اليمن تتهم العولقي رسميا بعد عام على توجيه أصابع الاتهام إليه من قبل واشنطن

اتهم بـ«الانتماء لتنظيم القاعدة» و«التحريض على قتل الأجانب»

جنود يمنيون يحرسون مبنى محكمة أمن الدولة في صنعاء حيث جرت جلسة محاكمة لمحمد عاصم وأنور العولقي أمس (إ.ب.أ)
TT

أصبح الداعية المتشدد أنور العولقي، الأميركي الجنسية من أصل يمني، متهما في اليمن وفارا من وجه العدالة، بعد أن بدأت، أمس، محكمة يمنية محاكمته بتهمتي «الانتماء لتنظيم القاعدة» و«التحريض على قتل الأجانب»، وذلك بعد أقل من عام على توجيه أصابع الاتهام إليه من قبل الولايات المتحدة الأميركية بالتورط في التحريض على هجمات إرهابية ضد الأميركيين، قبل أن يصبح مطلوبا حيا أو ميتا لواشنطن.

وعقدت محكمة أمن الدولة والإرهاب الجزائية المتخصصة أولى جلساتها، أمس، لمحاكمة 3 أشخاص بتهمة الاشتراك في عصابة مسلحة لاستهداف المواطنين الأجانب المقيمين في اليمن، وذلك على خلفية مقتل مدير شركة «أو إم في» النفطية النمساوية، الفرنسي جاكوز هنري أسبا نولا، وإصابة مواطن بريطاني آخر في الشركة نفسها، ويتهم في القضية منفذ الهجوم هشام محمد عاصم، 19 عاما، الذي كان يعمل حارسا أمنيا في الشركة النفطية، إضافة إلى أنور ناصر عبد الله سالم العولقي وابن عمه عثمان محمد عبد الله العولقي.

وتتهم النيابة عاصم بالقيام، عمدا وعدوانا، بقتل المجني عليه أثناء دخوله مقر عمله بالشركة، إذ استغل المتهم مناوبته كحارس أمن في بوابة مدخل الشركة وجهز سلاحه الناري (بندقية آلية كلاشنيكوف) وصوبه باتجاه المجني عليه، وأطلق نحوه عدة أعيرة نارية وبأماكن متفرقة، قاصدا من ذلك قتله، وما إن تأكد له مقتله اتجه نحو الدور الثاني الموجود به المجني عليه غوردن هول (بريطاني الجنسية) وأطلق نحوه عدة أعيرة نارية قاصدا من ذلك قتله، إلا أنه خاب أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه، وهو تدارك المجني عليه بالمجارحة والعلاج اللازم من جراء ما أصيب به.

وجاء في قرار الاتهام بشأن العولقي وابن عمه واللذين اعتبرا فارين من وجه العدالة، أنهما «اشتركا بطريق الاتفاق والتحريض مع المتهم الأول على قتل هنري أسبا نولا، وآخرين، ووقعت جريمة القتل بناء على ذلك التحريض»، وقال رئيس نيابة أمن الدولة والإرهاب، علي الصامت، أمام المحكمة: إن أنور العولقي «الذي كان بالأمس في بارات ومراقص أميركا وأصبح اليوم يفتي بسفك دماء الأجانب ورجال الأمن وصاحب مصانع الموت، اختارته قيادة عصابة تنظيم القاعدة، ليكون المسؤول الأول عن الكثير من المخططات الإجرامية في اليمن لما لمسوه فيه وتأكدوا من أن شخصيته نزاعة للشر، ميالة إلى استباحة دماء الناس، لا تأبه أي وازع من ضمير أو دين أو قانون»، وأضاف رئيس الادعاء أن «المتهم الأول عاصم كان يتواصل مع أنور العولقي عن طريق الإنترنت عبر إيميل (هوتميل) خاص بعثمان العولقي الذي كان مستأجرا في منزل والد عاصم»، وأن المتهم الأول طلب من أنور العولقي السفر للخارج لقتال الأجانب، لكن أنور عندما علم بأن عاصم يعمل في الشركة النمساوية حرضه، أكثر من مرة، على قتل العاملين الأجانب بالشركة, وأن «المتهم عاصم قبل قتله الفرنسي كان يستعرض عبر تليفونه الجوال مقاطع لأحداث 11 سبتمبر (أيلول) التي وقعت في الولايات المتحدة»، حسبما نقل موقع وزارة الدفاع اليمنية عن الصامت، هذا وطالب الادعاء العام اليمني هيئة المحكمة بإنزال «أقصى العقوبة المقررة شرعا وقانونا»، بحق المتهمين.

على صعيد متصل، أصدرت محكمة أمن الدولة والإرهاب بمحافظة حضرموت، أمس، أحكاما بالسجن 4 سنوات بحق 16 متهما بالانتماء لتنظيم القاعدة، وذلك بعد إدانتهم بـ«الاشتراك في اتفاق جنائي لتشكيل عصابة مسلحة ومنظمة للقيام بأعمال إرهابية وإجرامية تنفيذا لمخطط إجرامي جماعي، وأعدوا لذلك الغرض الوسائل اللازمة من التجهيز والتنسيق واستخراج جوازات سفر للالتحاق بما يسمى تنظيم القاعدة في العراق».

