حركة «حفل الشاي» تواجه أزمة هوية بعد دخولها الكونغرس

بنت سمعتها على ازدراء المؤسسة السياسية.. والآن صارت جزءا منها

TT

أشار إعلان عضو مجلس النواب الأميركي ميشيل باتشمان، أول من أمس، عن سعيها للحصول على موقع القيادة في المجلس بشكل قوي وواضح، إلى أنها تأمل في تأمين موقع بارز لحركة «حفل الشاي» داخل الكونغرس. ولكن هذا الخبر بدا أيضا متناقضا مع تعريف حركة «حفل الشاي»: تلك الظاهرة الدخيلة والمناهضة للحكومة التي هزت أركان الحزب الديمقراطي هذا العام وساعدت في الإطاحة بعشرات المسؤولين في شتى أنحاء الولايات المتحدة. وبصفتها مؤسسة لتكتل حركة «حفل الشاي» في مجلس النواب ونائبة مفضلة للحركة المحافظة، تبنت باتشمان، النائبة السابقة عن الحزب الجمهوري بولاية مينيسوتا لدورتين برلمانيتين، هذه الصورة الدخيلة.

ونتيجة لذلك، ألقت محاولتها لتكون زعيمة المؤتمر المقبل للحزب الجمهوري، (الترتيب الرابع في سلم القيادة)، الضوء على مسألة كيف سيحقق الأعضاء الجدد في مجلسي النواب والشيوخ، الذين فازوا في الانتخابات التشريعية التي جرت يوم الثلاثاء الماضي تحت لواء حركة «حفل الشاي»، الانتقال من خارج الحزب الجمهوري إلى الداخل، ومن انتقاد السياسة إلى صنعها، ومن معارضة الحكومة إلى أن يصبحوا جزءا منها.

وحققت الحركة ثلاثة مكاسب كبيرة في مجلس الشيوخ، بفوز راند بول في ولاية كنتاكي وماركو روبيو في ولاية فلوريدا وبات تومي في ولاية بنسلفانيا، وما يصل إلى 60 من أصل 83 عضوا جديدا من الجمهوريين سيدخلون إلى مجلس النواب في يناير (كانون الثاني) المقبل. وكان هؤلاء الأعضاء قد تعهدوا جميعا بإسقاط المنظومة القائمة في واشنطن بدرجة أو بأخرى، من خلال تخفيض الضرائب وإلغاء إصلاحات نظام الرعاية الصحية وتقليص دور الحكومة.

وفي يناير المقبل، سيأخذ هؤلاء النواب مواقعهم بين آلاف من الموظفين الحكوميين الآخرين في واشنطن. ولا يتعين على هذه الفئة الجديدة من المشرعين أن توفق بين دورها الجديد وخطاباتها فحسب، ولكنه يجب عليها أيضا أن تحسب كيف يمكن أن تضع هذه الخطابات موضع التنفيذ داخل مؤسسة وحزب سياسي كانا موضع ازدرائهم.

ويمكن أن يفاقم قادة حركة «حفل الشاي»، مثل باتشمان، من هذا التوتر عبر التسبب في حدوث نزاع محتمل بين الحركة وكبار قادة الحزب الجمهوري في مجلس النواب. وجاءت محاولة باتشمان لشغل موقع زعيمة المؤتمر بعدما صادق إريك كانتور، زعيم الأقلية في مجلس النواب وعضو المجلس عن ولاية فيرجينيا (الذي يحتمل أن يصبح زعيم الأغلبية المقبل) على ترشيح النائب جيب هينسارلينغ (عضو مجلس النواب الجمهوري عن ولاية تكساس) لهذا المنصب. ويملك هينسارلينغ واحدا من أكثر سجلات التصويت المحافظة في الكونغرس، ولكنه لا يملك هذا الارتباط الوثيق بحركة «حفل الشاي» الذي تملكه باتشمان.

وحتى في ظل السيناريو غير المحتمل لفوز باتشمان بهذا المنصب، فإنها لا تملك تفوقا أو أسبقية أو قاعدة شعبية كبيرة بين زملائها، وسوف يبدو التملق والمقايضة التي ترتبط بأي عمل لقيادة الحزب بمثابة لعنة لأخلاقيات الصفاء وعدم تقديم التنازلات التي تبنتها حركة «حفل الشاي».

