نائب نتنياهو يلغي زيارة لندن خوفا من الاعتقال.. وهيغ في تل أبيب ورام الله لبحث المفاوضات وإيران

في ذكرى وعد بلفور

TT

تصادف احتفال الإسرائيليين، أمس، بالذكرى السنوية الثالثة والتسعين لوعد بلفور، مع قرار نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي وزير المخابرات، دان مريدور، إلغاء زيارة للندن خوفا من الاعتقال.

في غضون ذلك، وصل إلى إسرائيل أمس وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، لبحث عدة قضايا، في مقدمتها: عملية السلام والمفاوضات مع الفلسطينيين والتنسيق حول الموضوع الإيراني والجهود العالمية لمنع طهران من تطوير السلاح النووي. ويفترض أن ينتقل هيغ من تل أبيب إلى رام الله للقاء مسؤولين فلسطينيين.

وبدا تصادف ذكرى وعد بلفور قضية مثيرة؛ حيث، من جهة، يعتبر الإسرائيليون إلغاء زيارة مريدور دليلا على تدهور العلاقات بين البلدين خلال هذه الفترة الطويلة، ويقولون إن بريطانيا التي كانت السند الأول للحركة الصهيونية في تحقيق أهدافها العليا أصبحت اليوم ضاغطة على السياسة الإسرائيلية ومناصرة للمطالب العربية.

من جهة ثانية، يعتبر الفلسطينيون بريطانيا مقصرة معهم؛ فهي التي ساندت قيام إسرائيل ولكنها لم تف بوعدها للعرب أن تنهي إسرائيل احتلالها وتتوقف عن مكافحة طموحاتهم الوطنية في قيام دولة مستقلة وحل قضية اللاجئين حلا عادلا.

يُذكر أن وعد بلفور هو عبارة عن رسالة وجهها آرثر جيمس بلفور وزير الخارجية البريطاني إلى الممول اليهودي اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1917، تقول: «عزيزي اللورد روتشيلد.. يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك التصريح التالي، الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود الصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته كما يلي: إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن يغير الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى».

ونفذت بريطانيا الجزء الأول من هذا الوعد، لكن الجزء الذي يتعلق بالفلسطينيين لم يطبق بعد، على الرغم من قرارات المجتمع الدولي العديدة التي كرست حقوق الفلسطينيين في دولة مستقلة وتسوية قضية اللاجئين. ومع أن إسرائيل تدين بالجميل لبريطانيا لهذا الوعد، إلا أنها تنتقد سياستها اللاحقة بدعوى أنها متحيزة للفلسطينيين، بينما يرى الفلسطينيون أن بريطانيا شريكة في المسؤولية عن تشرد الفلسطينيين حتى اليوم ويطالبونها بتحمل مسؤوليتها في تصحيح الخطأ التاريخي معهم.

وفي سياق الانتقادات الإسرائيلية لبريطانيا، يطالبونها بتغيير قانون يستند إليه أصدقاء الشعب الفلسطيني في بريطانيا وأنصار حقوق الإنسان، يتيح محاكمة مسؤولين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين في الحرب العدوانية على قطاع غزة.. فبموجب هذا القانون يستيطع أي مواطن بريطاني المطالبة باعتقال أي زائر أجنبي إلى المملكة للتحقيق معه ومحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب. واستغل هؤلاء القانون المذكور للمطالبة باعتقال مسؤولين إسرائيليين في السنوات الأخيرة. وصدرت أوامر اعتقال كهذه بحق الجنرال دورون ألموغ، قائد اللواء الجنوبي الأسبق لدوره في اغتيال القائد الحماسي صلاح شحادة والتسبب بقتل 15 فلسطينيا مدنيا، بينهم 9 أطفال.

وعلمت إسرائيل أمس أن أنصار القضية الفلسطينية تقدموا بطلب لمحكمة بريطانية لاعتقال مريدور، أحد الوزراء السبعة الذين يقررون سياسة الحكومة في القضايا المصيرية، وذلك على دوره إبان خدمته في الحكومات السابقة التي أقرت حروبا أو عمليات اغتيال.

كان مقررا أن يصل مريدور للندن لإلقاء محاضرة أمام حفل لمنظمة يهودية بمناسبة ذكرى وعد بلفور. وأوصت وزارة القضاء الإسرائيلية بمنعه من السفر.

إلى ذلك، وصل هيغ لإسرائيل أمس، في زيارة هي الأولى منذ توليه منصب وزير الخارجية، ليبحث خلالها مع نتنياهو وكبار المسؤولين الإسرائيليين، قضايا تتعلق بشأن البرنامج النووي الإيراني وطلب إسرائيل إيجاد حل جذري لقانون يسمح باعتقال مسؤولين إسرائيليين. ودعي هيغ لفطور في بيت السفير البريطاني، يحضره رئيس المخابرات الإسرائيلية الخارجية «الموساد»، مئير دغان، والمسؤول عن الملف الإيراني في الأمن والمدير العام للجنة للطاقة الذرية، شاؤول حوريف، ومريدور، ووزير الشؤون الاستراتيجية موشي يعالون، ونائب وزير الخارجية داني أيلون.

ونقل عن مصادر في السفارة البريطانية، أمس، أن لندن تشارك إسرائيل قلقها من «تهديد السلاح النووي بحوزة إيران»، بيد أنها رفضت التحدث عن أي تفاصيل بشأن برنامج زيارة هيغ. ولفتت «هآرتس» إلى التعاون السياسي والاستخباري بين البلدين بخصوص إيران، وتواصل الحوار بينهما بهذا الشأن. ومن المتوقع أن يشدد نتنياهو ووزير خارجيته أفيغدور ليبرمان، على أن إسرائيل تتوقع أن تتم معالجة هذه المسألة في أسرع وقت.