رئيس حكومة كردستان: نرى في مبادرة خادم الحرمين خالص المحبة والحرص على العراق

برهم صالح في حديث لـ«الشرق الأوسط»: نعتبرها تجسيدا لما نتطلع إليه من دور عربي فاعل

برهم صالح (أ.ب)
TT

وصف رئيس حكومة إقليم كردستان العراق الدكتور برهم صالح مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بالموقف العربي المهم والداعم للخيار الوطني الحر في العراق.

كما تحدث صالح في حديث لـ«الشرق الأوسط» عن نتائج التحالفات الراهنة بشأن تشكيل الحكومة ومطالب القائمة الكردستانية لحسم قضية تشكيل الرئاسات الثلاث، قائلا إن القوى العراقية تشهد مزيدا من التقارب في المفاهيم حول كثير من القضايا التي تحول دون لم الشمل في حكومة شراكة وطنية لا يستثنى منها أحد. وأكد صالح على أهمية منهجية التعاطي مع مفاهيم الشراكة، حيث اعتبر أن الإقصاء والتهميش لأي من الكتل الأساسية في العراق والانفراد بالقرارات مسألة كارثية. ووجه صالح رسالة إلى دول الجوار والعالم كافة مفادها أن العراق كان في زمن صدام حسين مصدرا للمشكلات، وإهدار موارد المنطقة، ولكنه اليوم شهد تغيرا جذريا في المعايير كافة. وفي ما يلي نص الحوار:

* ما موقفكم من مبادرة خادم الحرمين الشريفين بشأن العراق خاصة، أنكم في إقليم كردستان لديكم مبادرة الرئيس مسعود بارزاني؟

- كان هناك حوار مفصل بيني وبين الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى حول مستجدات الوضع العراقي، ورسالة خادم الحرمين لأهل العراق، ومن جانبنا أكدنا على تقديرنا العالي للنداء الغيور من الملك عبد الله بن عبد العزيز. ونرى في دعوته خالص المحبة والحرص على العراق ومستقبله.. نرى فيها أيضا تجسيدا لما نتطلع إليه من دور عربي فاعل يساعد على انتشال العراق من أزمته. المبادرة السعودية دعم للخيار الوطني العراقي الحر الذي يرفض الوصاية الخارجية، وسند لمبادرة الرئيس مسعود بارزاني، الذي دعا الفرقاء العراقيين إلى طاولة مستديرة كي نتحاور بشأن الأزمة في ما بيننا من أجل إنقاذ العراق. نعم نرى في هذه المبادرة فرصة مهمة لدعم العراق عربيا ومساندتنا لإنجاح الحوار العراقي الذي بدأ بصورة جدية مع مبادرة مسعود بارزاني، ونتوقع أن تؤدي مبادرة السعودية المساندة الفعلية لتعزيز وتعميق المصالحة الوطنية بين العراقيين.

* هناك تباين في ردود الفعل العراقية تجاه مبادرة السعودية، البعض أشاد بها وثمنها، لكن آخرين قالوا إنها جاءت متأخرة.. كيف تنظرون إلى الأمر؟

- فهمنا لرسالة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أنها تأتى للمساندة، وكما تفضل سمو الأمير سعود الفيصل بأنه ليس هناك تعارض بين تلك الرسالة وما حملتها من حرص على العراق ومستقبله وبين مبادرة الرئيس بارزاني التي تحظى بتأييد الفرقاء العراقيين، وهناك جهود مكثفة من أجل الوصول إلى نتائج ملموسة. ولا شك في أن موقف خادم الحرمين الشريفين وحرصه على العراق سيكون مساندا لإنجاح الحوار بين الفرقاء العراقيين وإنهاء الأزمة الراهنة.. هذا هو السياق الذي نرى فيه مبادرة السعودية. أما في ما يتعلق بالدور العربي المتأخر في العراق فهو نتيجة القلق العراقي العام من غياب الدور وأهمية الحاجة إلى تفاعل عربي جاد مع الوضع في العراق. والعالم العربي يجب أن يعي أيضا تداعيات الوضع العراقي وانعكاساته على مجمل المنطقة، ولذا يجب أن لا يترك العراق لشأنه ولمتغيرات ومعطيات نحن في غنى عنها، وبعيدا عن أي نوع من أنواع الوصاية.

* ماذا تحقق على أرض الواقع خلال المشاورات حول مبادرة بارزاني حتى اللحظة؟

- في تقديري، لن يبقى الوضع في حالة جمود، لأن هناك استحقاقات طلبتها المحكمة الدستورية، ومنها انعقاد البرلمان العراقي بأسرع وقت ممكن. وهناك مشاورات جادة أجراها بارزاني ووفد التحالف الكردستاني مع الفرقاء العراقيين كافة، ووصلنا إلى درجات مهمة من التفاهمات، ولكن ننتظر استكمال ذلك في ضوء استحقاق المحكمة الدستورية وضرورة انعقاد المجلس النيابي الجديد.. وهناك حوارات مهمة ومثمرة بين التحالف الكردستاني والتحالف الوطني بزعامة الأخ المالكي، ووصلنا إلى درجة متقاربة وجيدة حول كثير من القضايا. وهناك تفاهمات جيدة بيننا وبين المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وهي مبنية على مواجهة أخطاء النظام السابق، واللقاء الأخير بين الدكتور إياد علاوي والرئيس بارزاني ووفد العراقية كان أيضا لقاء مهما، وقد شهدنا نوعا من الانفتاح والتقدم في اتجاه إطار الورقة الكردستانية..

