضعت بمهارة داخل خرطوشة طابعة معدلة، على عنوان معبدين يهوديين في شيكاغو، وهو تحذير محتمل؛ لأن أصل الطردين يعود إلى اليمن.

وفي برنامج حواري آخر صباح الأحد، كان برينان أكثر حذرا بشأن الحديث عن الأهداف النهائية للهجوم. وقال في برنامج «هذا الأسبوع مع كريستيان أمانبور» الذي يبث على «إيه بي سي»: إن السلطات «عليها إجراء دراسة متأنية لمعرفة ما إذا كان مقدرا تفجير الطردين على الطائرتين أم كان مقررا إرسالهما لمكان محدد وتفجيرهما فيه».

وقد كان مسؤولون بريطانيون أكثر حسما. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يوم السبت: «نعتقد أن المواد المتفجرة صممت لتنفجر على متن الطائرة».

وقال مسؤول أميركي في مجال مكافحة الإرهاب: إن الفحص الشرعي ذا الصلة بالطردين لا يزال في مراحله الأولى، وإن خبراء من مكتب التحقيقات الفيدرالي يشاركون فيه. وبصورة جزئية، تعتمد النتيجة المبدئية التي تقول إنه كان مقررا تفجير الطردين المفخخين على متن الطائرات بدلا من العناوين المتجهة إليها في شيكاغو على حقيقة أن أجزاء المواد المتفجرة لم تكن معدة لتنفجر عند فتحها.

واستخدمت في الطردين المفخخين تقنية الهواتف المحمولة، ولكن ليس من الواضح سبب إعدادهما بهذه الطريقة. ومن بين الأسئلة التي تطرحها السلطات: كيف كانت محتويات الهاتف المحمول ستدخل في نطاق يمكنها من استقبال إشارة خلال مرورها عبر المحيط الأطلسي؟ ومتى كان سيحدث ذلك؟

ويقول مسؤول مكافحة الإرهاب: «هناك الكثير من الفرضيات حول احتمالية ضبطهما على مؤقت أو قيام شخص بإجراء مكالمة أو وجود وسيلة أخرى لتفجيرهما».

ومع توافر أدلة مبكرة تشير إلى أن المؤامرة كانت بناء على تعليمات من تنظيم القاعدة في اليمن، يقول برينان إن مسؤولين أميركيين لا يمكنهم افتراض أنه لا توجد المزيد من الطرود المفخخة، على الرغم من أن بعض مسؤولي هيئات تنفيذ القانون الأميركية يعتقدون أنهم فحصوا جميع الطرود التي غادرت اليمن في الوقت نفسه الذي جرى فيه اعتراض الطردين المفخخين.

وفي اليمن، أطلقت الشرطة أول من أمس سراح امرأة ألقوا القبض عليها قبل يوم للاشتباه في قيامها بإرسال الطردين المفخخين. ويقول مسؤولون هناك: إن شخصا ما ربما انتحل شخصية المرأة (22 عاما)، وهي تدرس هندسة الكومبيوتر بجامعة صنعاء.

ولم تحدد شركة شحن هوية الطالبة، وقال مسؤولون يمنيون إنه على الرغم من أنه لا يوجد مشتبه فيهم داخل السجون فإنهم يتتبعون عددا من الاتجاهات. وقال متحدث باسم «الخطوط الجوية القطرية» إن الطرد الذي اكتشف في منشأة تابعة لـ«فيد إكس» داخل دبي سافر على متن طائرتي شحن تابعتين لها قبل أن تصل إلى الإمارات. واتجه الطرد أولا إلى الدوحة على متن طائرة من العاصمة اليمنية صنعاء وبعد ذلك شحن على طائرة ركاب أخرى إلى دبي. وقد أكد هذا الكشف تساؤلات بشأن أمن الشحنات وهل أصبحت تمثل عنصرا خطرا في منظومة الطيران.

وتلزم الولايات المتحدة بفحص الشحن المرسل جوا على طائرات الركاب المحلية وطائرات الركاب التي تدخل الولايات المتحدة. ولكن لا يطبق هذا الأمر في مختلف الأنحاء، وربما تفضي المؤامرة إلى دعوات لزيادة استخدام تقنية التصوير المتطورة، على الأقل بالنسبة للشحنات الآتية من دول بعينها. وقال النائب إدوارد ماركي (الديمقراطي من ولاية ماساتشوستس)، والذي صاغ قانونا يعود إلى 2007 يتناول الشحنات على طائرات الركاب، في بيان، إنه يخطط لاقتراح تشريع يخول بفحص كل شيء يرسل على طائرات الشحن. ويبدو أن الطردين المفخخين صنعا بحيث يمكنهما تجاوز نظم الأمن القائمة، كما هو الحال مع قنابل أخرى يعتقد أن تنظيم القاعدة في اليمن، المعروف باسم «تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، مسؤولا عنها. وتقول «الخطوط الجوية القطرية» إن المواد المتفجرة التي عثر عليها داخل دبي ما كان ليتم اكتشافها من خلال أشعة «إكس» أو الكلاب المدربة. ولم ينتبه مسؤولون بريطانيون إلى الطرد الثاني خلال مسح أولي عنها داخل شحنة في مركز تابع لشركة «يو بي إس» بالقرب من نوتنغام داخل إنجلترا. ويقول برينان إن المواد المتفجرة «متطورة جدا» في طريقة تركيبها وإخفائها.

ويشتبه في أن تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» ضالع في محاولة تفجير طائرة تجارية كانت متجهة إلى ديترويت في ليلة عيد الميلاد من العام الماضي وكذا في محاولة اغتيال فاشلة قبل أشهر عدة استهدفت الأمير محمد بن نايف.

كان الطردان المفخخان يحتويان على مادة «بيتن». وكان عمر فاروق عبد المطلب، وهو نيجيري يقول مسؤولون إنه تدرب داخل اليمن وسعى إلى تنفيذ الهجوم في ليلة عيد الميلاد، قد مر عبر الأمن داخل المطار، بما في ذلك داخل أمستردام. ويقول مسؤولون إن الهجوم أحبط عندما تمكن ركاب من إيقافه من تفجير المتفجرات المخبأة في ملابسه الداخلية. وقال برينان في حديثه على «إيه بي سي»: «الشخص الذي صنع هذه القنابل خطير جدا، ومن الواضح أن لديه قسطا مناسبا من التدريب والخبرة».

ولم يذكر برينان اسم المشتبه فيه، ولكن يقول مسؤولون أميركيون آخرون إنه إبراهيم حسن العسيري (28 عاما)، وهو مواطن سعودي في قائمة المطلوبين بالسعودية. ويأتي العسيري ضمن سعوديين لهم أدوار بارزة في تنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» إلى جوار أنور العولقي، المولود في أميركا. وقد حاول التنظيم مرتين استخدام نظام الطيران من أجل تدشين هجمات إرهابية خلال الأشهر الـ12 الماضية، وأصبح في بؤرة اهتمام عمليات الجيش والاستخبارات الأميركية ومن بينها هجمات على مخابئ التنظيم في اليمن وقد دفع إلى تعزيز المساعدات العسكرية إلى الحكومة اليمنية.

ويقول مسؤولون أميركيون في الاستخبارات ومجال مكافحة الإرهاب: إن الهجوم الأخير يسرع من وتيرة نقاشات جارية داخل إدارة أوباما بشأن توسيع الترسانة الأميركية، وربما من خلال الطائرات من دون طيار التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، في المعركة داخل اليمن.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»

* ساهم في التقرير غريغ ميلر