مسؤول بريطاني لـالشرق الأوسط»: لا خطط في الوقت الحالي لنشر قوات بريطانية في اليمن

مصادر أميركية: «تدخل عسكري من نوع ما» مع سيطرة الجمهوريين على الكونغرس * إدارة أوباما تدرس احتمال أن يكون «خفيا» اعتمادا على طائرات من دون طيار

الدخان يتصاعد من أنبوب النفط بعد تفجيرات في محافظة شبوة جنوب اليمن أمس (رويترز)
TT

نفى مسؤول في الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» وجود أي خطط في الوقت الحالي لنشر جنود بريطانيين في اليمن، وذلك تعليقا على تصريحات لرئيس الأركان البريطاني الجنرال ديفيد ريتشاردز قال فيها: إن تدخلا عسكريا بريطانيا على طريقة أفغانستان قد يكون محتملا. ولكن ريتشاردز عاد وأضاف في تصريح لـ«بي بي سي» أول من أمس، أن ذلك ليس بالوارد في الوقت الحالي وأن الحكومة اليمنية لا تريد تدخلا عسكريا أجنبيا. ورفض ناطق باسم وزارة الدفاع في اتصال مع «الشرق الأوسط» تفسير تصريحات ريتشاردز على أنها تعني وجود تغيير في السياسة البريطانية المعتمدة تجاه اليمن.

وقال المسؤول البريطاني: إن «استراتيجيتنا الحالية تركز على تقوية الحكومة اليمنية لكي تواجه هذه التحديات بشكل مباشر، ولهذا هناك دعم بريطاني على شكل تدريب القوات ومساعدة قوات الشرطة في محاربة الإرهاب والقرصنة، ولكن ليست هناك بالطبع أي خطط أو نية لإرسال قوات بريطانية لليمن للقتال». وأضاف: «التكهن بتدخل عسكري محتمل لا يعكس بصورة عادلة توجهات السياسة البريطانية».

وردا على سؤال حول إدخال تعديلات على السياسة البريطانية تجاه اليمن بعد حادث المتفجرات التي اكتشفت قبل أيام، قال المسؤول البريطاني: «كنا نعلم في السابق بوجود تهديد إرهابي قادم من اليمن، ولذلك كان هذا منذ مدة عنصرا في استراتيجيتنا تجاه اليمن، ولكن أيضا من المهم أن نعترف بأن الإرهاب أحد عوارض مشكلة أعمق تواجه اليمن، مثل الفساد وقلة الموارد وغياب الخدمات العامة والصراعات الداخلية في الجنوب والشمال...». وأضاف: «هناك تحديات كثيرة تواجه اليمن في الوقت الحالي، وإحدى خطط (القاعدة) هي أن تستغل هذه الأزمات، لذلك أحد أقوى الأسلحة ضد (القاعدة) هو مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وتقوية الحكومة اليمنية لكي تتمكن من القيام بدورها بفعالية أكثر، تجاه المجتمع اليمني بما يصب في المصلحة الدولية».

من ناحية اخرى قال أمس تلفزيون «فوكس»: إن تدخلا عسكريا أميركيا في اليمن «من نوع ما» سيحدث إذا سيطر الحزب الجمهوري على الكونغرس بعد الانتخابات التي ستعلن نتائجها اليوم الأربعاء، كما هو متوقع. وقال «فوكس»: إن التدخل العسكري لن يكون مباشرا؛ وذلك بسبب تحفظات من جنرالات البنتاغون، وبسبب وجود قوات أميركية كثيرة في العراق وأفغانستان.

كانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قد قالت أول من أمس: إن إدارة الرئيس باراك أوباما تدرس احتمال أن يكون التدخل العسكري «خفيا، ويمكن إنكار الدور الأميركي فيه». وذلك بأن تتولى وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» مطاردة الإرهابيين في اليمن اعتمادا على طائرات من دون طيار «درون». وأيضا على القوات الخاصة «الرائدة التي تقدر على اصطياد الإرهابيين».

وقالت الصحيفة: «في هذه الحالة، سيكون لدى الولايات المتحدة هامش أكبر للمناورة لضرب عناصر (القاعدة) دون الحصول على ضوء أخضر من الحكومة اليمنية».

وأمس، كتبت مجلة «ناشيونال ريفيو» اليمينية تحت عنوان «مزيد من الصواريخ وقليل من القضايا»، إشارة إلى قضية رفعها الاتحاد الأميركي للحقوق المدنية «إيه سى إل يو» بالنيابة عن والد أنور العولقي، الأميركي اليمني، الذي نقلت الأخبار أن «سي آي إيه» تستهدفه للقضاء عليه.

وانتقدت المجلة طلب الاتحاد اعتقال العولقي ومحاكمته أمام محكمة أميركية، وقالت: «جلب الإرهابيين إلى العدالة يأتي بنتائج عكسية. قد يمكن التقاط بعض الإرهابيين في ظل الظروف المحلية، إذا كانوا جزءا من مؤامرات جهادية ومقرها الولايات المتحدة. تمكن محاكمتهم من دون الكشف عن معلومات استخباراتية. ولكن، عندما يتعلق الأمر بالشبكة الإرهابية العالمية التي لا تزال الأمة في حالة حرب معها، وفقا للتفويض من الكونغرس باستخدام القوة العسكرية، لا بد من استخدام القوة العسكرية».

