الممثل الأوروبي الخاص: مسار السلام يشبه من قاد حصانا إلى النبع .. ولم يجبره على الشرب

مارك أوت لـ«الشرق الأوسط»: يجب استخدام «العصا والجزرة» لإيجاد حل في الشرق الأوسط

مارك أوت الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لمسار السلام في الشرق الأوسط (أ.ف.ب)
TT

قال مارك أوت الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لمسار السلام في الشرق الأوسط إن المسار يشبه «من قاد حصانا إلى نبع الماء.. ولم يجبره على الشرب». واعتبر أوت في حوار مع «الشرق الأوسط» على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي انعقد في مدينة مراكش المغربية أن «المسار الذي استؤنف في 2 سبتمبر (أيلول) الماضي في البيت الأبيض، أطلق بشكل خاطئ من البداية لأنه لم يتم نزع فرضية تمديد تجميد بناء المستوطنات الإسرائيلية كشرط».. وقال أوت «إن المجتمع الدولي، والولايات المتحدة بشكل خاص قدموا وعودا، وخاصة للفلسطينيين حول تجميد الاستيطان الإسرائيلي مما وضع «عصيا في دواليب المفاوضات».. و جعل الوضع في رأيه أشبه «بمن انطلق في رحلة بسيارة ليس فيها وقود!». واعترف أوت بأن «الاستيطان الإسرائيلي ليس فقط عائقا لنجاح مفاوضات السلام فقط، بل هو غير شرعي بالنسبة للقانون الدولي».. وأن الاتحاد الأوروبي سبق «أن أدانه أكثر من مرة». وأعتبر أوت مطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرورة اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية «مناورة سياسية». وأكد أوت على ضرورة استعمال سياسة «العصا والجزرة» لتحقيق السلام في الشرق الأوسط عبر «إيجاد صيغة مناسبة تجمع بين الضغط على طرفي النزاع وتشجيعهما في نفس الوقت».. واعترف بتخوف أوروبا من تبعات عدم تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وأكد على أنه «إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام في المنطقة، فالمتطرفون هم الرابح الأكبر».. إلى نص الحوار:

* ما تقييمكم الحالي لمسار السلام في الشرق الأوسط؟

- نحن في حالة انسداد مألوفة جدا إذا شئت. وهنا أسباب عدة لهذا الوضع. أحدها هو أن المسار، أطلق مرة أخرى بشكل سيئ وعلى أسس ترتكز على ضبابية مواقف ونيات الأطراف المعنية، وعلى أساس أن الوضع الداخلي في الجانب الفلسطيني كما في الجانب الإسرائيلي لا يساعد كثيرا لجعل موقف الطرفين أكثر مرونة. والمجتمع الدولي لم يوفق في فرض نسق، والولايات المتحدة بشكل خاص لم تفرض قاعدة سير تمنع التوقف إذا ما اعترض المسار أي مانع.

* تقولون إن المسار أطلق بشكل سيئ.. من قبل من؟

- أنا أتحدث هنا عن المسار الذي بدأ في 2 سبتمبر (أيلول) الماضي في البيت الأبيض. وقد كان المسار أطلق بشكل خاطئ من البداية لأنه لم يتم نزع فرضية تمديد تجميد بناء المستوطنات الإسرائيلية كشرط. الفلسطينيون يقولون دائما إنهم لن يستطيعوا مواصلة التفاوض إذا لم يتم وقف الاستيطان الإسرائيلي، ولم تكن هناك ضمانات في بداية الشهر لما سيحصل في نهايته.. وهذا ما أسميه الانطلاقة السيئة. وكل طرف تشبث بموقفه، والمجتمع الدولي، والولايات المتحدة بشكل خاص قدموا وعودا، وخاصة للفلسطينيين حول تجميد الاستيطان الإسرائيلي، وبالتالي فالمجتمع الدولي والولايات المتحدة بشكل خاص لم يلعبوا دور المحفز الذي كنا نأمله، ولأنها وضعت العصي في الدواليب.

* الولايات المتحدة وضعت عصيا في دواليب مسار السلام؟! - لم تضع عصيا في دواليب المسار، ولكنها خلقت عائقا، أو جعلت الوضع أشبه بمن انطلق في رحلة بسيارة ليس فيها وقود!

