إيران تؤجل إعدام أشتياني.. وساركوزي يحذرها: لا تمسوا شعرة واحدة منها

كوشنير اتصل بمتقي وطلب منه التخلي عن إعدامها

TT

أعلن رئيس جهاز القضاء المحلي في إيران، مالك شريفي، أمس، أن الإيرانية سكينة أشتياني، المحكوم عليها بالرجم حتى الموت لإدانتها بتهمتي الزنى وقتل زوجها، «في صحة جيدة»، وأن ملفها «لا يزال محل نظر» القضاء، حسبما أفادت وكالة «إرنا» الرسمية. وقال شريفي «إنها في صحة جيدة، وهي في سجن تبريز (شمالي غرب)». وأضاف «في الوقت ذاته لا يزال ملفها محل نظر في مستوى محاكم المحافظة». واتهم شريفي «وسائل الإعلام الغربية المعادية (..) بالسعي لإيجاد مناخ محموم ضد جمهورية إيران الإسلامية، من خلال نشرها معلومات مثل تلك التي زعمت أن إعدام سكينة بات وشيكا».

واتهمت إيران الغرب أمس باستخدام قضية أشتياني لممارسة «الضغط» على طهران، وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمان باراست بأن «الوقاحة بلغت بالغرب أنه حوّل قضية سكينة محمدي أشتياني، التي ارتكبت جرائم منها الخيانة (الزوجية) إلى قضية حقوق إنسان». وأضاف «لقد جعل من قضيتها رمزا لحرية المرأة في الدول الغربية، وبكل وقاحة يطالبون بالإفراج عنها. إنهم يحاولون استغلال ملف بسيط (الحق العام) كسبيل للضغط على إيران». وكانت اللجنة الدولية لمناهضة الرجم - وهي منظمة مقرها ألمانيا - قد قالت إنه سيتم إعدام أشتياني شنقا، بدلا من أن ترجم.

ولا تزال باريس تتابع عن قرب، وعلى أعلى المستويات قضية أشتياني. وكشف برنار هنري ليفي، وهو مفكر وفيلسوف فرنسي يقوم بحملة داخلية وخارجية لمحاولة إنقاذ سكينة من الموت، أن الرئيس نيكولا ساركوزي أبلغ السلطات الإيرانية أنه «جعل من موضوع سكينة مسألة شخصية». وحذر ساركوزي إيران من أنها «إذا مست شعرة واحدة من سكينة، فهذا سيعني حكما يوقف كل الحوارات القائمة معها». وأضاف ليفي أن الرسالة التي تستبطن تهديدا «أبلغت إلى الإيرانيين مباشرة ويبدو أنهم سمعوها جيدا»، في إشارة إلى عدم إعدام سكينة أمس.

ولم يعلق قصر الإليزيه على هذا الخبر، كما لم تعرف هوية الطرف الذي قام بالاتصال، علما بأن ساركوزي يرفض الحديث إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، بسبب تهديدات الأخير بـ«محو إسرائيل من الوجود». وتنتهج فرنسا سياسة متشددة إزاء إيران بسبب ملفها النووي من جهة وبسبب ملف حقوق الإنسان من جهة ثانية. وتتهم باريس السلطات الإيرانية بالسير ببرنامج نووي عسكري محض، وأنها لا تنفذ التزاماتها الدولية. وكانت فرنسا من بين الأكثر تشددا مع إيران، ومن الدافعين في اتجاه فرض عقوبات اقتصادية مشددة عليها.

أما بالنسبة لملف حقوق الإنسان، فقد نددت فرنسا بشدة، وفي أكثر من مناسبة، خاصة منذ الانتخابات الرئاسية الماضية، بالانتهاكات المرتكبة في إيران. وكانت فرنسا قد عانت من القبض على الجامعية الفرنسية كلتيلد رايس ومحاكمتها بسبب الاتهامات التي وجهتها السلطات إليها، ومنها التجسس وتهديد أمن الدولة الإيرانية.

وكان وزير الخارجية برنار كوشنير قد أعلن في بيان وزعته الدائرة الإعلامية في الوزارة أنه اتصل شخصيا صباح أمس بنظيره الإيراني منوشهر متقي ليطلب منه تخلي إيران «نهائيا» عن عزمها إعدام سكينة. وكان رد متقي أن الحكم النهائي لم ينطق به القضاء الإيراني بعد، وأن الأخبار التي تنشر «تجافي الحقيقة». وكذلك أعرب كوشنير، كما جاء في بيانه، عن «عدم فهم الأسرة الدولية» لسجن ابن سكينة ومحاميها.

وبحسب الوزير الفرنسي، فإن باريس لا تزال معبأة من أجل «إنقاذ حياة» سكينة. وحث كوشنير السلطات الإيرانية على «الاستماع لنداءات الأسرة الدولية واحترام التزاماتها». وختم الوزير الفرنسي بالإعلان عن «القلق» إزاء وضع حقوق الإنسان في إيران، وبالدعوة إلى احترام الحريات الأساسية للمواطنين الإيرانيين، ووقف تطبيق سياسة القمع والتخويف وإطلاق سراح جميع المسجونين عن غير وجه حق.

وقال كوشنير في بيان أمس: «أكد لي منوشهر متقي (وزير خارجية إيران) أن السلطات القانونية الإيرانية لم تصل بعد لقرار بشأن قضية أشتياني، وأن المعلومات الخاصة بإعدامها المزعوم لا تتفق والواقع». وأضاف أنه تحدث إلى متقي صباح أمس وطلب منه العدول عن حكم الإعدام والعفو عن أشتياني.

وكان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ قد حذر السلطات الإيرانية من المضي قدما في تنفيذ العقوبة، قائلا: «إنها ستضر بعلاقات إيران الدولية». وقال هيغ للصحافيين في مدينة رام الله بالضفة الغربية أثناء زيارة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية: «هذه عقوبة همجية وستضر بإيران في عيون العالم. وسيكون من الأفضل عدم المضي قدما في تنفيذها».

كما ندد البيت الأبيض أول من أمس بشدة بالتنفيذ الوشيك لحكم الإعدام بحق أشتياني، كما طلبت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، من إيران «وقف تنفيذ الحكم وتخفيفه».

وبموجب أحكام الشريعة التي تطبقها إيران منذ الثورة الإسلامية في عام 1979، فإن عقوبة القتل هي الإعدام شنقا، أما الزنى فعقوبته هي الرجم. وتجنب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أسئلة بشأن القضية من صحافيين عندما حضر الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول)، قائلا: إنها مختلقة من جانب وسائل إعلام غربية معادية، ووصف الولايات المتحدة بـ«الرياء» بسبب سجلها في الإعدامات.