وانتقدت المجلة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، في محاربة الإرهاب في بلده، وقالت: يجب ألا تنتظر الحكومة الأميركية منه «القضاء على الإرهابيين، مثل معظم (حلفائنا) في ذلك الجزء من العالم. في اليمن سكان يزيدون في عداء الولايات المتحدة، والرئيس صالح يمشي على حبل مشدود بين فقدان المساعدات الأميركية السخية والإطاحة به؛ لأنه يتعاون كثيرا مع الأميركيين». ودعت المجلة المحافظة أوباما إلى ألا يستعمل، في حالة اليمن، سياسته في باكستان، بالاعتماد على حكومة باكستان لمقاومة الإرهابيين، وأن «يضرب الإرهابيين في أي بلد مسلم، حتى إذا كانت علاقته معنا سلمية».

وأشار مراقبون في واشنطن إلى انتقادات كان قد وجهها السيناتور الجمهوري جون ماكين للرئيس أوباما بأنه «يهتم بالمحافظة على سيادة الدول الأخرى». وكان ماكين يدعو إلى مزيد من التدخل الأميركي في باكستان التي وصفها في سخرية بأنها «حليف رائع، يصرف الأموال الأميركية ويتعاون مع طالبان».

ونقل تلفزيون «سي إن إن» أن إدارة الرئيس أوباما تعقد سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى للنظر في كيفية التعامل مع الوضع في اليمن، وأن المناقشات «تتناول مجموعة متنوعة من القضايا وحجم ووتيرة المساعدات لليمن»، وأن وزارتي الخارجية والأمن الداخلي تعملان لوضع برنامج جديد لتدريب وتجهيز ومساعدة اليمن لتأمين النقل الجوي والبحري بطريقة أكثر فعالية.

وقالت «سي إن إن»: «إن قلق إدارة واشنطن يتزايد من وجود ثغرات في النظام (في اليمن) قد تعرض أمن البلاد للخطر، بسبب الفساد وعدم امتلاك الحكومة اليمنية القدرات اللازمة»، وإن هناك مناقشات حيوية داخل الإدارة للموازنة الصحيحة بين المساعدات العسكرية والتنموية لليمن خلال جهوده لمكافحة الإرهاب على نطاق واسع. ونقلت «سي إن إن» على لسان مسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية خوفهم من أن زيادة حجم المساعدات العسكرية قد تكون لها نتائج عكسية، ومن أن «يستخدم الرئيس اليمني صالح تلك الأسلحة الأميركية ضد خصومه السياسيين، مما سيزيد من زعزعة استقرار البلاد»، وأن هناك «مخاوف أميركية من عدم وجود الإرادة السياسية للرئيس اليمني لشن هجوم واسع النطاق ضد الحركة».

وأضافت: «يواجه المسؤولون الأميركيون العديد من التحديات لتقديم مساعدات لليمن. منها: الفساد، وافتقار الشفافية، وضعف قدرات حكومة صالح، الذي تعتبر بلاده من أفقر الدول العربية وتواجه تمردا من انفصاليين في الجنوب وشمال غربي البلاد».

وحذروا من أنه ما لم تساعد الولايات المتحدة في تنمية اليمن، فإن البلد «عرضة للتحول إلى دولة فاشلة، ما سيسمح لتنظيم القاعدة بالعمل بحرية تامة هناك».

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن الولايات المتحدة كانت قد زادت مساعداتها لليمن خلال السنوات القليلة الماضية. وقدمت هذا العام 67.5 مليون دولار في شكل مساعدات، مقارنة بـ17.2 مليون دولار عام 2008. والآن، طلب الرئيس أوباما نحو 106.6 مليون دولار كمساعدات أساسية للعام المالي 2011.

وأشار المراقبون إلى أن القيادة المركزية الأميركية كانت قد حذرت في وقت سابق من انهيار قوات الأمن والجيش اليمنيين. وشككت في قدرتهما على إدارة الحرب على الجبهتين الشمالية، حيث المعارك المتقطعة مع أنصار عبد الملك الحوثي، والجنوبية في مواجهة حركات تمرد وتنظيم القاعدة.

كان قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال جيمس ماتيس، قد قدم صورة قاتمة للوضع في اليمن خلال استجواب أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي. وأشار إلى «دلائل توضح تراجع قدرة الرئيس اليمني على ضبط الوضع»، وأنه «كان قد أدار التهديدات ضد نظامه عن طريق المفاوضات وبمساومات مع خصومه». ودعا ماتيس إلى تقديم مساعدات عسكرية أميركية إضافية. وشدد على أن مثل هذه المساعدات يجب أن تكون مصحوبة بمساعدة مدنية لتحسين الخدمات الحكومية في اليمن. وقال: «ينبغي علينا أن نعمل مع اليمن، ليس فقط في بناء القدرات العسكرية والاستخباراتية، ولكن يجب علينا أيضا أن نشجع، حيثما كان ذلك ممكنا، برامج تنموية، والمساعدة الإنسانية والفنية».

وأضاف: «لا بد من التزام أميركي طويل الأمد تجاه اليمن وشعبه، خاصة الأنشطة التي تساعد اليمن في توفير الحكم الرشيد، والخدمات لشعبه، ما سيكون أكثر فعالية في تعزيز قدرة الحكومة، وزيادة الاستقرار، وحرمان المتطرفين من ملاذ آمن».