ونص منطوق الحكم على إدانة المتهمين: أحمد أبو بكر محمد البيتي، أحمد عمر بحمد باسلوم، جاسم عوض مبارك بارفعة، حسن صالح حسين المكثري، هشام عبد الرحيم عمر باوزير، خالد سالم أحمد بن عجاج، رشاد عمر سعيد مرعي، سالم سعيد سالم الخنبشي, سالم علي أبو بكر العطاس، عبد الله أبو بكر محمد باوزير، عبد الرحمن محمد محروس بارشيد، محمد سعيد عبد اللطيف بوعيران، محمد صالح أحمد المضي، محمد عبد الله حسن الشامي، غالب أحمد عوض باقعيطي وياسر سالم صالح باحويج، بالسجن، وكذا إلزامهم، «بعد تنفيذ العقوبة، بتقديم تعهد منهم ومن ذويهم بعدم الإخلال بالأمن والالتزام بحسن السيرة والسلوك، مصحوبا بكفالة».

إلى ذلك، التقى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، أمس في صنعاء، لجنة العلماء المرجعية لتقديم النصيحة والمشورة، برئاسة الشيخ عبد المجيد الزنداني، رئيس جامعة الإيمان والمطلوب أميركيا بتهم تمويل الإرهاب، حيث قدم العلماء للرئيس «النصح والمشورة، فيما يتعلق بالتطورات الراهنة داخليا وخارجيا، وما يتصل بتلك الاحتقانات التي يفتعلها البعض وأهمية توحيد الصف وتضافر الجهود لمواجهة التحديات التي يتعرض لها الوطن»، ونقلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عن الرئيس صالح تأكيده على دور العلماء، وما يمكن أن يضطلعوا به «في تبصير الناس بأمور دينهم ودنياهم وتوعية الشباب وإرشادهم بالابتعاد عن التطرف والغلو وعدم الانجرار وراء العناصر المتطرفة والإرهابية»، وتطرق صالح إلى «ما لحق باليمن من ضرر كبير، نتيجة الأعمال الإرهابية التي ترتكبها عناصر إرهابية في تنظيم القاعدة، سواء على صعيد الاقتصاد والسياحة أو الاستثمار أو على صعيد سمعة اليمن ومصالحها مع الآخرين»، داعيا إياهم إلى تحصين الشباب من «الوقوع في فخ الإرهاب والتطرف وفي مواجهة الأفكار الضالة التي تشوه حقيقة الدين الإسلامي الحنيف وتعاليمه السمحاء التي تدعو إلى الاعتدال والتسامح وإلى التآلف والإخاء والتعايش السلمي بين الناس وتنبذ العنف»، وأشار إلى أن «العناصر الإرهابية الضالة لا تفقه من حقائق الدين شيئا».

على صعيد تطورات الأوضاع المتعلقة بأزمة الطرود المفخخة التي أرسلت من اليمن، قبل أيام، وما تلتها من ردود فعل دولية، منها منع الطيران اليمني من الوصول إلى ألمانيا، فقد أعرب مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية عن أسفه واستغرابه لقرار الحكومة الألمانية التي وصفها المصدر بأنها تربطها باليمن «علاقة صداقة وتعاون متطورة»، وقال المصدر اليمني الذي لم يكشف عن هويته، إن مثل هذا القرار وغيره، من «ردود الفعل المتسرعة والمبالغ فيها على موضوع الطردين المشبوهين»، وإنها «تضر بجهود اليمن في مجال مكافحة الإرهاب ولا تخدم سوى الإرهابيين في تنظيم القاعدة الذين ظلوا يسعون لتحقيق مثل هذه النتائج للإضرار بمصالح اليمن وسمعته وعلاقته مع أصدقائه وشركائه الإقليميين والدوليين».

وأكد المصدر اليمني في بلاغ صحافي، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أنه «كان المفروض أن يقف شركاء اليمن وأصدقاؤه إلى جانب اليمن والعمل على تعزيز جهوده من أجل إلحاق الهزيمة بالإرهاب»، وذلك بدلا من «اتخاذ مثل هذه القرارات»، التي قال المصدر إنه لا تفسير لها إلا «بكونها عقابا جماعيا وغير منطقي لليمن ولشعبه»، مشيرا إلى أن اليمن من أكثر الدول التي «عانت من الإرهاب سواء الذي ترتكبه عناصر يمنية أو وافدة، والتي ألحقت أضرارا بالغة بمصالح اليمن والاقتصاد والسياحة والاستثمار فيه»، وإلى أن بلده سيظل «ملتزما بتعاونه مع المجتمع الدولي، من أجل مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه وهو في حاجة لوقوف كل أصدقائه إلى جانبه في هذا المجال، لأن الإرهاب آفة خطيرة تهدد أمن وسلامة الجميع».