وبدلا من ذلك، استمر الأعضاء المنتخبون داخل حركة «حفل الشاي» في الحديث عن الأمور التي لن يتساهلوا فيها. ومنذ الإعلان عن انتصاره، كرر راند بول معارضته لزيادات الضرائب والنفقات الفيدرالية ومسودات قوانين تغطي ألف صفحة.

وأقام ماركو روبيو حملته الانتخابية على الفكرة الموثوقة دائما وهي أن «واشنطن متعثرة»، ولكنه لم يوضح هذه الفكرة بتفاصيل أكبر وما ينوي فعله الآن بعد أن أصبح في موقع يساعده على إصلاح هذا الوضع.

وقال تيم سكوت، عضو مجلس النواب المنتخب لولاية ساوث كارولينا الساحلية إنه لا يعتقد أن الصراع مع القادة الجمهوريين سوف يكون ضروريا، لأنه يعتقد أنهم سيكونون مستعدين أيضا للالتزام بمبادئ الحكومة المحدودة التي تنادي بها حركة «حفل الشاي».

وقالت ريني إلمرز، العضو المنتخب حديثا عن ولاية نورث كارولينا، إنها وأعضاء حركة «حفل الشاي» الآخرين سوف يعملون كمراقبين لضمان التزام سياسات الحزب بأولويات الحركة. ولكن في الوقت الذي سيضع فيه القادمون الجدد المؤسسة الحاكمة نصب أعينهم، فإن أعضاء حركة «حفل الشاي» الذين انتخبوهم سوف يركزون أنظارهم عليهم.

وتخطط مجموعة قليلة من الجماعات الوطنية، بما في ذلك منظمة «فريدوم ويركس» و«محبي حركة (حفل الشاي)» لتوجيه اهتمام وثيق بشكل أكبر للطريقة التي يصوت بها الكونغرس الجديد وأعضاؤه الجدد. ويخاطر الأشخاص الذين لا يتبعون مبادئ الحكومة المحدودة والضرائب المنخفضة بمواجهة تحديات أساسية في الانتخابات التالية؛ حسب ما ذكر منظمون.

وفي مجلس الشيوخ، من الوارد أن يصبح تأثير حركة «حفل الشاي» خافتا بشكل أكبر. وعلى الرغم من أن كل القادمين الجدد الجمهوريين الستة قد حصلوا على بعض من الدعم والتأييد من جماعات حركة «حفل الشاي»، فإنه لم يحقق اثنان من النجوم البارزين في الحركة، وهما شارون أنغيل في ولاية نيفادا وكريستين أو دونيل في ولاية ديلاوير، الفوز في انتخابات الثلاثاء الماضي. وبدا نجم ثالث هو جو ميلر من ولاية ألاسكا أنه يتجه إلى الخسارة في مواجهة المرشحة ليزا موكوفسكي، عضو مجلس النواب عن الحزب الجمهوري.

وكان التوتر بين الدخلاء والقدماء واضحا في انتصار حزب بول بمدينة بولينغ غرين. وعند رؤية المشهد من المسرح أمام الغرفة، كان يمكن وصفه بمثل أي أداء للحزب الجمهوري في أي عام انتخابي. فقد كان هناك سياسي يرتدي بدلة سوداء يخاطب أنصارا يرتدون بدلات سوداء اللون، وبأنه سيعود إلى واشنطن من أجل تناول «قضايا خطيرة تواجه الولايات المتحدة».

وفي مؤخرة الغرفة، كان هناك البعض من نشطاء حركة «حفل الشاي» الذين كان يمكنهم فعل الكثير من العمل لاختيار عضو جديد بمجلس الشيوخ، يرتشفون المشروبات ويجلسون منعزلين مع أنفسهم. وكان اثنان منهم يرتديان اثنين من الـ«تي شيرت» مكتوب عليهما «لا تطأ علينا»، وكانت هذه الـ«تي شيرتات» تستخدم بكثرة في مسيرات حركة «حفل الشاي». ووصل أحد النشطاء مرتديا قميصا مرسوما عليه العلم الأميركي. وكان هؤلاء النشطاء ينصتون بصعوبة من أجل سماع بعضهم بعضا في ظل تشغيل الموسيقى الصاخبة. ولم يتوافق هؤلاء النشطاء، وكانت هذه هي النقطة المهمة بشكل دقيق.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»