* إذ مضينا في نفس التشبيهات المجازية فهناك من يقول بأن إسرائيل تسير، ومن دون حتى رخصة قانونية، وتخرق القوانين، وتسير في الطرق الذي تريده وبحرية ولا أحد يستطيع إيقافها؟

- هذا واقع ميزان القوة.. وصحيح أيضا إن الموقف كان، ومن دون شك، صعب بالنسبة للإدارة الأميركية قبل انتخابات التجديد النصفي (الحوار أجري قبلها) الظهور بأنها تمارس الضغوط على إسرائيل، وهذا واقع سياسي أميركي. والجانب الآخر هو أن إحدى المشكلات الفعلية فيما يخص مدى صلابة المفاوضات، هو ضرورة عدم إضعاف الجهة الأضعف أصلا، وهذا لن يدفعها إلى الانفتاح أكثر في مواقفها، ولكن هذا هو ما حصل.

* يعني، تعتقدون أن الولايات المتحدة تضع ضغطا أكبر على الجانب الأضعف في ميزان القوة الحالي (وهم الفلسطينيون)؟

- لا أتحدث فقط عن الولايات المتحدة، بل أقصد المجتمع الدولي.

* بما فيه الاتحاد الأوروبي؟

- لنقل المجتمع الدولي.. الذي يعني الاتحاد الأوروبي وروسيا أيضا، وأيضا الدول العربية، التي لم تطمئن الفلسطينيين عشية المفاوضات بأن أبسط شروطهم سيتم تحقيقها. وأنا لا أقول هنا إنه لم تكن هناك إرادة حقيقية أو نية سيئة، فالجميع يريد تحقيق شيء واحد، ولكن هناك خلل في الوسائل.

* ما دور الاتحاد الأوروبي في المسار.. ففي قراءة بين سطور كلامك يبدو واضحا أن هناك اعترافا أو تسليما بأنه في الحقيقة فإن الولايات المتحدة هي المقرر الفعلي والحاسم في مسار السلام؟

- لا، لا!.. ما نعترف به وما يعترف به الجميع سواء الدول العربية، أو الاتحاد الأوروبي أو روسيا والآخرين هو ضرورة أن تكون الولايات المتحدة منخرطة في المسار. ولا يمكن قول هذا، والرغبة في شيء آخر. وببساطة يجب تشجيع الولايات المتحدة على تبني أسلوب يسمح بأن تكون فرص نجاح المفاوضات هي الأمثل. ولكن هناك مشكلات مع الأطراف المتفاوضة، فالحكومة الإسرائيلية الحالية لم تظهر انفتاحا كبيرا.. وبالنسبة للفلسطينيين فإن الانقسامات الداخلية بين فتح وحماس هي عائق كذلك. وبالتالي فنحن في وضع بحاجة لتدخل دولي قوي لأن طرفي المفاوضات ليسا مستعدين أو ليس من مصلحتهما حاليا أن يبديا مرونة كبيرة.

* ولكن الكثير من الملاحظين المحايدين يرون أن إسرائيل هي في الحقيقة التي لا تبدي مرونة ولا تقدم تنازلات وتواصل بناء المستوطنات؟

- من الواضح أن مواصلة الاستيطان عائق حقيقي وقلنا ذلك دائما وموقف الاتحاد الأوروبي واضح في هذا الصدد.

* وأنتم تدينونه في الاتحاد الأوروبي؟

- الاستيطان ليس فقط عائقا لنجاح مفاوضات السلام فقط، بل هو غير شرعي بالنسبة للقانون الدولي.

* وأنتم تدينونه (الاستيطان)؟

- نعم ولقد أدناه كم من مرة في تصريحاتنا. والسؤال هنا ببساطة أنه إذا كانت الشروط غير متوفرة، فالوضع يشبه تماما من قاد حصانا إلى نبع الماء ولم يجبره على الشرب!. وأعتقد أن أهم شيء لكل طرف هو إعادة النظر في مسودته للتفاوض والنظر في الشروط وفي كيفية إظهار كل طرف من طرفي التفاوض موقفه فقط، إنما مرونة ما. ثم لم يكن هناك وقت كاف، وبالتالي لم يكن لنا فرصة لاختبار مرونة الطرفين.

* هناك من يقول (ربما إجماع عالمي) على أن الإسرائيليين يعرفون أنه إذا كان هناك طرف قادر على ممارسة ضغط حقيقي عليهم لتقديم تنازلات، فهو الولايات المتحدة وليس الأوروبيين؟

- أعتقد أنه في مثل هذه الحالات المتأزمة فالأمر يتطلب الضغط والتشجيع في نفس الوقت. ويجب إيجاد المقدار المناسب بين الضغط والتشجيع. فلا يمكن مثلا أن نضع طرفا في الزاوية وإلا فسيقاوم.. بل يجب عليك تشجيعه.. وهكذا فيجب إيجاد صيغة مناسبة وجيدة تجمع بين بعض الضغط وبعض التشجيع.

