مصادر: «جند الله» تعتبر إدراجها في قائمة الإرهاب إرضاء أميركيا لإيران

واشنطن قالت إن التنظيم يستخدم أساليب إرهابية منها التفجيرات الانتحارية والكمائن والخطف والاغتيالات

الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يحيي مستقبليه في مدينة بوخبورد شمال البلاد أمس (أ.ف.ب)
TT

وضعت الولايات المتحدة، أمس، اسم جماعة جند الله، وهي جماعة سنية إيرانية متمردة ألقي اللوم عليها في هجمات متكررة داخل الجمهورية الإسلامية، على قائمتها للمنظمات الإرهابية الأجنبية. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن جماعة جند الله ألقي عليها اللوم في هجوم نفذه انتحاريون على مسجد شيعي في جنوب شرقي إيران قتل فيه 28 شخصا على الأقل، وإنها شنت هجمات متكررة منذ 2003. وقالت وزارة الخارجية في بيان: «جند الله تستخدم مجموعة متنوعة من أساليب الإرهاب، منها التفجيرات الانتحارية والكمائن والخطف والاغتيالات». وأضافت أن زعماء الجماعة «أكدوا التزامها مواصلة الأنشطة الإرهابية».

وتقول جند الله إنها تقاتل من أجل حقوق الأقلية السنية في إيران وتتركز أنشطتها في إقليم سيستان وبلوخستان الواقع على الحدود مع باكستان. وربطت القيادة الدينية في إيران بين الجماعة وتنظيم القاعدة وتتهم الولايات المتحدة بمساندة جند الإسلام لإثارة الاضطرابات، وتنفي واشنطن ذلك. وتضع خطوة وزارة الخارجية جند الله على قائمة تضم نحو 47 جماعة تعتبرها الولايات المتحدة متورطة في الإرهاب وتفرض عليها عقوبات مالية وحظر سفر.

وأضافت الخارجية في بيانها أنها اتخذت قرارها بالتشاور مع وزارتي العدل والمالية، وأن جند الله هي منظمة «متطرفة تمارس العنف وتقوم بعمليات بشكل رئيسي في إقليم سيستان في بلوشستان الإيراني». وأشار إلى أنه منذ نشأته في 2003، شن تنظيم جند الله «الكثير من الهجمات التي أسفرت عن مصرع وتشويه عشرات المدنيين والمسؤولين الإيرانيين.. وتسخر جماعة جند الله مجموعة من الأساليب الإرهابية بما فيها التفجيرات الانتحارية والكمائن وعمليات الخطف والاغتيالات الموجهة». وتابع البيان: «في مايو (أيار) 2009 ، هاجمت عناصر جند الله مسجد أمير المؤمنين المزدحم بالمتعبدين الشيعة في زاهدان، فدمر المسجد وقتل وجرح مصلون كثيرون». وذكر أن هجوما بالقنابل شن في أكتوبر (تشرين الأول) 2009 وأدى إلى مقتل أكثر من 40 شخصا كان أشد هجوم إرهابي فتكا في إيران منذ ثمانينات القرن الماضي.

وقال البيان إنه بعد أن ألقت السلطات الإيرانية القبض على الزعيم السابق لجند الله، عبد الملك ريغي، في فبراير (شباط) 2010 اختار التنظيم زعيما جديدا له هو الحاج محمد ظاهر بلوش وأكد تعهده بمواصلة نشاطاته الإرهابية. وأضاف أنه في يوليو (تموز) 2010، هاجمت جماعة جند الله المسجد الكبير في زاهدان فأودى الهجوم بحياة نحو 30 شخصا وإصابة المئات بجروح.

وقد شجبت الحكومة الأميركية الهجوم على المسجد الكبير بأشد العبارات الممكنة، وأعلنت أن الولايات المتحدة تعبر عن تعاطفها مع أسر القتلى والجرحى وذويهم. كما طالب الرئيس باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بمحاسبة مرتكبي هذا الاعتداء المروع على الأعمال التي اقترفوها.

