تعليق رحلات الشحن الجوي من مطارات اليونان لمدة 48 ساعة

الشرطة اليونانية تبحث عن مرسلي الطرود المفخخة> اشتعال طرد موجه إلى برلسكوني قادم من أثينا

TT

تشهد العاصمة اليونانية أثينا حاليا إجراءات أمنية مشددة وغير مسبوقة، على خلفية ظهور الطرود الملغومة، التي وصلت إلى الكثير من السفارات الأجنبية في أثينا، كما وصلت إلى زعماء من الدول الأوروبية، وأخرى كانت في الطريق إلى الخارج، بعدما أبطلت السلطات طردين مفخخين وفجرتهما في مخزن للشحن بمطار أثينا الدولي. وعلقت السلطات اليونانية عمليات إقلاع طائرات الشحن لمدة يومين، للسيطرة على الطرود الملغومة، كما أنها طلبت من مكاتب البريد عدم تسلم أي طرود أو مظاريف إلا بالبطاقة الشخصية، وتسجيل البيانات الكافية عن المرسل. وتبدو أثينا حاليا وكأنها أقرب إلى خلية النحل من كثرة رجال الشرطة وقوات الأمن المنتشرين في أحياء وضواحي العاصمة، للسيطرة على شبح الطرود المفخخة، واعتقلت الشرطة شابين عمرهما 22 و24 سنة، وعثر في حوزتيهما على أسلحة وسترة واقية من الرصاص ومعهما طرد مماثل لذلك الذي انفجر في شركة البريد، مما أكد للشرطة صلتهما بعملية الطرود. ووزعت الشرطة صور المتهمين الاثنين اللذين تم القبض عليهما في البداية، وطلبت من المواطنين التعاون مع الشرطة والإدلاء عن أي معلومات تخص المتهمين الاثنين للتوصل إلى بقية أعضاء المنظمة، كما وزعت لاحقا صورا لخمسة متهمين آخرين، جار البحث عنهم منذ فترة، وتتراوح أعمارهم بين 21 و30 سنة، لتورطهم في القيام بأعمال عدوانية تابعة لمنظمة «خلايا مؤامرة النيران»، ومن المؤكد أن تكون وراء تلك الطرود، وفقا لمصادر من قيادات الشرطة اليونانية. ويرى المراقبون أن هذه الأفعال وإن أكدت التحقيقات أنها من فعل المنظمة اليسارية، فقد تأتي من جراء السياسات الأوروبية ضد اليونان، حيث يرى الشعب اليوناني أن أوروبا السبب في أن تصل اليونان إلى الأزمة المالية الحالية، وإن كان الاتحاد الأوروبي قد ساعد اليونان بمبلغ 110 مليارات يورو، ولكن هذه مساعدات تأتي على هيئة قروض، ويرى اليونانيون أنهم سوف يدفعونها أضعافا مضاعفة. كما أن هناك إصلاحات اقتصادية تنفذها الحكومة. وانتخابات المحليات التي سوف تشهدها البلاد يوم الأحد المقبل، هناك اهتمام كبير بها من قبل الحكومة ورجال السياسة، في حين أن الشعب يعاني من إجراءات تقشفية صارمة، وبدأ يتجرع كأس مرارة التقشف والفقر والبطالة وركود الأسواق، قد يكون كل ذلك دافعا لأن يقوم بعض المتطرفين بأعمال عدوانية في بلد طالما كانت الديمقراطية الحقيقية والميسرة عنوانا له. وأفادت مصادر أمنية أن العبوات المتفجرة ضعيفة المفعول، وانفجارها يتسبب في انبعاث لهب ونيران ويمكن السيطرة عليها، لأن المواد المتفجرة فيها قليلة وتوضع في كتب منزوعة الصفحات.

من جانبه أكد وزير حماية المواطن اليوناني (وزير الأمن العام) خريستوس بابوتسيس في بيان رسمي، أن الوقت حان لفتح حوار على المستوى الأوروبي في إطار معاهدة شنيغن، وخارجها والتعاون الدولي مع بلدان العالم الأخرى، في اتخاذ مبادرة لتعزيز الضوابط التشريعية، ومتطلبات أكثر صرامة لشركات الشحن الجديدة، التي تمتلك طائرات خاصة، ولا بد من السيطرة الأمنية على شركات طيران الشحن الخاصة، التي تقع على عاتقها سلامة البريد.

