أوباما: وصلتنا الرسالة وعلينا الإصغاء للناخبين

دعا لاجتماع مع قادة الحزبين يوم 18 نوفمبر.. وقد يلجأ لحق «الفيتو» لتمرير بعض التشريعات

هنديان يسيران قرب صورة كبيرة لأوباما خارج «المركز الأميركي في نيودلهي» أمس، قبل يومين من وصول الرئيس الأميركي إلى الهند في إطار جولة آسيوية (أ.ف.ب)
TT

اجتمع الرئيس الأميركي باراك أوباما بأعضاء حكومته أمس ليقول لوزرائه «إن الوقت قد حان للإصغاء إلى الناخب الأميركي»، وذلك بعد أن هزم الديمقراطيون في مجلس النواب الأميركية وتراجعت أغلبيتهم في مجلس الشيوخ في انتخابات الثلاثاء الماضي.

ويعمل أوباما على إقناع الشعب الأميركي بأنه استمع لآرائه بعد أن قضى الأسابيع الماضية يتجول في الولايات المختلفة من أجل كسب الأصوات لصالح الحزب الديمقراطي. إلا أن خسارة الديمقراطيين أغلبيتهم في مجلس النواب وتقليص أغلبيتهم في مجلس الشيوخ دليل على أن الناخبين أرادوا إرسال رسالة أقوى إلى أوباما بعدم رضاهم عن سياسات واشنطن خاصة تلك التي تتعلق بالاقتصاد.

وقال أوباما في تصريحات بعد اجتماع وزاري في البيت الأبيض صباح أمس: «لقد اجتمعت مع حكومتي وموظفي الأساسيين لإبلاغهم أن علينا الإصغاء إلى رسالة الناخبين وأن نبذل جهودا خالصة ومتواصلة لتغيير طريقة عمل واشنطن»، داعيا إلى تخطي الصراعات السياسية. وأضاف: «من الواضح أن الناخبين أرسلوا لنا رسالة مفادها أنهم يريدون منا أن نركز على الاقتصاد والوظائف ودفع هذا البلد إلى الأمام». وتابع: «إنهم حريصون على عدم تبذير أموال دافعي الضرائب ويريدون تغيير النبرة هنا في واشنطن ليجتمع الحزبان للتركيز على أعمال الشعب بدلا من السعي للحصول على النقاط السياسية».

وأعلن أوباما من جهة أخرى، أنه دعا قادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلسي الكونغرس إلى البيت الأبيض في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لبحث الأجندة التشريعية للفترة المقبلة. ويذكر أن الكونغرس سيكون في حالة «بطة عرجاء» من الآن وحتى يناير (كانون الثاني) المقبل حيث تعقد الدورة الجديدة بالأعضاء الجدد. ويهدف أوباما إلى تمرير بعض التشريعات في هذه الفترة الانتقالية، منها تمديد الإعفاءات الضريبية للطبقة الوسطى الأميركية والمصادقة على معاهدة «ستارت» النووية مع روسية.

وأوضح البروفسور ديفيد لوبلين أستاذ السياسة الأميركية في الجامعة الأميركية أن نتائج انتخابات الكونغرس أدت إلى «استقطاب الساحة السياسية الأميركية، فالمعتدلون من الحزبين خسروا وكانت أكبر خسارة للمعتدلين الديمقراطيين». وأضاف لوبلين: «لا شك أن هذه الانتخابات جعلت الجمهوريين أكثر تحفظا وهذه الظواهر ستستمر»، خاصة مع الاستعداد لانتخابات الرئاسة التي ستتزامن مع انتخابات الكونغرس المقبلة عام 2012. ومع ظهور حركة «حفل الشاي» وقدرتها على جذب الناخبين، يجد الحزب الجمهوري نفسه مضطرا لإظهار ميوله اليمينية المتشددة لإرضاء الحركة المتحالفة معه.

وهناك توقعات بوقوع مواجهات عدة بين إدارة أوباما والجمهوريين في الكونغرس في إصدار التشريعات المختلفة، ولكن في الوقت نفسه هناك عقبات عدة أمام قدرة الجمهوريين لفرض أجندتهم، منها سيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ بالإضافة إلى قدرة أوباما على استخدام حق النقض (الفيتو) لأي تشريعات من الكونغرس. وعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي عادة ما يمتنع عن استخدام «الفيتو» لأسباب سياسية وقانونية، فإن هذا الحق موجود. ويمكن لأوباما بهذه الطريقة إشهار هذا السلاح داخل مجلس النواب، فمجرد التهديد باللجوء إلى الفيتو يكفي لدفع النواب إلى التفكير مليا في أي قانون قبل التصويت عليه.