* في هذا الصدد ربما هناك من يقول إن الاتحاد الأوروبي على الأقل حاول ممارسة بعض الضغط الاقتصادي على إسرائيل في موضوع حظر تسويق منتجات المستوطنات الإسرائيلية.. ولكن بإمكان الاتحاد الأوروبي القيام بأشياء أخرى أفضل؟

- أعتقد أنه بإمكان الجميع القيام بأشياء أفضل وأكثر وهي مسؤولية جماعية. وأنا أتفق مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، الذي يقول إنه يجب أن يكون هناك جهد مشترك يذهب في اتجاه واحد.. وإذن يجب إيجاد الصيغة المناسبة.. وأنا لا أقول إن الأشياء ستتحطم بسهولة. ولكن الجميع يبدو أنه ينتظر إلى ما بعد انتخابات التجديد النصفي في أميركا، لكي تركز الإدارة الأميركية على القضايا الخارجية.

* ولكن ألا ترون أن حكاية ربط مسار السلام دائما بالمواعيد الانتخابية الأميركية فقدت طعمها وقيمتها.. فقبل عامين كانت هناك الانتخابات الرئاسية الأميركية.. وأن إسرائيل دائما هي الرابحة في الموضوع.. فهي تفعل ما تشاء.. تواصل بناء المستوطنات؟

- لا! الانتخابات الرئاسية الأميركية جلبت معها آمالا كبيرة، فخطاب الرئيس أوباما في القاهرة ولد شعورا مغايرا، ويجب رؤية هذه الأشياء تتحقق على أرض الواقع. ونحن أمام نزاع يدوم منذ 60 عاما ولا يمكن حله خلال شهرين.. هذا واضح.

* نعم، النزاع عمره 60 عاما.. ولكن هناك من يؤكد أن المسؤولية التاريخية فيه يتحملها الأوروبيون أكثر من أميركا؟

- إذا أردت أن نرجع إلى التاريخ فتلك قصة أخرى. فعلا أوروبا لها ماض استعماري، خاصة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الولايات المتحدة ليس لها. ولكنني أعتقد أننا تجاوزنا هذا الموضوع وهناك أطر تعاون كبيرة في هذا المجال مثل الاتحاد من أجل المتوسط واتفاقا التعاون وحسن الجوار. وكل هذا ولد واقعا جديدا بين الدول العربية والاتحاد الأوروبي.

* لكن ألا تعتقد أن مشروع الاتحاد من أجل المتوسط ولد ميتا؟

- لا أعتقد ذلك فنحن نجد أنفسنا أمام نفس التعقيدات. والمسألة تتعلق بمقاربة فلسفية أيضا أي: هل من المستحيل إيجاد تعاون ومشاريع مشتركة إذا لم يتم حل كل النزاعات. فإذا كان يجب حل النزاع في الصحراء الغربية والنزاع العربي الإسرائيلي والمصاعب التي تعانيه بعض دول جنوب المتوسط بشكل داخلي فلن نفعل شيئا. وأعتقد أن الأوروبيين حلوا وبشكل جذري خلافاتهم الضاربة في القدم بالتعاون المشترك. فالمجموعة الأوروبية أنشئت في وقت كانت ألمانيا لا تزال محتلة ومقسمة. وأعتقد مرة أخرى أن الأمر مرتبط بالإرادة السياسية وبالزعامة. وأنا هنا لا أريد أن لا أضع بين قوسين النزاع الإسرائيلي العربي أو أدعو إلى نسيانه أو الالتفاف عليه. ولكن هناك ضرورات ملحة لكل شعوب المنطقة وبإمكان كل طرف أن يقدم أضافته.

* بالعودة إلى الموضوع الذي أكدت عليه سابقا وهو ضرورة عدم «إضعاف الطرف الأضعف» في المسار التفاوضي، وهو الجانب الفلسطيني.. ولكن ألا تعتقدون أن هذا هو الذي حصل وما زال يحصل، حيث أدت الضغوط على السلطة الفلسطينية، كما يرى الكثيرون، ليس فقط إلى إضعافها إنما حتى إلى فقدان مصداقيتها سواء فلسطينيا أو عربيا؟

- أعتقد أن الصورة أكثر تباينا من هذا..أعتقد أن الحكومة الفلسطينية زادت مصداقيتها بالانخراط في برنامج بناء المؤسسات وإعادة بعث اقتصادها. ولكن حقا فمن الجانب السياسي، وباعتبار أنها لم تحقق شيئا عبر المفاوضات فقد يدفع ذلك السلطة الفلسطينية إلى تغيير استراتيجيتها..و لكن هذا قرار داخلي فلسطيني وليس قرارا خارجيا.

