المعتقلة الأميركية السابقة في إيران تنفي مزاعم «ويكيليكس» عن أن احتجازها مع رفيقيها تم في العراق

نفت تلقي تحذيرات وكشفت أنهم دخلوا الأراضي الإيرانية عندما أشار إليهم حارس بالاقتراب.. وطهران تستدعيها للمحاكمة

TT

نفت سارة شورد، المعتقلة الأميركية السابقة في طهران، مزاعم أفادت بأن عملية اعتقالها مع أميركيين آخرين من قبل حرس الحدود الإيراني قد تم داخل الأراضي العراقية، وجاء ذلك بينما قرر القضاء الإيراني «تأجيل» محاكمتها مع خطيبها شين إم. بوير، وصديقهما جوشوا إف. فاتال الذين اعتقلوا في يوليو (تموز) 2009 بتهمة التجسس.

وبحسب سارة شورد، المدرسة التي أفرج عنها في سبتمبر (أيلول) بعد قرابة 14 شهرا قضتها في سجن «إفين» الإيراني سيئ السمعة، فقد سارت مع رفيقيها، وهم جميعا من متسلقي الجبال، خارج طريق موحل لا توجد به علامات واضحة، ليعبروا بذلك عن غير قصد الأراضي العراقية إلى داخل الجمهورية الإسلامية؛ لأن أحد حراس الحدود، غير معروف الجنسية، أشار لهم بالاقتراب منه. كانت سارة شورد، 23 عاما، قد اتصلت بـصحيفة «نيويورك تايمز» لتقديم شهادتها العلنية الكاملة حول قصة القبض عليهم. وقالت إنها رغبت في إصلاح الانطباع العام الخاطئ، الذي عززه تقرير عسكري أميركي سري كشف عنه موقع «ويكيليكس» الأسبوع الماضي، علاوة على تقارير صحافية أميركية وبريطانية سابقة، حول أن متسلقي الجبال احتجزوا داخل العراق وأجبروا على عبور الحدود لاحقا.

وقالت شورد، عبر الهاتف من منزلها في أوكلاند بكاليفورنيا، إنه في اليوم المشؤوم، عندما اقتربوا من أحد حراس الحدود المسلحين كان قد أشار إليهم بالاقتراب، و«أشار إلى الأرض قائلا (إيران)، ثم أشار إلى الطريق الذي كنا به وقال (العراق). لكننا لم ندخل إلى إيران فعليا إلا عندما أشار لنا بالاقتراب. لقد تملكنا التوتر والقلق ورغبنا في العودة». إلا أنه بدلا من أن ينتهي الموقف كمقابلة عادية، تحول إلى فترة احتجاز طويلة وسبب جديد لتوتر العلاقات الإيرانية - الأميركية.

بجانب ذكر أن متسلقي الجبال الثلاثة ألقي القبض عليهم داخل العراق، أضاف التقرير العسكري الأميركي، الذي وضعه مسؤول مجهول الهوية، أن «غياب التنسيق من جانب هؤلاء المتسلقين، خاصة بعد تحذيرهم مسبقا، يشير إلى تعمدهم تأجيج وخلق دعاية فيما يتعلق بالسياسات الدولية بشأن إيران».

وأكدت شورد أن هذه النتيجة أصابتها بحالة من الحيرة، مؤكدة أنهم الثلاثة لم تكن لديهم فكرة أنهم بالقرب من الحدود ولم يتلقوا تحذيرا حيال أي شيء. وأضافت: «تفتقر هذه الادعاءات إلى المنطقية وغير مدعمة بأدلة. من السخف الادعاء بأن متسلقي الجبال كانوا يثيرون مشكلة على الحدود». وأضافت أن وزارة الخارجية الأميركية لم تلمح قط بالرؤية الواردة في التقرير الذي سربته «ويكيليكس»؛ حيث أصرت الوزارة دوما على أنه لا علم لديها بكيفية إلقاء القبض على الأميركيين الثلاثة.

من جهته، أكد فيليب جيه. كراولي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أنه «لا ندري إن كانوا قد تجاوزوا بكلتا القدمين جانبا ما أو آخر أو وقفوا بقدم على كل جانب».

