الجزائر: جدل في محكمة الجنايات حول «جنون» عائد من معتقل غوانتانامو

جراء عدم اعتراف القاضي بخبرة طبية تفيد ذلك

TT

فتحت محكمة الجنايات بالعاصمة الجزائرية أمس، ملف شاب رحلته السلطات الأميركية من معتقل غوانتانامو في 2008. وعرفت المحاكمة ملاسنة حادة بين دفاع المتهم وهيئة المحكمة، بسبب رفض القاضي، رئيس جلسة المحاكمة الاعتراف بـ«جنون المتهم».

ووضع دفاع سفيان حدرباش بين يدي القاضي نتائج خبرة عقلية خضع لها الشاب الذي يبلغ من العمر 28 سنة، مكتوب فيها أنه «مصاب بمرض عقلي عبارة عن ذهان فصامي من نوع البارانويا». لكن القاضي رفض الحديث عن أي «جنون» أصاب حدرباش، تفاديا لأي طلب بتبرئته من تهمتي «الانتماء إلى جماعة إرهابية في الخارج» و«التزوير واستعمال المزوَر».

وقال القاضي لمحاميتين ترافعتا لصالح حدرباش: «لست مطالبا بإدارة الملف بطريقة اجتماعية. هناك (يقصد معتقل غوانتانامو) يلقون (المساجين الجزائريين) معاملة قاسية، وعندما يعودون يطلب منا أن نرأف بهم». وفهمت أسرة حدرباش كلام القاضي على أنه مؤشر على حكم قاس. وانتظر الدفاع والمهتمون بالقضية بدء المحاكمة حتى آخر النهار، وظل حدرباش في سجن المحكمة يترقب أن ينادى عليه ليحاكم دون جدوى.

وتواصل الجدل بين القاضي المعروف في الأوساط القانونية بصرامته، والدفاع الذي صرح بأن حدرباش طلب من محام أميركي يدعى توماس دوركين الحضور للدفاع عنه «لكنه قدَر أن عدم إلمامه بالتشريع الجزائري وعدم إتقانه اللغة العربية سيجعلانه غير مفيد للمتهم بشيء».

وقال الدفاع إن قاضي التحقيق «كان بإمكانه إسقاط المتابعة عن المتهم عندما قرأ الخبرة العقلية التي تحدثت عن إصابة حدرباش بمرض عقلي لكنه لم يفعل». يشار إلى أن حدرباش مكث بمستشفى الأمراض العقلية «فرانز فانون» بالبليدة (50 كلم جنوب العاصمة) مدة 7 أشهر.

وظهر على جبهة سفيان جرح عميق، وفي خده الأيمن خدوش عميقة أيضا. وقد أصيب في 2001 بجروح خطيرة في رأسه أثناء قصف جوي للقوات الأميركية على كابل، التي أقام فيها مدة قصيرة. ونقل إلى المستشفى بإسلام آباد حيث خضع لعملية جراحية، وتم ترحيله إلى غوانتانامو في 2008 بعد فترة من الاعتقال بقاعدة باغرام الأميركية في أفغانستان.

والتقت «الشرق الأوسط» حدرباش، واسمه الحركي «هواري»، في بيته بعد عودته من غوانتانامو، حيث بدا متعبا نفسيا وظل يردد: «لقد عاملونا معاملة جيدة هناك (المعتقل) أما هنا (الجزائر) فكانت كل الإجراءات القانونية سليمة»، يقصد أن التحقيق الذي خضع له كان مطابقا للقانون.

وغادر سفيان أو «هواري»، الجزائر في 1999 متوجها إلى فرنسا بحثا عن عمل. وتنقل بوثائق مزورة إلى بريطانيا حيث تعرف على باكستانيين في أحد مساجد لندن، نصحوه بالسفر إلى بيشاور طلبا للعلم الشرعي، ومنها تنقل إلى أفغانستان التي بقي فيها فترة قصيرة. ويقول المحققون الأميركيون إنه تدرب على السلاح أيضا.