المدارس الأهلية في العراق «خمس نجوم».. وبعض الحكومية تفتقر إلى أبسط الخدمات

أولياء الأمور حتى من ذوي الدخل المحدود اختاروا التعليم الخاص لأطفالهم

TT

اعتاد علي الكناني، الموظف البسيط الذي يعيش في منطقة شعبية وسط العاصمة العراقية، بغداد، أن يأخذ هو أو زوجته يوميا عددا من قناني الماء ومكعبات ثلج ليضعاها في حاوية ماء تبرعا لإدارة المدرسة التي ينتظم فيها أولاده ليروي بها عطش العشرات من الطلبة. فالمدرسة تفتقر إلى أبسط الخدمات، ومنها توفير ماء الشرب أو الماء في المرافق الصحية.

ويقول الكناني لـ«الشرق الأوسط» إنه رغم دخله المحدود قرر أن يدخل أبناءه مدرسة أهلية يصفها بأنها «مدرسة خمس نجوم» ستوفر لهم أفضل المدرسين وأفضل الخدمات.

وقد انتشرت في الآونة الأخيرة المدارس الأهلية في بغداد وبعض المحافظات وحسب المناطق التي يتمتع الساكنون فيها بمستوى مادي عال جدا. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، هناك 3 آلاف مدرسة حكومية في عموم العراق، و30 مدرسة خاصة أخرى فتحت بموافقة الحكومة وتتصاعد أعدادها تدريجيا.

ويؤكد أحمد عودة، المشرف الاختصاصي في وزارة التربية، أن وزارته سمحت بفتح مدارس أهلية، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الإمكانيات المادية لمن يروم فتح مدرسة أهلية عالية جدا وهو بإمكانياته التي يؤهل بها المدرسة يستطيع أن يوفر كل الخدمات والمدرسين وعلى أعلى المستويات، مضيفا أن مدارس المتميزين في بغداد وعددها 12 مدرسة وأخرى في المحافظات تقترب من المدارس الأهلية من حيث توفر المستلزمات والكتب والأمور الأخرى. لكنه لفت إلى أن هناك في المحافظات نحو ألف مدرسة مشيدة من الطين وهناك مدارس أخرى كثيرة في بغداد والمحافظات تحتاج إلى الترميم والاهتمام.

وتشير أم نسيم، وهي أم لأربعة أولاد، إلى أن جميع أولادها في المدارس الحكومية، وكانت قد أدخلت أحدهم إحدى المدارس الخاصة لتميزه، لكنها سرعان ما أخرجته منها بعد أن توفى زوجها إثر حادث مروري. وتقول إنها لم تستطع دفع تكاليف المدرسة، وهي الآن تتمنى أن تحسن من أوضاعها المادية لتدخل جميع أبنائها في المدارس الخاصة لأنها وجدت أن التعليم فيها مختلف، مشيرة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أسلوب التعليم والخدمة والنظافة وتعليم اللغات تفتقر إليها المدارس الحكومية، وإن وجدت مادة اللغة الإنجليزية والفرنسية والروسية، لكن أسلوب التعليم يختلف تماما.

ودفعت الأوضاع التي تعاني منها المدارس الحكومية بسبب العدد الكبير للتلاميذ ونقص التمويل، كما هو حال مدرسة «المأمونية»، الكثير من عائلات التلاميذ إلى إرسال أبنائهم إلى المدارس الخاصة مثل «المودة» التي تنتشر اليوم في بغداد ومناطق أخرى من البلاد. وكان العراق استطاع خلال الأعوام التي سبقت فرض الحصار بعد اجتياح الكويت في 1990 تقديم جيل متفوق من المهندسين والأطباء يعد الأكثر تأهيلا في الشرق الأوسط. ففي عهد النظام السابق كان التعليم إلزاميا لجميع العراقيين، بغض النظر عن العمر، وجميع المدارس تدار من قبل الحكومة. إلا أن تقريرا حديثا للأمم المتحدة يشير إلى أن واحدا من كل 5 عراقيين بعمر 15 عاما لا يستطيع القراءة والكتابة اليوم. ويشير تقرير بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في أبريل (نيسان) الماضي إلى أن «العراقيين يرون أن التعليم تدهور في بلدهم خلال السنوات القليلة الماضية». وكان التعليم أحد أهم الأهداف الرئيسية للمتمردين الذين قاتلوا القوات الأميركية والحكومة العراقية.

وبرر فلاح القيسي، أحد المسؤولين رفيعي المستوى في لجنة التعليم داخل مجلس محافظة بغداد، توجه أولياء الأمور إلى تسجيل أطفالهم في مدارس خاصة بقوله إن العدد الكبير من الطلاب مقارنة مع عدد المدارس الحكومية فضلا عن ضعف المناهج التعليمية «يشكل مشكلة أمامنا». وأضاف أن «عدد الطلاب في بعض المدارس يصل إلى سبعين طالبا في الصف الواحد، بينما لا يزيد عددهم عن 25 في المدارس الخاصة».