إلى ذلك قال مصدر من الحكومة الألمانية أمس إن الحكومة تريد من الاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراءات أمنية جديدة للتصدي للهجمات الإرهابية عن طريق الشحن الجوي، وذلك أثناء قمة لزعماء الدول الأعضاء في الاتحاد تعقد في ديسمبر (كانون الأول). وأضاف أن وزراء داخلية الدول الأعضاء سيناقشون الأسبوع المقبل مسألة الطرود الناسفة التي أرسلت جوا إلى هدفين في الولايات المتحدة وسفارات في اليونان وحكومتي ألمانيا وإيطاليا. واستطرد: «ينبغي أن تتخذ قمة الاتحاد الأوروبي في منتصف ديسمبر المقبل قرارا بشأن المقترحات المتعلقة بمجموعة من الإجراءات، تشمل الاتحاد الأوروبي». وقال السياسي في الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، الذي يكون مع الحزب المسيحي الديمقراطي، بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل، ما يعرف بالتحالف المسيحي، أمس: «لا يجدي على الإطلاق أن يكون لدينا في ألمانيا مستوى عال من المراقبة والأشياء تأتي إلى البلد من دون رقابة». وأضاف: «ينبغي هنا التفكير في عقوبات على المستوى الدولي بمقاطعة الشحن الجوي من الدول التي يعرف أنها لا تراقب الشحن بعناية، وليس قبولها أو إعادة مراقبتها».

وفي روما قال مصدر في الشرطة الإيطالية أمس: إن طردا موجها إلى رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني عثر عليه على متن طائرة قادمة من أثينا اشتعلت فيه النار، حينما فتحته الشرطة في مطار بولونيا، الذي طلب من الطائرة الهبوط فيه. وقال المصدر: وجدت الشرطة أن الطرد موجه إلى برلسكوني واشتعلت فيه النار أثناء فحصه. ولم تعرف المادة المتفجرة بعد، ويجرى التحقق منها. وتشتبه الشرطة بأن يكون هذا طردا مماثلا لذلك الذي أرسل إلى مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل.

من جهة أخرى شنت الشرطة اليونانية أمس الأربعاء عملية بحث لاعتقال أشخاص يشتبه في انتمائهم إلى التيار الفوضوي المحلي أرسلوا 13 طردا مفخخا إلى عدد من السلطات الأجنبية عثر عليها الاثنين الماضي، وبينها اثنان في ألمانيا، وواحد في إيطاليا. ونشرت الشرطة صور خمسة رجال تتراوح أعمارهم بين 21 وثلاثين سنة, مطلوبين منذ 2009، لانتمائهم المفترض إلى حركة فوضوية تدعى «مؤامرة خلايا النار», ودعت كل من لديه قرائن إلى المساعدة على القبض عليهم. وطرحت فرضية تورط المجموعة في قضية الطرود المفخخة التي أرسلت إلى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو برلسكوني وعدد من السفارات في أثينا الاثنين الماضي، مع اعتقال اثنين من المتشبه بهم مباشرة إثر تسليمهم طردين مفخخين إلى وكالة بريد سريع في أثينا.

وبعد استنفارها إثر انفجار أحد هذه الطرود, تمكنت السلطات اليونانية أول من أمس من رصد معظمها باستثناء طرد وصل إلى مقر المستشارة الألمانية، حيث تحكمت فيه أجهزة أمن أنجيلا ميركل. أما الطرد الموجه إلى برلسكوني فقد ضبط مساء أول من أمس على متن طائرة بريدية في مطار بولونيا (إيطاليا)، مما دفع السلطات اليونانية إلى تعليق كل نشاط البريد نحو الخارج لمدة يومين. وفيما يخص الطرد الذي كان موجها إلى ساركوزي فضبط الاثنين الماضي بحوزة أحد المشتبه بهما اللذين اعتقلا في أثينا وعمرهما 22 و24 سنة. وكان أحدهما وهو طالب في الكيمياء، مطلوبا بتهمة الانتماء إلى «التآمر» ورفض الاثنان التعامل مع الشرطة. وأفاد مصدر أمني أن العبوات المتفجرة ضعيفة المفعول، التي وصف انفجارها في أثنيا بأنه يتسبب في «انبعاث لهب», كانت مخبأة في كتب انتزعت منها صفحاتها. وانتقدت وسائل الإعلام اليونانية سلطات البلاد التي تتخبط في أزمة مالية خانقة, وقالت إنها تأخرت في تقييم الخطر والسيطرة على مراكز البريد، على الرغم من النجاح الذي حققته الاثنين الماضي عبر الاعتقالات وضبط الطرود الأربعة الأولى. وكتبت صحيفة «تا نيا» الموالية للحكومة أن «الإرهابيين الجدد ومن يتزعمهم يحاولون النيل من سمعة اليونان في الخارج، ويحاولون أيضا تحريك وسائل الإعلام الأجنبية, وبث الخوف في الرأي العام».