الحرس الثوري الإيراني يوجه انتقادات غير مسبوقة لأحمدي نجاد

المحافظون والإصلاحيون يتفقون على «تحالف غير مكتوب» ضد سياسته

TT

وجه الحرس الثوري الإيراني، قوة النخبة العسكرية في الجمهورية الإسلامية، انتقادات غير مسبوقة حول صراعه مع مجلس الشورى (البرلمان) ومحاولة حكومته لإضعاف دور المؤسسة التشريعية من خلال الضغط لتمرير تشريعات سعى النواب الإيرانيون لرفضها مثل خطة إلغاء الدعم الحكومي.

ويعتبر الحرس الثوري الإيراني القوة العسكرية التي يتكئ عليها نظام الجمهورية الإسلامية وفي الغالب تعتبر تلك القوة من أشد المؤيدين لسياسات أحمدي نجاد ودعمه في مواجهة الخط الإصلاحي في البلاد.

وكرر مقال كتب بلهجة حادة ونشر في المجلة الشهرية للحرس الثوري انتقادات وجهت لأحمدي نجاد من جانب أطراف أخرى في المؤسسة الإيرانية، مما يظهر أن محاولات رأب الصدع بين صفوف النخبة الحاكمة في الجمهورية الإسلامية ما زالت متعثرة.

ويواجه أحمدي نجاد ومساعدوه المقربون انتقادات من أعضاء البرلمان والنظام القضائي وبعض رجال الدين الأقوياء لقوله إن البرلمان لم يعد في مركز صنع القرار وكذلك ترويجه للقومية «الإيرانية» بدلا من الانتماء «الإسلامي». ويدور جدل دائم في صفوف الإيرانيين حول أيهم الأهم الانتماء للقومية أم للإسلام. وكان رحيم مشائي مساعد أحمدي نجاد قد واجه انتقادات على نطاق واسع لترويجه للقومية ودعوته إلى ما يسمى المدرسة الإيرانية للإسلام، وهو ما يخالف الخط المتشدد. وفي مقال بعنوان «هل البرلمان في مركز صنع القرار أم لا»، تساءلت مجلة «رسالة الثورة» قائلة «هل يبرر الوجود على القمة الاعتقاد بأن أي عمل تقوم به الحكومة صواب بغض النظر عن القانون؟».

وبعد إعادة انتخابه في يونيو (حزيران) 2009 واجه أحمدي نجاد مظاهرات ضخمة من حركة معارضة تقول إن الانتخابات زورت وهو ما ينفيه الرئيس الإيراني. وأصبحت الانقسامات في صفوف المتشددين أكثر وضوحا في الأشهر التي أعقبت إخماد الاحتجاجات.

وللحرس الثوري الإيراني قواته البحرية والجوية وهيكله القيادي الخاص بعيدا عن القوات المسلحة النظامية. ولعب الحرس مع ميليشيا المتطوعين أو «التعبئة» التابعة له (الباسيج) دورا رئيسيا في إخماد الاحتجاجات بعد الانتخابات التي اعتبرت أسوأ اضطرابات منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

ودفعت الخلافات بالمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إلى دعوة جميع أطراف الحكومة لدعم الرئيس ووصف الحكومة بأنها ناجحة للغاية.

وقال خامنئي أثناء زيارة لمدينة قم المقدسة في الآونة الأخيرة إن «الوحدة الوطنية أمر مهم للغاية ويجب تعزيزها مع كل يوم يمر.. ومن أجل ذلك أخاطب المسؤولين والمواطنين». لكن الانتقادات التي وجهتها مجلة «رسالة الثورة» كانت مشابهة لتلك التي وجهها البرلمان والنظام القضائي ورجال الدين.

وقالت المجلة إن «التعامل مع القضايا الهامشية وغير الضرورية من جانب بعض السياسيين أصبح القضية الرئيسية في البلاد»، في إشارة إلى الجدل حول القومية «الإيرانية» التي يقول كثير من رفاق أحمدي نجاد المحافظين إنها تحمل نكهة القومية العلمانية. وأضافت المجلة أن «تبني مثل هذه المواقف ليس له من فائدة سوى خلق الفرقة والانقسام في جبهة الثورة الإسلامية ويلقي ظلالا من الشك على مواقف أساسية».

وكانت أشد الكلمات حدة في المقال تتعلق بتصريحات أحمدي نجاد عن تقليص سلطة البرلمان التي يقول بعض المنتقدين إنها تتناقض مع موقف آية الله روح الله الخميني قائد الثورة الإسلامية، حسبما أوردته وكالة «رويترز».

وقالت المجلة «التفسيرات السطحية لأقوال الإمام الخميني وتحويرها بشكل يخدم مصالح قلة من الناس ولفترة قصيرة خطأ لا يغتفر». وأدى السخط تجاه استخفاف أحمدي نجاد الواضح بالبرلمان إلى تقارب بين معسكري المحافظين والمعتدلين بالمجلس اللذين كانا في السابق متنافسين.

ونقلت صحيفة «شرق» الإصلاحية عن علي مطهري أحد أبرز النواب المحافظين الذي يعتبر من أشد منتقدي أحمدي نجاد قوله أمس لقد «شكلت الشخصيات البارزة من المحافظين والإصلاحيين تحالفا غير مكتوب».

تأتي الضغوط على أحمدي نجاد من داخل معسكر المحافظين الذي ينتمي إليه في الوقت الذي تواجه فيه إيران عقوبات اقتصادية أشد تستهدف كبح برنامجها النووي الذي تخشى بعض الدول من أنه يهدف إلى إنتاج قنبلة نووية وهو ما تنفيه طهران.

كما يهيئ الإيرانيون أنفسهم لآثار خطة اقتصادية أساسية لأحمدي نجاد تقضي بخفض مليارات الدولارات من الدعم للسلع الضرورية مثل الطعام والوقود.

وقال خبراء اقتصاديون خارج إيران إن الرفع المفاجئ لأسعار سلع مهمة مثل البنزين - والمتوقع أن يحدث في الأسابيع المقبلة - يمكن أن يؤدي إلى تجدد الاضطرابات. وحذر سياسيون بالجمهورية الإسلامية من «عصيان اقتصادي» في ظل سعي معارضي النظام لإثارة المشكلات. وقال مير حسين موسوي زعيم المعارضة الذي خسر انتخابات عام 2009 إن زيادة وجود الشرطة في الأيام القليلة الماضية هي محاولة من جانب الحكومة لترويع أي شخص يفكر في الاحتجاج. وقالت الشرطة إنها تقوم بحملة على الجريمة.

وكان مجلس الشورى الإيراني قد وافق على خطة وقف الدعم بعد أن كان قد رفض التصديق عليها مرارا.