* ولكن هناك من يرى أن المعطيات الحالية ليست في صالح السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس في الداخل الفلسطيني، وأنها بالعكس في صالح حماس والأطراف الفلسطينية الأخرى التي توصف بالمتطرفة.. ألا تخشون في الاتحاد الأوروبي أنه إذا ما تواصل هذا الوضع فإنه سيزيد السلطة الفلسطينية إضعافا والقوى التي توصف بالمتطرفة قوة؟

- نعم.. وهذا أحد الأسباب الأساسية التي تدفعنا إلى الدفع في اتجاه تحقيق اتفاق سلام. لأنه فعلا فإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام فالمتطرفون هم الرابح. ولا يجب في رأيي اختبار هذا بشكل أطول. كما أننا نشهد نفس الوضع في لبنان وفي مناطق نزاع أخرى. وبالتالي يجب إعطاء الذين يرفضون وسائل بعينها فرصة للنجاح. وإلا فسنعطي الفرصة للذين اختاروا وسائل متطرفة.

* وهناك من يرى أن أوروبا بحكم القرب الجغرافي بالشرق الأوسط (مقارنة بأميركا) هي التي ستتضرر أكبر من أي تدهور فيه.. ما رأيكم؟

- علا هذا متق تماما مع هذا الطرح.. فمن الواضح أن الأوروبيين سيدفعون ثمنا أغلى من أي تدهور في أوضاع الشرق الأوسط.

* باعتباركم المبعوث الأوروبي الخاص للسلام بالشرق الأوسط.. ل تعتقدون أن هناك سياسة أوروبية موحدة في هذا الإطار.. أم أن في الحقيقة كل بلد في الاتحاد الأوروبي له سياسته الخاصة؟

- الدول الأوروبية ليست مجبرة على تبني سياسة واحدة. ونحن نحاول أن تكون لنا سياسة موحدة، وقد حققنا نجاحات حول قضايا، ونجاحات أقل في قضايا أخرى..و هو مسار طويل. وليس هناك في العالم نماذج أخرى لمجموعة دول تسعى بطريقة هيكلية ومنظمة للدفاع عن مصالحها المشتركة.

* هل تعتقدون أنه باعتباركم بلجيكي الجنسية (ولأن بلجيكا ليس لها ماض استعماري في الشرق الأوسط) فإن ذلك يسهل مهمتكم كممثل أوروبي خاص لمسار السلام في الشرق الأوسط؟

- حتى داخل الاتحاد الأوروبي فكل شعب يحافظ على نظرته الخاصة للأشياء. ولكن الاندماج الأوروبي ولد إيمانا بقيم مشتركة وشعورا بالتضامن.. وهذا ما يدفع الأوروبيين إلى العمل سويا.

* هناك مسألة مثيرة للجدل، أوروبا عامل مهم فيها وتلقي بظلالها على الوضع في الشرق الأوسط.. هناك من يرى من الأوروبيين والإسرائيليين والعرب وربما حتى العالم أن الموقف الإسرائيلي «المتصلب» في مسار السلام مرتبط في جزء منه من الشعور الجمعي الإسرائيلي بعدم الأمان والمرتبط بالظلم الذي تعرض له اليهود في أوروبا، والذي بلغ ذروته مع النازيين.. ولكن العرب وفي مقدمتهم الفلسطينيون.. لا مسؤولية لهم في هذا.. وإذا كانت هناك مسؤولية فيتحملها الأوروبيون.. ما رأيكم؟

- أعترف بأن هذا شعور مشترك بين العرب. وفعلا فإن المسؤولية الأوروبية في الهولوكست أساسية. وحتى قبل الهولوكست كان هناك تمييز ومعاداة سامية ضد اليهود مما ولد الحركة الصهيونية، والتي ولدت (بالمناسبة ويا للمفارقة) في أوروبا أيضا، وهي انبثقت من الثقافة الأوروبية للقرن التاسع عشر.. فالصهيونية نوع من أنواع الحركة القومية الخاصة بالشعب اليهودي، وعلى منوال الحركات القومية الأوروبية. والمسؤولية الأوروبية لا يمكن إنكارها، وشعور العرب من هذا الجانب أنا أعترف به، ولكن في نفس الوقت فنحن بدأنا بخيار الدولتين، فالأمم المتحدة هي التي أقرت مبدأ الدولتين، وقد قبل الإسرائيليون بذلك ورفضه العرب آنذاك. ولكن في اعتقادي ليس من المهم إعادة كتابة التاريخ، فالمهم هو أننا أمام هذا الوضع والجميع متفق حول أن الطريقة الأفضل لحل النزاع هو حل الدولتين.