وبالتالي، في ظل الاستعدادات التي جرت والاجتماعات التحضيرية بين الفرقاء العراقيين، نأمل أن يكون هناك دعم جاد لإنجاح مبادرة بارزاني وأن ننتهي إلى حل جاد، وإلى تشكيل حكومة شراكة وطنية. إذ لا يمكن للعراق أن يحكم من فريق واحد، إنما يجب أن تضم الحكومة كل المكونات الأساسية وتستند في عملها وقراراتها وأدائها إلى الدستور العراقي.

* مع من سوف تتحالف القائمة الكردستانية؛ إياد علاوي أم نوري المالكي؟

- أولا، نحن لدينا إطار نبني عليه مواقفنا مع اختيارنا للحكومة المقبلة، وهو أن تكون حكومة شراكة وطنية ولن نقبل باستبعاد أي طرف أساسي من أطراف المعادلة السياسية في العراق، ونعمل على ضرورة لم الشمل في حكومة شراكة وطنية، لأننا نرى أن الإقصاء والتهميش لن يؤدي إلا إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار، والعراق ليس في حاجة إلى هذا.

* ألا ترى أن الخلاف يتمحور حول الرئاسات الثلاث، وليس حول الإقصاء أو التهميش؟

- الخلاف حول الرئاسات والتوصل إلى حل بشأنها مهم، لكن الأهم هو برنامج عمل الحكومة وآليات اتخاذ القرار، وأن نأتي برئيس للوزراء أو بأي من المواقع الثلاثة يشرك الجميع في مستقبل البلاد.. لأن الانفراد بالقرار والإقصاء نعتبرهما كارثة. ولذلك نحن نؤكد على منهجية التعاطي مع المشكلة، خاصة أن لدينا مشكلة في مفهوم الحكم: «هل هو حكم شراكة يشترك فيه كل المكونات العراقية الأساسية؟ أم هو حكم لطرف أو اثنين مع إقصاء طرف آخر؟».

بالتالي، فإن وجهة نظرنا تركز على حكومة شراكة وطنية تستند إلى الدستور وتعتمد آليات وضمانات واضحة لمنع التفرد بالسلطة أو بالقرار الأمني والسياسي والاقتصادي، وهذا هو المعيار الذي سنعتمده في دعمنا لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة.

* كل القيادات العراقية تتحدث بالمفاهيم نفسها التي ذكرتها لتشكيل الحكومة، إذن أين تكمن المشكلة؟

- المشكلة في الاختلاف، ربما يكون في الألفاظ والكلمات، لكن في النهاية نحن نتحدث عن مفردات مهمة في آليات القرار والنظام الداخلي لمجلس الوزراء وعن كيفية عدم تكرار بعض الظواهر التي تقلق الأطراف المختلفة في المعادلة السياسية. وهناك استحقاقات دستورية لا بد من تنفيذها.. والذي يحظى بمنصب رئيس الوزراء يجب أن يكون مستعدا للتعامل بجدية مع الاستحقاقات الدستورية المتمثلة في حل المناطق المتنازع عليها وفق الاستحقاق الدستوري في المادة (140)، وحل مشكلة النفط والغاز والموارد، التي لا تعد مشكلة كردية فقط وإنما مشكلة عراقية.. وأيضا حل مشكلة قوات البيشمركة ودمجها ضمن منظومة الدفاع الوطني العراقي وتمويلها وتجهيزها وفقا للاستحقاق الدستوري.. وهناك كثير من المسائل التي تتطلب الوضوح والصراحة بشأنها.

* لماذا تطرح كل هذه القضايا في هذا التوقيت قبيل تشكيل الحكومة؟

- نحن نتحدث عن مرحلة جديدة في الوضع العراقي.. وهناك انسحاب أميركي مقبل، وهناك متغيرات كبيرة في المنطقة، والعراق بحاجة إلى حكومة توافقية منسجمة وتستند إلى مبدأ الشراكة وتعمل على تعزيز وحدة الصف الوطني لمواجهة هذه المتغيرات الإقليمية والتحديات الداخلية التي ليست بالقليلة، وسوف نصل لحلول لكل هذه المشكلات.

* ما مدى تأثير التدخلات الخارجية في عرقلة تشكيل الحكومة العراقية؟

- نحن نقول لجوارنا وللعالم: كان العراق في زمن صدام حسين مصدرا للمشكلات والحروب، التي أدت إلى إهدار موارد المنطقة.. واليوم حدث تغيير كبير في العراق. ودول الجوار لها مصلحة في استقرار العراق والنهوض به.. واستثمار دول الجوار يجب أن يكون في الخيار العراقي الحر البعيد عن الوصاية والتدخل الخارجي.