وأضاف بيان الخارجية: «إن تصنيفات التنظيمات الإرهابية تلعب دورا حاسما في حربنا على الإرهاب، وهي وسيلة فعالة لتقليص الدعم للنشاطات الإرهابية وممارسة ضغوط على هذه الجماعات كي تنبذ الإرهاب». وأشار إلى أنه «من عواقب هذه التصنيفات فرض حظر على قيام أفراد بتوفير أي دعم مادي أو موارد لجند الله عن سابق معرفة، وحجز جميع الممتلكات والمصالح ضمن ممتلكات التنظيم في الولايات المتحدة، أو تلك التي تدخل في نطاق سيادة أو حكم الولايات المتحدة». وقالت مصادر مقربة من جماعة جند الله السنية الإيرانية أمس إن الجماعة استقبلت القرار الأميركي بتصنيفها كمنظمة إرهابية بالاستنكار واعتبرته إرضاء أميركيا لإيران لتجاوز ملفات أخرى في دول بالمنطقة، وإن الجماعة سوف تصدر بيانا رسميا بشأن الموقف الأميركي منها في وقت لاحق، فيما وصف رئيس المركز العربي الكندي لمتابعة قضايا القوميات والأقليات الدينية بإيران، صباح الموسوي، الخطوة الأميركية بأنها تأتي «لإرضاء إيران من أجل الحصول على مكاسب فيما يتعلق بملفات عالقة بالمنطقة».

ولم يتسن الحصول على تعليق في حينه من جماعة جند الله، لكن مصادر على صلة بالجماعة قالت أمس إن قيادات فيها تدرس القرار الأميركي للرد عليه، مشيرة إلى أن الجماعة تلقت القرار بالاستنكار و«احتمال الرد عليه اليوم أو يوم غد»، وقالت إن قيادات في الجماعة اعتبرت القرار الأميركي محاولة لإرضاء إيران لحلحلة بعض الملفات العالقة بمنطقة الشرق الأوسط والمناطق الملتهبة بين قوات التحالف وحركة طالبان على الحدود الأفغانية - الباكستانية.

ومن جانبه علق الموسوي على القرار الأميركي بقوله في اتصال من كندا أمس إن «القرار، في الحقيقة، خطوة في طريق إرضاء أميركا لإيران»، مشيرا إلى أن «إيران لها مطالب من أميركا»، وأن الخطوة الأميركية جاءت «كنوع من التنازلات لإيران»، لأن القرار الأميركي ضد «جند الله جاء على الرغم من أن الجماعة لم تقم بأي عمل ضد السلطات الأميركية أو أي بلد غربي.. جند الله ليس لها مشكلات إلا مع إيران».

وتابع الموسوي قائلا إن «جند الله تدعم مواقف البلوش والأقليات الإيرانية، وإن الولايات المتحدة الأميركية لو كانت قد فعّلت موضوع حقوق الأقليات الدينية والقومية في إيران لما لجأت جند الله للعمل ضد سلطات طهران.. التهاون الأميركي بشأن حقوق الإنسان في إيران هو الذي يدفع النظام الإيراني إلى اضطهاد الآخرين، وبالتالي يدفع تنظيمات مثل جند الله للقيام بعملياته».

وتتهم إيران جماعة جند الله بأنها على علاقة بتنظيم القاعدة، كما تتهم أميركا وإسرائيل وبريطانيا وباكستان بدعم الجماعة بهدف زعزعة الحكم المركزي في إيران، وأعدمت السلطات الإيرانية زعيم جند الله عبد الملك ريغي منتصف هذا العام.

على صعيد آخر اتهم ما يعرف بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (وفي القلب منه منظمة مجاهدين خلق) طهران بالوقوف وراء التفجيرات التي وقعت في العراق خلال اليومين الماضيين، وقال بيان لأمانة المجلس أمس، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن النظام الإيراني ينوي فرض نوري المالكي على رئاسة الوزراء في العراق و«اغتصاب السيادة العراقية».

وقال البيان إن تفجيرات بغداد لا تخدم سوى «الفاشية الدينية الحاكمة في إيران وتأتي لمنع تشكيل حكومة وطنية وديمقراطية وغير طائفية، وإنها تدفع باتجاه فرض المالكي رئيسا للوزراء ومواصلة اغتصاب سلطة الشعب في العراق»، على حد قول البيان، الذي أشار أيضا إلى أن «مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز «لمعالجة الأزمة في العراق التي قوبلت بترحيب كبير داخل العراق وإقليميا.. ألحقت ضربة قاسية بمخططات نظام الملالي وعملائه في العراق، مما دفع رموز النظام الغاضبين من هذه المبادرة بإصدار الأوامر إلى عملائهم بعرقلة تمرير هذه المبادرة مهما كان الثمن».

ورد مسؤول بالخارجية الإيرانية بالقول إن اتهامات «مجاهدين خلق» تدعو للسخرية، معربا في اتصال مع «الشرق الأوسط» عن أمله في إعادة «مجاهدين خلق» هي الأخرى لقائمة المنظمات الإرهابية، وتسليم عناصرها الموجودة في معسكر «أشرف» بالعراق إلى السلطات الإيرانية.