الاتحاد الأوروبي يجري أول محاكاة لحرب معلوماتية في أوروبا

يمكن أن تؤثر على الممارسات التجارية لـ«فيس بوك» و«غوغل» وشركات الإنترنت

TT

أجرت دول الاتحاد الأوروبي الخميس، أول محاكاة لحرب معلوماتية على مستوى الاتحاد كخطوة تجاه إجراء تدريبات في أنحاء العالم. وبالتزامن مع ذلك قرر الاتحاد الأوروبي وضع إطار قانوني متشدد للتحقق من استعمال المعطيات الشخصية للأفراد والبيانات الخاصة بهم واستعمالها في صفحة الإنترنت. ويريد الاتحاد الأوروبي تمكين الأفراد من الحصول على مزيد من السيطرة حول كيفية جمع البيانات الخاصة بهم واستخدامها من قبل شركات الإنترنت.

ونشرت المفوضية الأوروبية في بروكسل الخطوط العريضة لاستراتيجية حماية البيانات الجديدة، التي يمكن أن تؤثر على الممارسات التجارية لـ«فيس بوك»، و«غوغل» وغيرها من شركات الإنترنت. وتنص هذه الاستراتيجية على ضرورة تمكين كافة الأشخاص من إعطاء موافقتهم بشأن طرق معالجة بياناتهم الشخصية على صفحات الإنترنت. وينبغي أن تمكن الخواص أيضا من إزالة الصور وغيرها من المعلومات الخاصة بهم على مواقع الشبكات الاجتماعية. ومن المقرر أن تدخل الاستراتيجية الجديدة حيز التنفيذ العام المقبل وتنهي العمل بتشريعات سابقة لحماية البيانات وضعت منذ 15 عاما على صعيد الاتحاد الأوروبي.

وفيما يتعلق بمحاكاة لحرب معلوماتية، برزت قضية الدفاع عن أنظمة شبكة الإنترنت على الأجندة الدولية عام 2007 بعدما قام قراصنة موالون لروسيا بهجوم واسع النطاق على الخوادم الإستونية. ومن ذلك الحين اتجهت الحكومات في أنحاء العالم للاستثمار بقوة في إنشاء أنظمة دفاع معلوماتية أشد قوة. وقال بيان صادر في بروكسل إن تدريب اليوم (الخميس) الذي أطلق عليه «سايبر أوروبا 2010» سيواجه من خلاله خبراء من الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالإضافة لآيسلندا والنرويج وسويسرا «محاولات صورية من جانب قراصنة لشل خدمات إلكترونية (معلوماتية) مهمة في عدة دول أوروبية». وأضاف البيان: «سيتبع تدريب اليوم (الخميس) سيناريوهات أكثر صعوبة حيث سيتسع نطاق تدريبات الحرب المعلوماتية من المستوى الأوروبي إلى المستوى العالمي». وسيحاكي التدريب هجوما زاحفا تصعب ملاحظته على أنظمة الإنترنت الوطنية وتتعطل خلاله المواقع الإلكترونية المهمة في كل دولة تدريجيا. وفى هذه الظروف يتعين على أنظمة الدفاع الوطنية التعاون فيما بينها للتوصل إلى سبل استخدام خوادم بديلة للخوادم التي تعرضت للهجوم ثم العمل على إحباطه. ويهدف التدريب إلى تعزيز التفاهم بين الدول الأعضاء «حول كيفية التعامل مع الحوادث المعلوماتية الإلكترونية واختبار روابط وإجراءات الاتصالات تحسبا لوقوع حادث معلوماتي إلكتروني حقيقي واسع النطاق». وتشغل مسألة التعاون الدولي بشأن الدفاع المعلوماتي الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في الوقت الحالي. وتحث الولايات المتحدة الأميركية الدول الأعضاء في «الناتو» على زيادة التعاون في مجال الدفاع المعلوماتي. وتجدر الإشارة إلى أن 21 دولة من أعضاء «الناتو» هي أعضاء أيضا في الاتحاد الأوروبي. وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية جوناثان تود إنه لم يتم التنسيق مع الحلف بشأن تدريبات اليوم (أمس) ولكنه أكد أن التدريبات المستقبلية ستكون أكثر تعقيدا مع احتمال مشاركة «الناتو». وينظر الأخير إلى ملف مهاجمة إحدى الدول الأعضاء في الحلف عبر الإنترنت، على أنه ملف لا يقل أهمية عن ملفات تتعلق بمواضيع مهمة، مثل الدرع الصاروخية أو أمن الطاقة، ويبحث الحلف منذ ما يزيد على عامين، في كيفية حماية الدول الأعضاء من الهجوم عبر الإنترنت، وبدأ بالفعل في بحث إمكانية استخدام القوة العسكرية ضد «أعداء يشنون هجمات عبر الإنترنت» على الدول الأعضاء في المنظمة العسكرية الدولية. وتأتي الخطوة بعد سلسلة هجمات عبر الإنترنت على دول في الحلف الأطلسي ربطت بروسيا، وتحذير من «خدمات استخباراتية للخطر الصيني المتزايد». وحذر تقرير فريق خبراء «الناتو» الذي تقوده وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت، من أن اعتداء عبر القرصنة الإلكترونية على دول في «الناتو» أو على قيادة الحلف، ستؤدي إلى تدخل عسكري للحلف، لافتا إلى أن «اعتداء واسعا على قيادة الناتو ونظام المراقبة يمكن أن يقود إلى إجراءات دفاعية وفقا للمادة الخامسة في القانون».. والمادة 5 هي حجر الزاوية في ميثاق حلف شمال الأطلسي عام 1949، التي تنص على أن أي «هجوم مسلح» ضد واحدة أو أكثر من دول حلف شمال الأطلسي «يعتبر هجوما ضدهم جميعا». وهذا هو الوارد في الميثاق الذي تم الاستناد إليه في أعقاب هجمات 11 سبتمبر لتبرير عزل نظام طالبان في أفغانستان. ويدرس حلف شمال الأطلسي الآن كيفية ومبررات الانتقام من أي هجوم على إحدى الدول الأعضاء. ويرى محامو المنظمة العسكرية الدولية أن تأثيرات هجوم الإنترنت يمكن أن تكون مماثلة لهجوم مسلح، ويقول أحدهم ويدعى اينكين تيك «ليست هناك حاجة لإعادة صياغة المعاهدات القائمة، والهجمات السيبرانية على شبكات الكهرباء في بلد ما أو البنية التحتية الحيوية قد يؤدي إلى سقوط ضحايا وتدمير، مماثلة لهجوم عسكري»، ويبحث رؤساء حكومات حلف شمال الأطلسي احتمال استخدام القوة العسكرية ردا على الهجمات السيبرانية في قمة تعقد في لشبونة في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي وتبحث في مستقبل الحلف.

