بريطانيا وفرنسا تواجهان الخطط التقشفية.. باتفاقيات عسكرية مشتركة

كاميرون وساركوزي يعلنان عن قوة عسكرية مشتركة من 10 آلاف جندي لنشرها في مهمات قتالية مستقبلية

الرئيس الفرنسي ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني كاميرون خلال التوقيع على الاتفاقية في لندن أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلنت بريطانيا وفرنسا أمس عن توقيع اتفاقيات جريئة لتعزيز تعاونهما العسكري، تسمح بإنشاء وحدات عسكرية مشتركة لنشرها في مهمات قتالية مستقبلية، إضافة إلى تعاون نووي، فيما يعكس سياسات الحكومتين التقشفية، ويكشف مدى تعاظم الثقة للمرة الأولى منذ عقود بين بلدين معروفين بتنافسهما العسكري، وخلافهما العميق حول حرب العراق. وتسمح الاتفاقات التي وقعت بأن يحافظ البلدان على وجودهما العسكري في العالم، واعتماد خطط تقشفية في الوقت نفسه، لتخفيض الدين العام.

واستغل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الذي أعلن عن الاتفاقيات خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في ختام قمة بريطانية – فرنسية عقدت في لندن أمس، حادث المتفجرات التي تم اكتشافها على متن طائرات في بريطانيا ودبي، ليشدد على أهمية التعاون العسكري الفرنسي - البريطاني. وقال: «الأدلة التي تمثلت في الساعات الـ72 الأخيرة، ذكرتنا بأن مجتمعاتنا ودفاعنا لم يكن أبدا أكثر ارتباطا من الآن». وأضاف: «الإرهابيون يعتقدون أن مجتمعاتنا المفتوحة وترابطنا الداخلي، هو مصدر ضعف، ولكنهم مخطئون». ووصف كاميرون فرنسا بأنها «شريك طبيعي»، وقال إن البلدين سيعملان «يدا بيد» في بلدان كثيرة، مثل اليمن الذي أرسلت منه المتفجرات.

وقد جاء إعلان كاميرون أمس حول تشكيل وحدة تدخل عسكري سريع مشتركة مع الفرنسيين، قوامها 10 آلاف جندي، ليثير مخاوف الكثير من حزبه المتشككين أصلا بتحالف أوثق مع أوروبا. ويمكن نشر هذه القوة ضمن قوات الناتو أو الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة أو عمليات ثنائية مشتركة. وأصر رئيس الوزراء البريطاني على أن الاتفاقيات التي تم توقيعها على مدى 50 عاما، ستخلق «قوة ووحدة في محاربة الإرهاب». وذكر بأن «معظم» تدخلات بريطانيا العسكرية طوال الأعوام الثلاثين الماضية، كانت تتم إلى جانب قوات فرنسية، مشيرا إلى التدخل في البوسنة وكوسوفو وأفغانستان. ووصف فرنسا بأنها «شريك عاقل ومنطقي وعملي»، وقال: «اليوم نفتح صفحة جديدة في تاريخ التعاون الطويل بين بريطانيا وفرنسا». وتتضمن الاتفاقيات تعاونا في مجال الطائرات والمعدات الحربية. كما تسمح إحدى الاتفاقيات اعتبارا من عام 2014، بأن يقوم البلدان بتجربة تشغيل ترسانة نووية مشتركة تقع في منطقة بورغوني في فرنسا، على أن يتم بالموازاة فتح مركز أبحاث أمام اختصاصيي البلدين في جنوب شرقي بريطانيا.

وحاول كاميرون أن يطمئن أيضا المشككين في حزبه بأن هذه الاتفاقيات ستؤثر على استقلالية بريطانيا، وقال: «هذا ليس جيشا أوروبيا، وهذا ليس تقاسما لنظامي الردع النووي، بريطانيا وفرنسا سيبقيان دائما بلدين مستقلين قادرين على نشر قوات بشكل مستقل عن الآخر إذا صب الأمر في مصلحتنا الوطنية، عندما نقرر ذلك». وحاول ساركوزي من جهته طمأنة بريطانيا وتأكيد التزام فرنسا بالاتفاقيات العسكرية، وقال ردا على سؤال حول احتمال تورط أحد البلدين في حرب من دون الآخر: «إذا كنت أنت، يا صديقي البريطاني، عليك أن تواجه أزمة كبيرة، هل يمكنك أن تتخيل ألا تتدخل فرنسا، وتقف ببساطة مكتوفة اليدين تقول إن هذا ليس من شأننا؟»، وأضاف: «معا سوف ندافع عن قيمنا بشكل أفضل».

أبرز ما تضمنته اتفاقية الدفاع بين فرنسا وبريطانيا

* تناولت الاتفاقية التي وقعت في لندن بين رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، أوجها كثيرة من التعاون في مجال الدفاع، وهنا أبرزها:

* تقوم بريطانيا وفرنسا بإنشاء «قوة تدخل مشتركة بين الجيشين» قوامها بضعة آلاف جندي. وسيباشر البلدان «إقامة تمارين جوية وبرية مشتركة عام 2011» على أن تصبح هذه القوة «عملانية بشكل كامل خلال السنوات التي تلي». والقوة الجديدة ستنشر للمشاركة في عمليات محددة داخل إطار الحلف الأطلسي أو الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.

* تقيم فرنسا وبريطانيا «تعاونا غير مسبوق في إطار منشأة مشتركة تقام بفالدوك (منطقة البورغونيي الفرنسية)، حيث سيتم التحقق من قدرات رؤوسنا النووية ومعداتنا المشتركة». ومركز المحاكاة الجديد هذا سيتم بناؤه على موقع قائم أصلا وتابع لمفوضية الطاقة الذرية، على أن يبدأ العمل عام 2014 ليصبح عملانيا بشكل كامل عام 2022، حسب الرئاسة الفرنسية. كما سيقام مركز تطوير تكنولوجي مشترك بالدرماستون في بريطانيا «لدعم هذا المشروع».

* قررت باريس ولندن ابتداء من عام 2020 أن تتشاركا في استخدام حاملتي طائراتيهما للسماح لطائرات كل بلد بالعمل انطلاقا من حاملة طائرات البلد الآخر. كما من المفترض أن يتمتع البلدان «من الآن وحتى مطلع العقد الثاني من الألفية الثالثة بالقدرة على نشر قوة جوية بحرية هجومية فرنسية ــ بريطانية».

* وبشكل أوسع، فإن البلدين سيعملان على تقريب صناعتيهما الدفاعية في مجال الغواصات والطائرات من دون طيار والصواريخ بهدف تقاسم نفقات التطوير. وفي مجال الغواصات، تنوي الدولتان العمل معا لتطوير، ابتداء من عام 2011، «معدات وتكنولوجيات للجيل المقبل من الغواصات النووية». كما سيعمل البلدان أيضا منذ مطلع العام المقبل على إعداد الجيل الجديد من طائرات المراقبة من دون طيار التي تحلق «على ارتفاعات متوسطة». على مستوى الصواريخ، فإن فرنسا وبريطانيا ستكشفان الثلاثاء عن «خطة استراتيجية عشرية، وستعملان على التوصل إلى نموذج أوروبي موحد» للصواريخ، مما سيتيح توفيرا «يمكن أن يصل إلى 30%».

* يقوم البلدان عام 2011 بالتوقيع على عقد صيانة موحد لأسطوليهما من طائرات النقل العسكرية من نوع «آي 400 إم»، وسيعملان على تدريب الطيارين معا.