آلاف الصحافيين في «بي بي سي» يبدأون إضرابا من 48 ساعة

بسبب الخلاف على خطة التقاعد التي فرضتها سياسة شد الأحزمة

هدد العاملون بالقيام بمزيد من الإجراءات الاحتجاجية في وقت لاحق هذا الشهر وخلال الفترة السابقة لأعياد الميلاد
TT

قد يختلط الأمر عليك إذا كنت ممن يتابعون النشرات الإخبارية المنتظمة على قنوات «هيئة الإذاعة البريطانية - بي بي سي». لكنك ستتفاجأ بأنك ستستمع أو تشاهد برنامجا مختلفا لما اعتدت عليه يوميا.

في صباح أمس اضطرت «بي بي سي» التي تمولها الدولة إلى بث برامج مسجلة على عدد من محطاتها وكان برنامج «توداي» اليومي، أهم نشرة إخبارية تبدأ فيها الهيئة بثها اليومي على محطة «راديو 4»، صباحا كان الضحية الأولى لأول إضرابين للصحافيين العاملين لديها، مدة كل منهما 48 ساعة، للاحتجاج على تغييرات خاصة ببرنامج معاشات التقاعد بالهيئة.

وألغيت البرامج الإخبارية والرئيسية سواء الإذاعية أو التلفزيونية، أو اختصرت، مع إعلان الصحافيين والمراسلين ومقدمي البرامج إضرابهم، في أعقاب تصويت الاتحاد الوطني للصحافيين على القيام بالإضراب.

واضطرت الهيئة لشغل الفراغات الزمنية التي تشغلها البرامج الإخبارية عادة وبرامج القضايا الراهنة، ببرامج مسجلة مسبقا على الشبكتين الإخباريتين المحلية والأجنبية.

الوجوه والأصوات المعروفة الشهيرة، والتي تطل علينا يوميا على شاشات التلفزيون ونسمعها على الراديو، ستكون ضمن الآلاف من أعضاء الاتحاد الوطني للصحافيين المشتركين في هذا الإضراب الذي سيشل نشرات الهيئة الإخبارية على مدى يومين. من هذه الوجوه هيو ادوارد وفيونا بروس وكلاهما يقدم نشرة الساعة العاشرة مساء على القناة الأولى (بي بي سي1) وكذلك مارثا كارني التي تقدم نشرة «نيوز نايت» في العاشرة والنصف مساء على قناة «بي بي سي2». وهؤلاء يتقاضون جميعهم رواتب عالية جدا، ويقال إن فيونا بروس تتقاضى أكثر من نصف مليون جنيه سنويا (750 ألف دولار).

وتريد «بي بي سي» معالجة عجز في برنامج معاشات التقاعد قيمته 1.5 مليار جنيه إسترليني (2.42 مليار دولار) وذلك بتقييد نسبة الزيادة في معاشات التقاعد بنسبة واحد في المائة كحد أقصى بعد أبريل (نيسان)، إلا أن هذا الاقتراح، والذي يتطلب من العاملين زيادة ما يخصصونه من رواتبهم لصندوق المعاشات، رفض من قبل النقابة الصحافيين.

وقال الاتحاد الوطني للصحافيين الذي يمثل 4100 من العاملين في «بي بي سي»، وهي ليست المنظمة النقابية الوحيدة التي تمثل الصحافيين، على لسان أمينها العام جيرمي ديار في مقابلة مع نشرة «بي بي سي» قبل بدء الإضراب في منتصف الليل «اقترحت بي بي سي إلغاء ترتيبات معاشات التقاعد واستبدالها ببرنامج للتقاعد سيؤدي إلى سداد الموظفين مساهمات أكبر والعمل لفترات أطول والحصول على مبالغ أقل عند التقاعد».

وأضاف: «نتيجة لهذا لم يعد أمام أعضاء الاتحاد الوطني للصحافيين خيار سوى الإضراب للدفاع عن مستقبلهم المالي».

لكن وافقت معظم الاتحادات العمالية الأخرى في «بي بي سي» للتعديلات التي طبقت على نظام التقاعد، وقال الاتحاد الوطني للصحافيين إن نسبة العجز في صندوق التقاعد ليس بالضخامة التي تدعيها إدارة الهيئة.

وتستمد «بي بي سي» تمويلها من ضريبة مفروضة على جميع البيوت، وتم فرض قيود على تمويلها في إطار ضغط الحكومة للإنفاق العام بهدف كبح جماح عجز قياسي في الميزانية.

ودافعت إدارة «بي بي سي» عن التغييرات. وقال مارك تومسون مدير عام «بي بي سي» في مقابلة مع القناة الأولى «هذه التغييرات كانت ضرورية للتعامل مع العجز في المعاش الذي يخضع مثله غيره لبرامج أخرى كثيرة إلى أداء الأسواق المالية وحقيقة أن الناس يعيشون لفترات أطول». وأضاف: «لقد أوضحنا أن هذا عرضنا النهائي وأننا لا نستطيع إجراء مزيد من التغييرات دون فرض عبء غير مقبول على دافعي رسوم رخصة» الهيئة.

لكن رد النقابي جيرمي ديار أن ما هو مطروح غير مقبول، مضيفا: «لكننا لا نعارض العمل الإضافي وساعات العمل الطويلة». وهدد العاملون بالقيام بمزيد من الإجراءات الاحتجاجية في وقت لاحق هذا الشهر وخلال الفترة السابقة لأعياد الميلاد.

ومن المقرر تنظيم الإضراب الثاني ويستمر أيضا 48 ساعة يومي 15 و16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

التطورات الحالية بين إدارة «بي بي سي» والعاملين بدأت مع خطة التقشف التي فرضتها الحكومة الائتلافية الجديدة (حزب المحافظين مع حزب الديمقراطيين الأحرار) على الهيئة والتي بدأت بقرار يطالبها بعدم زيادة رسوم الاشتراكات على المواطنين ولمدة عدة سنوات مقبلة، وهذا مما سيقلل من مداخيل الهيئة السنوية.

الاشتراك السنوي لكل بيت يحتوي على جهاز تلفزيوني حدد بـ145.50 جنيه في السنة، وأن هذا الرقم سيستمر على ما هو عليه لست سنوات.

كما طالبت الحكومة من «بي بي سي» أن تقوم بتمويل الخدمة العالمية (بي بي سي وورلد سيرفيس) بنفسها، وهذا ما كانت تقوم به الحكومة من خلال ميزانية وزارة الخارجية.

هذا الوضع الجديد تطلب أن تقوم الهيئة بخطوات تقشفية مثل تسريح بعض العاملين وكذلك إلغاء بعض البرامج والمحطات. كما أن ما طالبت به الحكومة أثار حفيظة الهيئة وسمم العلاقة بين الجهتين، وبدأ كل منهما يهاجم الآخر.

وخلال إحدى المؤتمرات الصحافية في رئاسة الوزراء هاجم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الهيئة على مصاريفها غير الضرورية، وقال إن الهيئة أرسلت 11 صحافيا إلى بروكسل لتغطية ميزانية الاتحاد الأوروبي والتي اتهم فيها كاميرون بأنه تنازل عن المصالح البريطانية وأنه تراجع عن بعض ما وعد به خلال حملته الانتخابية قبل الانتخابات العامة.