3 سيناريوهات أمام أوباما بعد انتخابات الكونغرس

مشاركة عالية وتكاليف غير مسبوقة في اقتراع التجديد النصفي

أميركيون يدلون بأصواتهم في بيفرلي هيلز بكاليفورنيا أمس (أ.ف.ب)
TT

أمام الرئيس الأميركي باراك أوباما 3 سيناريوهات بعد انتهاء انتخابات الكونغرس التشريعية ستحدد ولايته الأولى في البيت الأبيض وقد تحدد إمكانية فوزه بولاية ثانية عام 2012. فبينما واصلت مراكز الاقتراع حول الولايات المتحدة عد أصوات الناخبين مساء أمس، كان أوباما يستعد لوضع خطته التشريعية للسنتين المقبلتين التي يعلن عنها في مؤتمر صحافي ظهر اليوم.

وبناء على استطلاعات الرأي، بات من شبه المؤكد خسارة الديمقراطيين بعض المكاسب الكبيرة التي حققوها في انتخابات عام 2008، إلا أن حجم هذه الخسائر هي التي ستحدد قدرة أوباما على العمل مع المجلسين التشريعيين وتنفيذ أجندته السياسية. ويحتاج الجمهوريون إلى 39 مقعدا للسيطرة على مجلس النواب، و10 مقاعد في مجلس الشيوخ للحصول على الأغلبية فيهما.

والسيناريو الأكثر ترجيحا هو أن يخسر الديمقراطيون أغلبيتهم في مجلس النواب، بينما يبقون على أغلبية بسيطة في مجلس الشيوخ، مما يعني فرض المزيد من التنازلات على أوباما من أجل تمرير تشريعاته. وبحسب استطلاعات الرأي، وآخرها أجراها معهد «غالوب» مع صحيفة «يو إس آي توداي»، يواجه الديمقراطيون خسارة نحو 40 مقعدا في مجلس النواب وهو عدد كاف لإعطاء الجمهوريين الأغلبية في المجلس المسؤول عن إصدار قوانين الإنفاق بما فيها وضع الميزانية الأميركية. أما مجلس الشيوخ، فأي تقدم للجمهوريين حتى وأن لم يحصلوا على أغلبية مطلقة سيعني تقليص فرص دفع أوباما لتشريعات يرفضها الحزب المعارض.

أما السيناريو الثاني، فهو خسارة الديمقراطيين لمجلسي النواب والشيوخ، وذلك سيشكل خسارة سياسية كبيرة للديمقراطيين ويسبب حرجا للرئيس الأميركي. ويذكر أن هناك مقاعد مهمة بالنسبة للديمقراطيين في ولايات مثل إلينوي، حيث كان أوباما سيناتورا قبل تولي الرئاسة، ونيفادا التي يشغل أحد مقاعد مجلس الشيوخ فيها رئيس الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد. وفي حال كسب الجمهوريون هذه المقاعد، سيعني ذلك فشل الديمقراطيين في حماية مقاعد تقليدية كانت «آمنة» لصالح الديمقراطيين.

وقضى أوباما يومي أمس وأول من أمس خلف أبواب البيت الأبيض يجري اتصالات مع مرشحين من الحزب الديمقراطي بالإضافة إلى إجراء مقابلات صحافية محلية لحث الناخبين على التصويت لصالحه. وعلى الرغم من استطلاعات الرأي التي تعطي الجمهوريين تقدما بفارق بين 5 و10 نقاط، فإن أوباما وفريقه شددوا على إمكانية إبقاء الأغلبية الديمقراطية.

والسيناريو الثالث والأقل احتمالا هو نجاح الديمقراطيين في الحفاظ على مقاعدهم في مجلسي الكونغرس.

وهناك أيضا ترقب لانتخابات اختيار حكام الولايات، كمقياس مهم لشعبية الحزبين. وقد بذل أوباما جهدا كبيرا في إعطاء الدعم لحكام ديمقراطيين مثل تيد ستريكلاند في أوهايو وحاكم ميريلاند مارتن أومالي. إلا أن نتائج انتخابات الحكام لن تؤثر مباشرة على قدرة عمل أوباما، بل تنعكس على شعبية الديمقراطيين وقدرتهم على كسب الناخبين في الانتخابات المقبلة.