ويوجه البعض أصابع الاتهام إلى قراصنة من روسيا والصين في تنفيذ هجمات عبر الإنترنت، وألقي باللوم على قراصنة من روسيا كانوا وراء شن هجوم ضد إستونيا في أبريل (نيسان) ومايو (أيار) من عام 2007 التي شلت الحكومة ووسائل الإعلام والاتصالات المصرفية ومواقع الإنترنت. وهاجموا أيضا أنظمة الكومبيوتر الجورجية خلال الغزو الروسي لجورجيا في أغسطس (آب) 2008 مما أدى إلى انهيار شبكات الدفاع الجوي ونظم الاتصالات السلكية واللاسلكية التابعة للرئيس والحكومة والبنوك. وحذر بعض الخبراء من أنه غالبا ما يكون من الصعب تحديد تدخل الحكومات. والكثير من الهجمات الروسية، على سبيل المثال، ألقي باللوم فيها على المافيا الروسية، وذلك في وقت يرفض فيه الكرملين على الدوام التوقيع على المعاهدة الدولية لحظر جريمة الإنترنت.

وموضوع مواجهة الهجمات عبر الإنترنت وخطرها على الدول الأعضاء هو موضوع قديم جديد من وجهة نظر الكثير من المراقبين في بروكسل حيث مقر «الناتو» وسبق أن قال مسؤول كبير في حلف شمال الأطلسي (الناتو) إن الأخير يتعامل مع خطر اندلاع حرب عبر الإنترنت (سايبر) بجدية تماثل تصديه لخطر هجوم صاروخي. وشارك «الناتو» في مؤتمر الجرائم الإلكترونية، الذي انعقد قبل عامين في لندن، وأكدت الأطراف المشاركة فيه أن التجسس الإلكتروني والإرهاب عبر الإنترنت يمثلان الآن أخطر التهديدات التي تحدق بالأمن الدولي. ونقلت وسائل الإعلام المختلفة في ذلك الوقت عن الشخص المسؤول عن حماية «الناتو» من الهجمات عبر الكومبيوتر قوله إن مسألة الدفاع عبر شبكة الإنترنت تناقش حاليا على أعلى المستويات إلى جانب الدفاع الصاروخي وأمن الطاقة. وأضاف «لقد شاهدنا أمثلة كثيرة من تلك الهجمات ولا نعتقد أن هذه المشكلة ستختفي قريبا». وأبلغ المسؤول الأطلسي، الذي يترأس مركز حوادث الكومبيوتر التابع لحلف الناتو، المؤتمر بأن تكلفة هجمات التقنية العالية على نظم الاتصالات الحكومية تتراجع بينما قد يكبر حجم الضرر الناجم عنها. وحسب تقارير إعلامية أوروبية متعددة، من أهم التهديدات الإرهاب عبر الإنترنت، حيث تبذل محاولات لإغلاق شبكات اتصال إلكترونية أو استخدام الإنترنت لشن هجوم على مؤسسات رسمية.