ووصفت شورد ما بدأ كرحلة للتخييم والاستجمام، اضطلع بها ثلاثة أصدقاء من بيركيلي التقوا بعد فترة غياب وكانت تغمرهم السعادة بالهروب إلى جبال كردستان الخضراء بعيدا عن سهول سورية شديدة الحر.

عملت شورد مدرسة للغة الإنجليزية في دمشق بسورية، حيث عمل بوير صحافيا حرا، بينما عكف الاثنان على دراسة اللغة العربية. أما فاتال، فقد أتى لزيارتهما، وانطلق الثلاثة إلى كردستان بعد أن قرأوا عبر شبكة الإنترنت أنها آمنة واستمعوا إلى صديق لهم كان يتحدث بحماس شديد عن المكان.

واقترح عليهم العديد من الأكراد زيارة أحمد آوا، وهي منطقة شلالات جبلية رائعة، يقيم بها السكان المحليون معسكرات. ولم تكن لدى المتسلقين الثلاثة أدنى فكرة أن المنطقة متاخمة للحدود، حسبما أكدت شورد، وقابلوا مرتين جنودا من البشمركة الكردية والذين حيوهم بحرارة. ولم تثر أصوات الموسيقى والضحك المنبعثة من عشرات المعسكرات عند منطقة الشلالات في أنفسهم أي شكوك حول وجود خطر وشيك.

في اليوم التالي، ساروا عبر طريق موحل مرتفع أمام الشلالات. وبعد حصولهم على سنة من النوم بعد تناول الغداء، ظهر جندي يحمل سلاحا على قمة مرتفعة فوقهم وأشار لهم بالاستمرار في الصعود. وأشارت شورد إلى أنه كان أول شخص يرونه على الجبل. بعد ارتفاعهم لمسافة نحو 500 ياردة أخرى، من دون وجود إشارة توحي بأن هناك حدودا فاصلة، أشار لهم حارس كان يقف بجانب كوخ حجري للاقتراب منه. وأضافت شورد أن التقارير الصحافية التي أشارت لانطلاق طلق ناري فوق رؤوسهم ليس لها أساس من الصحة.

واستطردت بأنه داخل مبنى ثان أكبر، ظل عدد من الحراس الإيرانيين يرددون بالفارسية «موشكل ناديره»، أو «ليست هناك مشكلة»، وأعاقوا محاولتهم الفرار وتجاهلوا توسلاتهم بالسماح لهم بالعودة إلى العراق. بعد 4 أيام والعديد من التنقلات لاحقا، انتهى بهم الحال في سجن «إفين»، حيث لا يزال بوير وفاتال قيد الحبس.

وقالت شورد: «أعتقد أن قدرا هائلا من سوء الحظ كان بطريقنا»، مشيرة إلى أن خطأهم الوحيد كان التسلق لمسافة بعيدة للغاية. وأضافت: «أعتقد أنني لم أصدق قط وجود المئات من الأشخاص مجتمعين على هذه المسافة القصيرة من حدود تفصل بين بلدين». في غضون ذلك، قرر القضاء الإيراني «تأجيل» محاكمة الأميركيين الثلاثة، بتهمة التجسس، كما أعلن أمس المدعي العام الإيراني غلام حسين محسني. وكان من المقرر بدء هذه المحاكمة في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) في طهران. ونقلت وكالة الأنباء الطلابية (إيسنا) عن حسني محسني قوله في مؤتمر صحافي: «سمعت اليوم أن موعد المحاكمة قد تأجل؛ لأن المواطنة (الأميركية) التي أطلق سراحها يجب أن تستدعى هي أيضا حتى يحاكم الثلاثة معا».

وأوضح المدعي العام، وهو أيضا المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، أنه «سيتم تحديد موعد لبحث ملف الاثنين» اللذين ما زالا معتقلين في إيران. وأضاف: «لكن القضاء أثار مسألة استدعاء المواطنة (الأميركية) التي أطلق سراحها والتي يبدو أنها لم تستدع».