* ولكن هل تتقبلون التبرير الإسرائيلي بأن ما حصل لليهود في أوروبا يجعلهم يحسبون ألف حساب من أجل أمن الدولة العبرية وبعضهم يذهب إلى حد القول بأن تصرفهم مع الفلسطينيين يأتي بمقتضى ذلك؟

- لا ليس كل الإسرائيليين يبررون الأشياء هكذا. فعلا هناك في «السيكولوجية» (النفسية) الإسرائيلية عدم شعور بالأمان من هذا الجانب ولا أحد بإمكانه نفي ذلك. ولكنني أعتقد أن غالبية الإسرائيليين لا يفكرون هكذا.. وعدم حل القضية سيؤثر بشكل أكبر على أمن إسرائيل.. والحل في اعتقادي هو النظر إلى الأمام وليس إلى الوراء.

* رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يشدد ويشترط ضرورة اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة الإسرائيلية.. ما رأيكم؟

- أعتقد أن هذه مناورة سياسية. ومن الواضح جدا أن الأمم المتحدة اعترفت في 1948 بدولة يهودية ودولة عربية، بل دعت إلى تجسيد ذلك. افهم أن الفلسطينيين يقولون إن هذه ليست مشكلتنا..الاعتراف بيهودية إسرائيلي ليست مشكلتنا.. ولا يمكننا القيام بذلك إذا لم يتم الاعتراف بنا كدولة أيضا. وكما يقول ليس الفلسطينيون فقط بل الكثيرون هو أن كل دولة بإمكانها أن تميز نفسها بما تشاء، ويجب ألا تطلب من الآخرين قبول التعريف الذي تضع لنفسها. وأنا أرى أن الهم الأكبر للإسرائيليين ليس الأمن فقط إنما الشرعية أيضا.

* في اعتقادكم ما هي الخطوات العاجلة والفعالة التي يجب اتخاذها الآن لتحقيق اتفاق سلام حقيقي وعادل في الشرق الأوسط؟

- كما كنت أقول من قبل: يجب إيجاد صيغة مناسبة تجمع بين الضغط على طرفي النزاع وتشجيعهم في نفس الوقت.

* العصا والجزرة؟! - العصا والجزرة في صورة أن المجتمع الدولي عليه أن يلعب دوره.. يجب أن يكون هنا تصور مستقبلي لما يحدث بعد توقيع اتفاق سلام. وإعطاء ضمانات للطرفين أنه بعد توقيع السلام فإننا لن نترككم لوحدكم.

* هناك من يرى، في أوروبا، بالذات بل يحذر أن عدم حل النزاع في الشرق الأوسط قد تكون مستقبلا لها تبعات وتأثيرات ليس على السياسات الخارجية في أوروبا فقط، إنما أيضا على السياسات الداخلية أيضا، خاصة للدول التي بها نسبة متزايدة ومعتبرة من المواطنين ذوي الأصول العربية والإسلامية، الذين يرى البعض أنهم قد يتحولون مستقبلا إلى قوة سياسية مؤثرة وفي المقابل هناك أيضا جاليات يهودية؟

- يجب ألا نبالغ!. من الواضح أنه سيكون لذلك تأثير. ولكن الجاليات اليهودية في أوروبا كما الجاليات المسلمة تشارك في الحياة السياسية. وأحب أن أذكرك بأن الجاليات المسلمة في أوروبا ليست كلها عربية.

* ولكن القضية الفلسطينية لا تهم العرب فقط بل تهم المسلمين أيضا؟

- ما أريد أن أقوله هنا هو أن غالبية المسلمين الأوروبيين هم مواطنون أوروبيون جيدون، ويحترمون القانون. وهناك فعلا تأثير سياسي للقضية الفلسطينية وبإمكانه توجيه الطريقة التي ينتخب بها بعض المواطنين الأوروبيين.. هذا واضح. ولكن يجب ألا نعتقد أن شعور الإحباط والغضب حول ما يحدث للفلسطينيين يقتصر على المسلمين فقط في أوروبا. هذا عامل، ولكن يجب عدم المبالغة حوله وجعله ربما شرارة لحرب أهلية أوروبية.. وأنا لا أعتقد ذلك.