حزب الله يعلن رفضه لائحة بأسماء عناصره ترغب المحكمة الدولية في التحقيق معهم

مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط»: مصير ملف «شهود الزور» بانتظار مشاورات الساعات الأخيرة

TT

يتأرجح الوضع اللبناني بين الكثير من السلبية والقليل من الإيجابية، التي يحاول ضخها بعض سفراء الدول العربية سعيا لتبريد الأجواء المحقونة التي تهدد بانفجار الوضع في أي لحظة. وفي وقت يسعى حزب الله وفرقاء المعارضة لمحاولة الفصل بين ملفي «شهود الزور» والمحكمة الدولية، لاعتبارهم أن المحكمة باتت بحكم غير الموجودة، وتشديدهم في الوقت عينه على ضرورة محاكمة «شهود الزور» - تسعى قوى الأكثرية للتعامل مع الملفين بسلة واحدة خاصة، مع إصرار هذه القوى على أن لا صلاحية لطرح الملف الثاني على مجلس الوزراء أو حتى من خلال القضاء اللبناني قبل صدور قرار المحكمة الدولية.

وفي إطار متصل بدعوة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله إلى مقاطعة أعمال المحكمة الدولية، كشف نائبه الشيخ نعيم قاسم أن «الحزب رفض منذ شهر رمضان لائحة تضم عددا من أفراده ترغب المحكمة في التحقيق معهم»، مكررا ما قاله نصر الله عن أن «الرئيس سعد الحريري أبلغه أن الاتجاه الاتهامي هو لأفراد من الحزب». وشدد قاسم على أن «حزب الله غير معني بما يريده فريق التحقيق الدولي، وبما تقوم به المحكمة الدولية الخاصة بلبنان». ونفى قاسم أن «يكون هناك أي لقاء قريب بين الحريري ونصر الله»، قائلا: «لا يوجد الآن شيء يستدعي عقد مثل هذا اللقاء، لكن لا توجد ممانعة فيما لو طلب الطرف الآخر وكان هناك تقدير لفائدة مثل هذا اللقاء»، مؤكدا «أن حزبه لن يطرح أي تعديل أو تغيير حكومي في هذه الفترة».

في هذا الوقت، أعلن مساء أمس تأجيل جلسة مجلس الوزراء التي كان من المقرر انعقادها اليوم، بسبب «تغيير طرأ على جدول مواعيد رئيس الحكومة سعد الحريري في العاصمة البريطانية لندن، مما جعل من المستحيل عليه الوصول في الوقت المحدد لجلسة مجلس الوزراء». ولا يزال ملف «شهود الزور» بندا أول على جدول أعمال الجلسة المقبلة. وتشير المعطيات إلى أنه وحتى الساعة لم يتبلور أي مخرج نهائي يرضي الجميع بانتظار ما سيطرحه رئيس الجمهورية ميشال سليمان على الطاولة الحكومية والذي أحيط بسرية مطلقة. وفي هذا الإطار، قالت وزيرة الدولة منى عفيش لـ«الشرق الأوسط»: «فسحة التفاؤل لا تزال قائمة، ولكن الرئيس لم يضعنا حتى الساعة في أجواء ما يعده من مخارج وطروحات»، مشددة على أن «لا إمكانية للجوء للتصويت في الجلسة المرتقبة»، موضحة أن «الرئيس لم يضع الوزراء المحسوبين عليه في القرار الواجب اتخاذه في حال وجب التصويت، مما يؤكد أن هذا الخيار غير مطروح إطلاقا».

وشددت مصادر وزارية أخرى لـ«الشرق الأوسط» على أن مصير «ملف شهود الزور» بانتظار مشاورات الساعات الأخيرة قائلة: «يخلق الله ما لا تعلمون».

وفي هذا الوقت، برز خيار جديد قد يلجأ إليه وزراء الأكثرية في حال اعتمد التصويت ألا وهو الانسحاب من الجلسة، إذ لفت القيادي في تيار المستقبل، مصطفى علوش، إلى أن «إدارة جلسة مجلس الوزراء تعود للرئيس ميشال سليمان، وكيفية تمكنه من إخراج حل لـملف (شهود الزور)، يجنبنا التصويت»، مؤكدا أنه «في حال حصل التصويت، فكل فريق سيمارس حقه الديمقراطي، وحتى إن الانسحاب من الجلسة يعتبر حقا ديمقراطيا أعطانا إياه الدستور». وأشار علوش إلى أنه «لا أحد يمكنه تأكيد أو نفي ما إذا كان وزراء الأكثرية سينسحبون من الجلسة في حال طرحت مسألة التصويت على ملف (شهود الزور)، لكن ما هو مؤكد هو عدم استقالة الرئيس سعد الحريري».

من جهته، أكد رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات» اللبنانية، سمير جعجع، أن «المشكلة لا تكمن في حيثيات المحكمة الدولية، بل في المحكمة الدولية في حد ذاتها». وردا على سؤال، أوضح أنه «إلى هذه اللحظة، لا وجود لملف (شهود الزور)، وبالتالي لا يمكن تحويله إلى أي مكان، كما أنه لا يمكننا الحديث عن (شهود زور) قبل صدور القرار الظني بالحد الأدنى أو إلى حين صدور الأحكام النهائية، فضلا عن أنه في حال أثبت وجود هؤلاء فالقضاء العادي هو المختص بهذا الملف وليس المجلس العدلي». وعن جلسة مجلس الوزراء، قال جعجع: «في حال أراد هذا الفريق التصويت، فنحن جاهزون ولا مشكلة لدينا، إذ يحق لأي وزير طرح أي موضوع على التصويت». ورأى أن «التداول في ملف (شهود الزور) داخل مجلس الوزراء هو تضييع للوقت، فإما أن تلتزم الحكومة بيانها الوزاري والقرارات الدولية، وأما النكوث في الوعود».

وفي المواقف السياسية، لفت وزير الشؤون الاجتماعية، سليم الصايغ، إلى أن «ملف (شهود الزور) مرتبط بالمحكمة الدولية، وليس هناك حل داخلي في لبنان قبل أن تصل المحكمة الدولية إلى نتيجة وقبل صدور القرار الظني»، مشيرا إلى أن «ملف (شهود الزور) ولد ميتا وهدفه إلهاؤنا عن القضية الأم».

بدوره، اعتبر وزير العمل، بطرس حرب، أن «القول إن من يتعامل مع المحكمة هو ضد المقاومة ليس صحيحا، بل العكس صحيح لأن الحقيقة هي التي يمكن أن تحمي المقاومة»، مؤكدا أن «من يتمسك بالعدالة وصدقية لبنان الدولية ليس عميلا لإسرائيل أو ضد حزب الله».

وأوضح وزير السياحة، فادي عبود، أن «هناك اتجاها لدى كل من الرئيسين سليمان وبري والنائب جنبلاط للذهاب بالأمور نحو التهدئة».

وشدد منسق اللجنة المركزية في حزب الكتائب اللبنانية، النائب سامي الجميل، أن «المحكمة الدولية ستنجز عملها وستصل إلى كشف هوية المجرمين الذين اغتالوا الشهداء وستصدر قراراتها، وسنلتزمها». وأكد أنها خط أحمر بالنسبة إلى الكتائب، واستغرب «كيف أن مواطنا لبنانيا يدعو لبنانيين آخرين ونوابا ووزراء للتمرد على قرارات الدولة الالتزام بالمحكمة عبر شاشات التلفزيون!».