وفاة تشيرنوميردين رئيس «حكومة يلتسين» عن 73 عاما

جمع بين الإصلاح القادر على التغيير والمحافظ دون المساس بالثوابت

TT

جاء الإعلان عن وفاة فيكتور تشيرنوميردين رئيس الحكومة الروسية، خلال الفترة 1992 – 1998، عن عمر يناهز 73 عاما، إثر إصابته بأزمة قلبية مفاجئة، صدمة للكثيرين من محبيه وخصومه في آن واحد. وكان تشيرنوميردين قد شغل بعد إقالته من منصبه كرئيس للحكومة منصب سفير موسكو لدى أوكرانيا إبان سنوات الثورة البرتقالية، وحتى عام 2008، مما أثار الكثير من احتجاجات رموز تلك الثورة، بسبب ما كانوا يصفونه بانتقاداته الدائمة لسياساتها وتدخله في الشؤون الداخلية لأوكرانيا، على حد تعبير الرئيس السابق فيكتور يوشينكو. غير أن الكثيرين من مؤيدي وخصوم تشيرنوميردين يجمعون اليوم حول اعتباره شخصية فذة، استطاع الجمع بين فكر السياسي الإصلاحي القادر على التغيير، والمحافظ الذي استطاع قيادة مسيرة التغيير دون المساس بالثوابت. وقد اعترف الكثيرون بنجاح تشيرنوميردين في تحقيق الكثير من الإنجازات خلال رئاسته للحكومة الروسية إبان فترة التحولات الكبرى في تسعينات القرن الماضي، التي طالما شهدت شطط الليبراليين الجدد. ويذكرون له اليوم الكثير من الأقوال المأثورة التي طالما استطاع من خلالها احتواء غضب مناوئيه وخصومه وانتزاع ابتساماتهم في أوج احتدام النزاعات والخصومات السياسية.

وقال وزير الاقتصاد الروسي السابق يفغيني ياسين لإذاعة «صدى موسكو»: إنه «كان شخصية فذة دفع بها التاريخ إلى منصب أساسي في فترة صعبة من تاريخ روسيا».

من جانبه، اعتبر رئيس مجموعة «روسنانو» الروسية أناتولي تشوبايس، الذي كان عضوا في حكومة تشيرنوميردين أنه «من دونه لكان الشعب الروسي يعيش حياة مختلفة». وكان تشيرنوميردين على رأس الحكومة عندما دخلت روسيا في النزاع الشيشاني وبدأت عمليات خطف الرهائن المكثفة من قبل متمردين.

وخلال عملية احتجاز متمردين شيشان رهائن في مستشفى في بودينوفسك جنوب روسيا، في يونيو (حزيران) 1995 أسفرت عن سقوط 150 قتيلا، تولى تشيرنوميردين إدارة الأزمة شخصيا، وكان على اتصال هاتفي دائم مع المهاجمين، لا سيما زعيمهم شامل بساييف. وأعلن أحد المدافعين عن حقوق الإنسان في روسيا، ليف بونوماريف، لوكالة «إنترفاكس»: «يقال الآن إنه لا يمكن التفاوض مع الإرهابيين، في حين كان هو من بدأ المفاوضات لإنقاذ الرهائن. وقد جازف بمسؤولياته». وكان تشيرنوميردين من مؤسسي حزب يلتسين «روسيا بيتنا». ومع تولي فلاديمير بوتين رئاسة الحكومة سنة 1999، ثم الكرملين سنة 2000، انسحب تشيرنوميردين من الساحة السياسية الروسية. وفي العهد السوفياتي شق هذا العامل السابق المتحدر من منطقة أورونبورغ عند الحدود مع كازاخستان طريقه، كشخصية نافذة متخصصة في الصناعة.

وفي عام 1985 عين وزيرا لصناعة الغاز في الاتحاد السوفياتي، وعاد إلى قطاع الغاز في 1999 في رئاسة مجموعة «غازبروم» الروسية العملاقة، حتى عين سفيرا لروسيا في أوكرانيا سنة 2001 وسيدفن تشيرنوميردين في مقبرة نوفوديفيتشي في موسكو، حيث ترقد زوجته، وكذلك بوريس يلتسين وعدد من الشخصيات الروسية حسب ما أفاد به التلفزيون الرسمي الروسي.