خودوركوفسكي: محاكمتي أكبر كثيرا مني شخصيا

قال في بيان وجهه للمحكمة: مستقبل روسيا بكاملها سوف يكون على المحك

TT

كانت الحرية قريبة جدا من ميخائيل خودوركوفسكي، المسؤول التنفيذي السابق في قطاع النفط، الذي كان يمتلك ثراء فاحشا في يوم من الأيام وأبعد إلى سيبيريا منذ خمس سنوات بتهمة التهرب الضريبي، على الرغم من أن جريمته الحقيقية؛ حسبما يقول مؤيدوه، كانت تتمثل في المعارضة السياسية للرئيس الروسي السابق ورئيس الوزراء الحالي فلاديمير بوتين. وكان من المفترض أن تنتهي فترة عقوبة خودوركوفسكي خلال فصل الخريف المقبل، قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية الروسية المزمع إجراؤها في عام 2012. ومن الوارد أن يترشح بوتين، رئيس الوزراء الحالي، لمنصب الرئاسة مجددا. لذا، يتوقع خودوركوفسكي وشريكه التجاري قضاء وقت إضافي في السجن بتهمة الاختلاس في القضية التي أثيرت ضده خلال العام الماضي.

ومن المتوقع أن يصدر الحكم يوم 15 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وفي بيان ختامي وجهه إلى المحكمة (الثلاثاء الماضي)، قال خودوركوفسكي: إنه يتوقع الأسوأ لنفسه ولبلده. وأضاف أن مستقبل روسيا بكاملها سوف يكون على المحك هذه المرة.

وصرح خودوركوفسكي بقوله: «هناك أكثر من مجرد مصير رجلين في أيديكم. فهنا والآن يتقرر مصير كل مواطن في بلدنا».

وتابع قوله: «في جميع أنحاء روسيا، ينشئ الناس شركات تجارية ويبنون المنازل ويوجدون حياة لكي ينقلونها إلى أبنائهم، على أمل ألا يخسروا كل هذه الأمور بفعل غياب القانون الرسمي وانتشار المعتدين الذين يرتدون أزياء رسمية».

وكانت شركة «يوكوس» للنفط التي حققت نجاحات هائلة، وبناها خودوركوفسكي وشريكه بلاتون ليبيديف، قد أعلن إفلاسها بعد اعتقال خودوركوفسكي وشريكه وفض الشركة، واستحوذت شركة «روسنفت» الحكومية على معظم أسهم هذه الشركة.

وقال خودوركوفسكي: «والآن تترقب روسيا بكاملها الموقف، وتتساءل عما إذا كان هناك أي شيء قد تغير. إنها يتابعون الأوضاع، على أمل أن تصبح روسيا، بعد كل هذه السنوات، دولة تسود فيها الحريات وحكم القانون.. عندما تتوقف الدولة عن اعتبار دعم أحزاب المعارضة سببا للأعمال الانتقامية.. وعندما لا تعتمد حقوق الإنسان بعد الآن على مزاج القيصر».

وأثناء حديثه، كان ما يقرب من 20 إلى 30 رجلا يرتدون ملابس سوداء وأقنعة تزلج ويحملون بنادق رشاشة يغيرون على بنك في موسكو يمتلكه ألكسندر ليبيديف، وهو ملياردير روسي يمتلك صحيفتي «الإندبندنت» و«إيفينينج ستاندرد» في لندن، بالإضافة إلى 39 في المائة من أسهم جريدة «نوفويا غازيتا»، وهي جريدة المعارضة الوحيدة فعليا في موسكو.

وقال المتحدث الرسمي باسم الشرطة: إن المغيرين كانوا ضباط تنفيذ القانون، ولكنهم لم يقدموا أي معلومات عن مهمتهم أو تفويضهم في بنك الاحتياط الوطني الذي يمتلكه ليبيديف.

وذكر سيرغي سكولوف، نائب رئيس تحرير جريدة «نوفويا غازيتا» أنه شعر في الارتباك إزاء مظاهر استعراض القوة. وقال: «لقد أخذوا فقط وثائق قليلة، كان البنك سيقدمها لهم إذا طلبوا من مسؤولي البنك ذلك».

وأضاف سكولوف بأن هناك مصادر أخبرت محققي الجريدة أن هذه الغارة نفذت بواسطة قوات الأمن الفيدرالية (FSB)، وهي وريثة جهاز الاستخبارات الروسي (KGB). وقال: «لا يهم من كان يقف وراء هذه الغارة. لقد بدا الأمر مزعجا حقا، وكان عبارة عن استعراض للقوة. ويمكنني أن أقول إنه من غير الممكن القيام بعمل شريف هنا. ولا يمكننا أن نتحدث عن التحديث واستثمار رؤوس الأموال، إذا كان بمقدور أي مسؤول في أي هيئة لتنفيذ القانون استخدام هذا النوع من القوات ضد أي شركة أو نشاط تجاري بكل سهولة ويسر».

ويعتبر التحديث وجلب الاستثمارات الاقتصادية من الخارج من بين الأفكار المفضلة للرئيس ديمتري ميدفيديف، الذي بات يستضيف وفودا من الأميركيين الأقوياء مؤخرا، ويحثهم على استثمار أموالهم في العمل هناك. وقد دوت هذه الأفكار في قاعة المحكمة أول من أمس.

وقال خودوركوفسكي: «مع مجيء رئيس جديد (في عام 2008) تجلى الأمل مرة أخرى في نفوس الكثير من زملائي المواطنين أيضا. إنه الأمل في أن تصبح روسيا دولة حديثة بها مجتمع مدني متطور. ومن الواضح أن هذا الأمر لا يمكن أن يحدث كليا من تلقاء نفسه أو في يوم واحد. ولكن التظاهر بأننا نتطور، بينما يشير الواقع إلى أننا لا نراوح مكاننا، في حقيقة الأمر، أو ربما أصبحنا ننزلق إلى الخلف.. لم يعد ممكنا».

وأشار ساندي سوندرز، وهو محام أميركي يباشر هذه القضية، إلى أن ميدفيديف يحاول أن ينشئ وادي سليكون روسيا، وقال إن هذا المجهود يجب أن يبدأ بالإفراج عن خودوركوفسكي وزملائه المدعى عليهم. وتابع سوندرز قوله: «الرئيس ميدفيديف يمكن أن يحقق الفارق»، في إشارة إلى أن القاضي سوف يقع تحت ضغط لإصدار حكم بالإدانة على خودوركوفسكي. وأضاف: «يمكن لميدفيديف أن يحمي القاضي وأن يسمح له بإصدار حكمه في القضية بناء على ما سمعه».

وقال خودوركوفسكي: «سوف يتم صناعة التاريخ. وكل فرد يتفهم أن حكمكم في هذه القضية، بغض النظر عن ماهية القرار، سوف يصبح جزءا من تاريخ روسيا. وكل أسماء المدعين العموميين والقضاة، سوف تظل محفوظة في التاريخ، بالطريقة نفسها التي بقيت بها تلك الأسماء في التاريخ بعد المحاكمات السوفياتية الشائنة.

«أصحاب الفضيلة القضاة، يمكنني أن أتخيل تماما أن هذا الأمر لن يكون سهلا جدا على الإطلاق بالنسبة لكم، وربما يكون مخيفا، ولكنني أتمنى لكم أن تحكموا في قضيتي بشجاعة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»