حاكم هلمند: المستعدون للمصالحة مرحب بهم.. والذين يريدون القتال سنقاتلهم

الميجور جنرال ماسنجير لـ«الشرق الأوسط»: أمثال منغل أساسيون لبناء الدولة في أفغانستان

TT

يعلم حاكم ولاية هلمند الأفغانية غولابدين منغل، أن الصيت الشائع لولايته أنها غير آمنة، وأنها أكبر منتج للأفيون في العالم. ولكنه لا يحب هذا الصيت. ويأسف لأن التقدم الذي شهدته الولاية منذ أن تسلم مهامه فيها قبل أكثر من عامين، لا يصل إلى صفحات الجرائد أو شاشات التلفزيون.

ويعتبر منغل من الزعماء الأفغان الذين يحظون بثقة كبيرة لدى القوات الدولية التي تعمل على تطبيق خطط لتمكين القوات الأفغانية ومكافحة الفساد، ودمج المقاتلين السابقين من طالبان في المجتمع.. باختصار، من الرجال الذين يثق بهم المجتمع الدولي لإعادة بناء الدولة.

ويحظى منغل الموجود في لندن حاليا في زيارة تستمر بضعة أيام، بدعم كبير من البريطانيين خاصة، علما بأن هلمند واقعة تحت سيطرة القوات البريطانية. وتقع مهمات تدريب القوات الأفغانية هناك وتمكين قطاعات الدولة، على عاتق البريطانيين. ويصف المايجور جنرال غوردن ماسنجير، الذي تسلم قيادة القوات البريطانية في هلمند في السابق، منغل بأنه من «الشخصيات الأفغانية المؤثرة جدا». وقال ماسنجير لـ«الشرق الأوسط»، إن منغل «يتمتع بأخلاق عالية جدا، وهو والمجموعة التي تعمل معه، يعتبرون من الشخصيات المميزة ويرفضون الفساد بشكل قاطع ولا يأبهون بملء جيوبهم... وهو ومحيطه يقومون بعمل يثير الإعجاب عن حق».

وبدا منغل الذي التقى مجموعة من الصحافيين في وزارة الخارجية البريطانية أمس، في لقاء شارك فيه الميجور جنرال ماسنجير، فخورا بتعداد التقدم الذي تحقق في الولاية منذ عامين ونصف العام عندما تسلم مهامه. وعدد مثلا انخفاض زراعة المخدرات إلى النصف، وارتفاع نسبة التعليم. وتحدث بإيجابية كبيرة عن نجاح خطط إعادة دمج مقاتلين سابقين في طالبان، في المجتمع. وعبر عن تفاؤله بمحاولات الحكومة بدء حوار مع طالبان للتوصل لاتفاق سلام، وقال: «لا شيء مستحيل». ولكنه شدد على ضرورة استمرار الضغط العسكري، إلى جانب عملية السلام مع قادة طالبان التي بدأتها حكومة كرزاي قبل أشهر. وأضاف: «الذين هم مستعدون للمصالحة، مرحب بهم، والذين يريدون القتال، سنقاتلهم».

وعلى الرغم من استياء الكثير من الأفغان من القوات الدولية بسبب استهدافهم للمدنيين خلال القتال مع طالبان، فإن منغل اتهم عناصر طالبان بالاختباء بين المدنيين والتسبب في مقتلهم. وقال: «عندما تقاتل في مناطق المدنيين، فمن المستحيل تفادي وقوع قتلى مدنيين. المقاتلون يلجأون لمناطق المدنيين للقتال، وهذا يتسبب في رفع أعداد القتلى منهم». ولكنه أضاف: «قتل المدنيين تحت أي ظرف أمر مرفوض كليا، ولكن أحيانا هو أمر مستحيل».

ويعتبر المايجور جنرال الذي يعرف منغل جيدا، وعمل معه عن كثب خلال خدمته في أفغانستان، أن وجود أمثال حاكم هلمند، ضرورة لتحقيق التقدم في أفغانستان. وقال: «إذا لم تكن هناك حكومات لديها مصداقية أمام شعبها، والإرادة على القيام بعملها بصدق، فإنها لن تنجح، لذلك أعتقد أنه أمر أساسي أن يكون لدينا أشخاص مثله في المناصب العامة في أفغانستان».

وأكد ماسنجير أنه يوجد أشخاص بكفاءة وأخلاق منغل على الصعيد الوطني «أكثر مما نتخيل». وقال: «هذا هو التحدي الحقيقي. الكل لديه رأيه بالرئيس كرزاي... ولكن أعرف أن لديه أشخاصا مقتدرين جدا في المناطق. وفي كابل، هناك أيضا أعداد متزايدة من الأشخاص الذين يقومون بالأمر الصحيح للأسباب الصحيحة». ولكنه أضاف أن «هناك البعض ممن هم في مناصب لأنهم قادة قبائل أو سماسرة سلطة... غالبا يقومون بالأمور حسب أجندتهم الخاصة».

وأثنى ماسنجير على جهود منغل وفريقه في عملية إعادة دمج المقاتلين في المجتمع، وقال إنها تنجح وإنها «ظاهرة تكبر وأن الأمر بات يحصل بوتيرة متسارعة، مع زيادة الفرص الاقتصادية وتوسيع دائرة المنطقة الأمنية».

وحرص منغل على طمأنة البريطانيين أمس إلى أن تضحيات جنودهم لم تذهب سدى. وقال: «أنا كأب أفهم كم أنه صعب أن يتلقى أب أو أم خبرا أن ابنهما تأذى في المعارك، ولكننا ربحنا الكثير من الذين خسرناهم وعلينا أن نتذكر أن الأمن في أفغانستان من أمن الغرب».

ولكن حاكم هلمند يعترف بأنه من المبكر بعد أن يتسلم الأفغان مهام إدارة الولاية التي تقع على الحدود مع باكستان، وتشهد معارك شرسة بين قوات إيساف وطالبان. إلا أنه مليء بالأمل بأن مهلة السنة التي وضعتها القوات البريطانية لتسليم بعض مناطق الولاية، ستكون كافية.