وينص البند الأول من الدستور الأميركي على صلاحية الرئيس في رد مشروع قانون تمت المصادقة عليه في غرفتي الكونغرس، مرفقا باعتراضاته. وإذا ما صوت مجلسا النواب والشيوخ مجددا لصالح القانون بأكثرية الثلثين، فيتوجب عندها على الرئيس المصادقة عليه. وعادة ما يكون من الصعب الحصول على موافقة الثلثين مع الانقسام بين الحزبين.

وبحسب معهد «مشروع الرئاسة الأميركي» التابع لجامعة كاليفورنيا قلما استطاع قانون في الكونغرس جمع غالبية مؤيدة مماثلة، فمن أصل نحو 2500 نقض مارسه الرؤساء السابقون منذ باكورتهم جورج واشنطن، فقط نحو مائة قانون واجهت نقضا رئاسيا أعاد الكونغرس المصادقة عليها. إلا أن هذه المغامرة الخاسرة مر بها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش أربع مرات من أصل 12 نقضا أصدرها خلال ولايته الرئاسية بين عامي 2001 و2009، وغالبية هذه الردود حصلت بعد فوز المعارضة الديمقراطية بالانتخابات التشريعية عام 2006. وعارض بوش بنجاح قوانين تم التصويت عليها في الكونغرس تتعلق بالأبحاث العامة حول الخلايا الجذعية الجنينية. واستخدم باراك أوباما مرتين سلاح النقض منذ بداية ولايته في يناير (كانون الثاني) 2009 لكن لأسباب متعلقة بالإجراءات التشريعية لا علاقة لها بأي منازعات داخل الكونغرس.

وشرح البروفسور ديفيد لوبلين، وهو أستاذ في العلوم السياسية الأميركية في الجامعة الأميركية، أن «الرئيس يستطيع استخدام حق الفيتو وخاصة في حال حاول الجمهوريين عكس قوانين تم إصدارها سابقا مثل قانون إصلاح نظام الرعاية الصحية». وأضاف لوبلين أن «الرئيس ربما سيريد إظهار خلافات بينه وبين الجمهوريين من أجل إقناع حزبه والناخبين المؤيدين للديمقراطيين أهمية التصويت لصالحه في الانتخابات المقبلة».

ومنذ صدور نتائج الانتخابات النصفية مساء الثلاثاء الماضي، بدأت الاستعدادات لانتخابات عام 2012. وركز رئيس الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل على هذه المسألة أمس، مؤكدا أن الهدف الرئيسي للجمهوريين سيكون حرمان أوباما من ولاية جديدة في البيت الأبيض. وقال ماكونيل في خطاب في معهد «هيرتيج» المحافظ: «خلال الأسبوع الماضي، اعتبر البعض أنه من غير الملائم أن اقترح أن أولويتنا السياسية الأولى خلال السنتين المقبلتين يجب أن تكون حرمان الرئيس أوباما من ولاية ثانية، ولكن الواقع هو إذا كانت أهدافنا التشريعية الأولى هي عكس واستبدال قانون (إصلاح نظام) الرعاية الصحية ووقف المعونات للبنوك والحد من الإنفاق وتقليص حجم الحكومة، الطريقة الوحيدة لفعل كل هذا هو وضع شخص في البيت الأبيض لن ينقض أيا من هذه القضايا». وأضاف: «يمكننا أن نأمل بأن الرئيس سيصغي إلى الناخبين بعد انتخابات الثلاثاء ولكن لا يمكننا الاعتماد على ذلك».

ولفت ماكونيل إلى أن بعض الديمقراطيين قد يعملون مع الجمهوريين في مجلس الشيوخ من أجل ضمان انتخابهم في انتخابات عام 2012. واعتبر ماكونيل: «أظن أكثر الأمور أهمية لمراقبتها هي كيف سيصوت الديمقراطيون معنا». إلا أن لوبلين توقع ظهور خلافات أكثر بين الحزبين بدلا من تعاون الديمقراطيين مع الجمهوريين، مثلما يرغب ماكونيل. وقال لوبلين: «ستكون هناك خلافات واضحة وهذا أمر من مصلحة البلاد لأنه سيدفع باتجاه نقاش جدي وعام للقضايا الأساسية».