وعلى الرغم من أن القانون الأميركي ينص على أن وزيرة الخارجية الأميركية لا يمكن أن تشارك في الحملات الانتخابية كون منصبها يمثل البلد أمام العالم، أعربت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس عن ثقتها في أوباما وقدرته على تنفيذ خططه السياسية على الرغم من المصاعب التي تواجه الديمقراطيين في الانتخابات. وقالت كلينتون في لقاء مع عدد من الناشطين في ماليزيا أمس: «الرياح السياسية تهب أماما وخلفا ولكن ستجدون الرئيس أوباما قبطانا ثابتا للسفينة.. بغض النظر عما يحدث في انتخاباتنا ستجدونه يواصل دعم أجندته التي أعتقد أنها الأفضل للولايات المتحدة والعالم». ونقلت وكالة «أسوشييتد بريس» عن كلينتون قولها: «ورث الرئيس عددا من المشكلات الصعبة جدا وقد عالجها بصلابة ورؤية واضحة».

وشهد يوم أمس إقبالا عاليا من الناخبين وسط توقعات بأن تمثل مشاركة الناخبين نسبا عالية مقارنة بسنوات ماضية. وشهدت مرحلة «التصويت المبكر» خلال الأسبوع الماضي أعدادا غير مسبوقة فاقت نسبة الـ10 في المائة في بعض المقاطعات الأميركية، في إشارة إلى حماس الناخبين الذين عادة لا يهتمون بالانتخابات النصفية بنفس قدر اهتمامهم بالانتخابات الرئاسية كل 4 أعوام. وبحسب توقعات معهد «غالوب» لاستطلاعات الرأي، 53 في المائة من الناخبين المسجلين في الولايات المتحدة عبروا عن «حماسهم» للتصويت هذا العام، وكانت هذه النسبة 63 في المائة بالنسبة للجمهوريين مما يرجح فوزهم بعدد أكبر من المقاعد، في وقت 44 في المائة فقط من الناخبين الديمقراطيين عبروا عن حماسهم للمشاركة في الانتخابات.

وبغض النظر عن النتائج النهائية لانتخابات الكونغرس التي تتضح اليوم، تشكل هذه الانتخابات سابقة من حيث تكلفة الحملات الانتخابية. فحسب تقدير «مركز السياسة المستجيبة»، سيفوق الإنفاق على الحملات الانتخابية مبلغ الـ4 مليارات دولار، ليتخطى أعلى نسب الإنفاق السابقة. وقد صرفت رئيسة مجلس النواب الأميركية عضو الكونغرس نانسي بيلوسي 2.5 مليون دولار على حملتها الانتخابية، بينما صرف رئيس الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي 22.8 مليون دولار على حملته. وبالمقابل، صرف رئيس الأقلية الجمهورية في مجلس النواب جون بوهنر 7.5 مليون دولار على حملته الانتخابية، آملا أن يأخذ مكان رئيس الأغلبية في مجلس النواب في حال خسر الديمقراطيون أغلبيتهم في المجلس. ويترأس الأغلبية الديمقراطية الحالية ستيني هوير الذي صرف 3.6 مليون على حملته. وقد صرف رئيس الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونل 22.5 مليون دولار على حملته الانتخابية أيضا.

وفور انتهاء انتخابات الكونغرس النصفية، على الحزبين ومرشحيهم للانتخابات المقبلة بعد عامين تنشيط الماكينة الحزبية لجمع التبرعات، إذ ستكون الانتخابات المقبلة تشريعية ورئاسية أيضا. ويعقد الرئيس الأميركي مؤتمرا صحافيا اليوم في الساعة الواحدة ظهرا لتحديد خططه للسنتين المتبقيتين لولايته الرئاسية، في إعلان غير رسمي لبدء الحملة الانتخابية لانتخابات عام 2012.